قطع النواب وكتلهم شوطاً في التوصل إلى صيغ باتت أكثر وضوحاً وواقعية نحو إختيار شخص رئيس الورزاء، بعد أن إستنفذوا الجولة الأولى من المشاورات بوضع المفاهيم والدلالات بدون طرح الأسماء، حتى جاء الوضوح من كتلة الوفاق بعرض إسم د. عبد الله النسور الذي بات الأسم الوحيد المقدم على طاولة المشاورات، وسواء تم الإتفاق عليه وترجيحه، أو تمت الاستعانة بأسماء أخرى، فقد سجلت الوفاق السابقة قبل غيرها من الكتل وهو المطلوب تحديداً ومن مهمة التكليف الجارية.
شعبنا منح ثقته للنواب، كي يكونوا نواباً، وهي مهمة ووظيفة رفيعة المستوى بالمكانة والمضمون، تستحق المباهاة، لا تستكمل مؤسسات الدولة عملها وحمايتها بدون أداء نيابي يقظ ومهني دقيق يتطلب التفرغ والتأني لمن يرغب أن يكون نائباً ناجحاً وفق وعوده أولاً ووفق إنحيازات الناخبين له لأن يكون نائباً يستحق ثقتهم.
لقد قبل الذين شاركوا في العملية الإنتخابية لمجلس النواب، بالخيار الإصلاحي التدريجي المتعدد المراحل، وخارطة الطريق واضحة في هذا المجال، فالتعديلات الدستورية مهمة وهي ليست نهائية، وقانون الإنتخاب ليس مثالياً وهو على جدول الأعمال، والمشاورات الجارية ليست النموذج ولكنها شكل من أشكال المشاركة وصولاً إلى حكومات برلمانية حزبية.
أما الذين إستنكفوا فهم الذين إختاروا حرق المراحل، معتمدين على عاملين هما قوتهم الذاتية المحلية ومساندة قومية ودعم دولي، والعاملان لا يتوفران إلا لحركة سياسية واحدة عابرة للحدود، لا تتوفر للقوى السياسية من الإتجاهات الوطنية والقومية واليسارية، ولذلك على الذين إختاروا الأنحياز نحو الحل التدريجي المتعدد المراحل أن يستوفوا شروط التدرج والخطوات المتلاحقة كي يرسخوا تقاليد محلية وطنية، تسمح ببناء نيابي يحظى بثقة الأردنيين وتحمي مصالحهم وتراكم الخبرات لدى مشرعين ذوي إختصاص، وتسير جنباً إلى جنب مع بناء حزبي مؤهل يأخذ طريقه نحو القوة والجذب والمصداقية.
مؤسسة النيابة، بحاجة للترسيخ والمصداقية، ودورها الوظيفي والمهني، في غاية الأهمية، ولذلك لتكن النيابة في خندق والوزارة في خندق أخر، فالتجارب في العلاقة بين الطرفين ما بين التداخل أو الفصل ليست واحدة، وتحتكم للتجارب الحسية لكل شعب، ولهذا يمكن لمجلس النواب أن يؤدي دوره بدون مشاركة أعضائه بالوزارة بشكل مباشر، مع حق الكتل النيابية أن يكون لها الدور في ترشيح الوزراء من قبلهم، ويبقى دورهم التشريعي قائماً ونافذاً ومحصناً في نفس الوقت، والتداخل ما بين النيابة والوزارة، تسمح ببروز إشكالات معيقة للعمل النيابي وللعمل الحكومي، ليسوا بحاجة لها، ومجلسنا النيابي المنتخب بحاجة لأن يفرض شخصيته النيابية ويؤدي دوره قبل أي مهمة أخرى.