في الأردن الإخوان المسلمون قاطعوا الانتخابات، وفي مصر الإخوان في الحكم، ومعارضوهم يعلنون المقاطعة، وفي تركيا، لو قاطع أردوغان واربكان من قبله الانتخابات، لبقي الإسلاميون الأتراك في ملفات النسيان!
سبب المقاطعة في الأصل هو الخشية من عدم توفر الشروط الكافية للنزاهة، وهو موقف احتجاجي وليس عدميا وفق متخذي قرار المقاطعة، لأن المشاركة هي الأصل، وقد يخطىء من يتخذ قرار المقاطعة التقدير، فيندمون ولات ساعة مندم، وثمة سبب آخر للمقاطعة، وهو الخوف من الذهاب إلى صناديق الاقتراع، كي لا ينكشف «زيف» الشعبية المُدعاة، وربما يكون هذا السبب وراء خشية ما يسمى «جبهة الانقاذ» في مصر من الاحتكام للصندوق فينتهي أمرها، قبل أن تقوض حكم الإخوان، وفق ما هو مخطط لها!
في الأردن، عقب مقاطعة الإخوان الشهيرة قبل سنوات، خرج من «الصف» عدد من قادة الإخوان، وانشقوا عن الجماعة، فكان حزب الوسط، وفي المقاطعة الأخيرة برزت مبادرة «زمزم» وهي في مجملها موقف احتجاجي على التنظيم الإخواني، سيتم تحديد مصيره إخوانيا في اجتماع مجلس شورى الجماعة اليوم.
تاريخيا، لم يقاطع إخوان مصر الانتخابات من تلقاء أنفسهم، بل كانوا يدخلونها إما كمستقلين أو تحت عباءة حزب آخر كالعمل والوفد، وكانوا دائما حريصين على المشاركة وهم يعلمون أنهم مستهدفون بالتزوير إبان حكم مبارك، وكان الحكم آنذاك يدفعهم دفعا للمقاطعة وهم يصرون على المشاركة حتى ولو فازوا بمقعد واحد، وهذا شأن الإخوان في بقية البلاد العربية باستثناء الأردن، وربما يعود هذا الأمر إلى كون لافتة الإخوان ظلت مرفوعة في المملكة كجماعة شرعية وقانونية، فيما لوحق التنظيم في كل البلاد العربية، واضطر الإخوان لتأسيس واجهات قانونية بمسميات متعددة، للعمل تحت مظلتها.
اشعر أن المقاطعة مهما كانت، وتحت كل الظروف، أقرب إلى الموقف العبثي منها إلى اي موقف آخر، لأن انسحاب «الأصل» يتيح الفرصة لحلول «بدائل» إسلاموية، أو لحى «بديلة» لا تمثل حقيقية الفكر الأصيل الذي قامت عليه الحركة الإسلامية، فضلا عن أنها تنتج نوعين من الإسلاميين، الأول أقرب إلى التشدد و «التطرف» والثاني مُفرّط ومتساهل إلى حد التماهي مع الوضع القائم، إن لم يكن انتهازيا!
ما يغيب عن إخوان الأردن الآن، أن ثمة من يرى ضرورة لإعادة إنتاج العلاقة التاريخية غير المكتوبة بين الجماعة والدولة، باتجاه إخراج الجماعة من الحلبة بالكامل، والمقاطعة تعزز هذا الخيار، وتفتح المجال أمام تهميشها وربما شقها، وذهاب ريحها بالاختلاف!