|
|||
لا 27 نائبا في كتلة "وطن" ولا 150 نائبا في البرلمان، ولا أية جهة سياسية لها الحق في الانقلاب على الثوابت الوطنية وهوية الدولة ومصالحها الاستراتيجية العليا. فاللعبة الديموقراطية النيابية تجرى، حصريا، في إطار الثوابت تلك لا خارجها، وإلا فسنكون أمام عملية انقلابية لا عملية سياسية ديموقراطية.
لكن كتلة "وطن" توافقت، كما تسرّب، على استخدام موقعها النيابي واستغلال التطور السياسي الحاصل بالاتجاه نحو تشكيل حكومة برلمانية، بما يثير الهواجس التي تمس بالثوابت الوطنية. وهذا خط أحمر من شأنه أن يودي بالتجربة الديموقراطية كلها، ويضع البلاد أمام انشقاق لا تحمد عقباه
تركز كتلة " وطن" على ملف سحب الجنسيات بالآلاف ـ وهو خطأ ـ من دون أن تلاحظ، بالمقابل، منح الجنسيات بعشرات الآلاف ـ وهو خطيئة ـ وهو ما ينطوي على نزعة للتوطين والتجنيس السياسي. والحل الوطني الديموقراطي لهذه القضية واضح، وذلك من خلال نزع صلاحيات الإدارة في مجال التجنيس وإخضاعها للقانون والقضاء؛ فلو كانت النوايا خالصة، لصار على مجلس النواب، تعديل قانون الجنسية الأردنية لسنة 1954، بحيث يتضمن تعليمات فك الارتباط لسنة 1988، بصورة واضحة دقيقة جلية، وعندها تنتهي صلاحيات الإدارة في سحب الجنسيات ومنحها، بينما يتمكن المتضرر من اللجوء للقضاء بدلا من إثارة الفتنة بقصد التوطين.
في الآن نفسه، تثور قضية تجنيس أبناء الأردنيات المتزوجات من فلسطينيين. وهذه ليست قضية إنسانية أو نسوية، بل قضية أمن قومي، ذلك أننا أمام عملية تجنيس قد تشمل نصف مليون وتفتح الباب لتجنيس المزيد بصورة دورية. وهو ما يشكّل آلية جديدة لتفريغ الضفة الغربية وغزة والسير قدما في مشروع الوطن البديل
الوطن البديل ليس قرارا تتخذه أغلبية برلمانية ولا البرلمان ولا الحكومات ولا السلطات، كائنا ما كانت، وإنما هو اعتداء على البلد وكيانه الوطني وخرق للأمن القومي خارج أية حسابات سياسية، وأي تهاون في مناقشته خارج هذه القاعدة سيقود إلى كارثة
على الرؤوس المنتشية في البرلمان أن تصحو، فموازين القوى الاجتماعية السياسية هي أكبر من البرلمان والحكومة البرلمانية، وأية إجراءات تمس بالكيانية الوطنية والأمن القومي للأردن، لا يمكن حلها في الكواليس البرلمانية والحكومية، بل ستفتح باب صراع لا نريده.
لقد كان للانتخابات وظيفة وطنية مركزية في إضعاف المخاطر التي أحاقت وتحيق بالدولة الوطنية، كما أن السير نحو حكومة برلمانية هو تطور سياسي إيجابي طالما طالبنا به. ولكن أن تتحول الانتخابات إلى انقلاب، والبرلمان إلى قنبلة داخلية، والحكومة البرلمانية إلى حكومة محاصصة وتوطين وتجنيس، فهذا ما سيعيد البلاد إلى التشنج السياسي ويفسّخ المجتمع ويعيد ترتيب الاصطفافات السياسية على نحو لا يخدم مصالح الجميع.
اللافت أن كتلة " وطن" تسعى، أيضا إلى إقصاء البيروقراطية الأردنية وهو موقف معاد للدولة وليس للشخصيات البيروقراطية التي كان بعضها فاسدا وفاشلا، لكن اقصاءها كفئة اجتماعية سياسية، بعجرها وبجرها، هو موقف إقصائي إزاء حزب الدولة
مازلنا ننتظر من البرلمان شروطا أخرى: محاكمات شاملة ومتزامنة لمؤسسة الفساد، والشروع في بناء اقتصاد عادل وتنمية المحافظات وإعادة هيكلة المالية العامة بما يوقف الهدر والعشوائية وأبواب الفساد وتسخير الخزينة لمصالح المقاولين والكمبرادور، بينما ينبغي وضعها في مجالي الصناعة والزراعة وتوليد فرص العمل. |
|||
خط أحمر
أخبار البلد -