قبل أسابيع أقامت وزارة العدل الأمريكية ومكاتب الادعاء العام في ولايات أمريكية دعوى قضائية ضد وكالة ستاندرد آند بورز «إس آند بي» الأمريكية للتصنيف الائتماني بتهمة التضليل والاحتيال في تقييم أوراق مالية مضمونة بقروض عقارية مما أدى إلى تفجر الأزمة المالية العالمية في خريف 2008 .
التهمة التي تركزت في المبالغة في تقييم السندات المرتبطة بقروض عقارية عالية المخاطر خلال الفترة من 2004 إلى 2007 والتلاعب في تقييماتها تضع كل تصنيفات الوكالة في محل شكوك , لكنها في ذات الوقت تعد إنقلابا على نظام مالي ظل سائدا منذ الإنهيار الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي .
لفترة ما شكلت هذه الوكالات , ماردا يخشى من غضبه في كل أنحاء العالم , فتقاريرها ترفع دول وتضع أخرى في الحضيض , إذ تعتبر معالم طريق تحدد اتجاهات المستثمرين كما تحدد مقدار ثقة المؤسسات الدولية في إقتصاديات الدول , وقبل أن تصدر تقاريرها , تحبس دول وشركات وبنوك أنفاسها قبل أن تسقط عليها درجات التصنيف كالمقصلة .
مهمة الوكالات هي تقييم القوة المالية للشركات والكيانات الحكومية ، المحلية منها والخارجية ، وخصوصا قدرتها على تلبية الفائدة ومدفوعات أصل الدين على السندات وغيرها من الديون وتدرس شروط وظروف الديون. .
بعد الأزمة المالية العالمية بدأت الدول متدنية التصنيف والمرعوبة من هذا المارد ، بتفحص تاريخه السيئ ، ومساهمته المباشرة في الايهام الذي قاد الى إندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية وقد أظهرت التحقيقات التي جرت على هامش الأزمة أن بعض هذه الوكالات إضطرت الى إصدار تقييمات تتوافق مع رؤية الزبائن والا كانت ستخسر نشاطها التجاري إن هي أخفقت في منح تقديرات مرتفعة لضمانات الديون المكفولة خصوصا في مسألة الرهون العقارية التي كانت في قلب الأزمة وبينما كان العالم يغرق في أتون الازمة المالية العالمية كان رؤساء اكبر ثلاث وكالات في العالم، وهي ستاندارد اند بورز، وموديز ووكالة فيتش, في أول قائمة المتهمين كمتسببين لأزمة الرهونات العقارية الأمريكية بسبب التصنيفات الخاطئة والمضللة في أكثر الأحيان بصفتها المرجع للقدرة الائتمانية والملاءة المالية للشركات والبنوك والأدوات المالية التي تطرحها، و للدول والحكومات .
خطوة وزارة العدل الأميركية باتجاه وكالة ستاندرد آند بورز يجب أن تقرأ باعتبارها إنقلابا على عالم الإقتصاد الورقي , وقريبا سيكون صدى هذه الخطوة مزلزلا في أنحاء العالم .
بقلم:عصام قضماني.