مِن «انتحار بوعزيزي» إلى «نَحْرِ بلعيد»!

مِن «انتحار بوعزيزي» إلى «نَحْرِ بلعيد»!
أخبار البلد -  
 

 
نَعْرِف جميعاً "عاقبة (محمد) بوعزيزي"، هذا المواطِن التونسي البسيط، والبائع المتجوِّل، الذي هُدِرَت كرامته الإنسانية، مِنْ قِبَل "الدولة"، فَتَفَاعَل (في لحظة) شعوره هذا مع شعوره المُزْمِن باليأس والإحباط السياسيين، فـ "انتحر" من طريق إشعال النار بنفسه، على مرأى من الناس جميعاً، فدَخَل التاريخ بصفة كونه "الشَّرارة" التي فجَّرت "برميل البارود الشعبي (الثوري) التونسي"، ومن ثمَّ، "برميل البارود الشعبي (الثوري) العربي"، فكان ما اصطُلِح على تسميته "الربيع العربي"؛ لكنَّنا لم نَعْرِف بَعْد "عاقبة (شكري) بلعيد"، هذا المعارِض التونسي البارز لحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، والذي اغتيل على أيدي أُناسٍ "مجهولي الهوية الشخصية (حتى الآن؛ وربَّما لن تُعْرَف، أو تُكْشَف، أبداً هويتهم هذه)".
مَنْ قَتَل (أو اغتال) هذا القائد التونسي المعارِض؟ ولماذا اغتيل (أو اغتالوه)؟
إنَّ من الأهمية بمكان، وإنَّ من الصعوبة بمكان في الوقت نفسه، أنْ يُجاب، وسريعاً، عن السؤال الأوَّل؛ على أنْ تكون الإجابة يقينية، لا ظَنِّية، وأنْ يُسْتَجْمَع لها ما يكفي من "أدلة الإثبات والتأكيد"؛ لكن، هل "زمن الصراع" في تونس بين الحزب الحاكِم ومعارضيه من شتَّى المنابت والأصول الفكرية يسمح بما تَسْتَلْزِمه هذه الإجابة من هدوء وضبط للنفس؟
أشُكُّ في ذلك؛ فإنَّ "الرؤوس حامية"، والمَيْل إلى "الصراع في الشارِع (وبالشارع)" هو الذي تَرْجَح كفته على كفَّة المَيْل إلى الصراع المألوف في "دولة المؤسَّسات الديمقراطية"؛ فقِيَم ومبادئ الديمقراطية الكامنة في الأساس من ثورات "الربيع العربي" لم تُتَرْجَم، حتى الآن، بـ "مؤسَّسات"؛ ولا أعْرِف كم من الزمن ستَسْتَغْرِق "الآن".
قوى المعارَضَة (العلمانية واليسارية والقومية) لا تبدو معنية ببذل ما يكفي من الوقت والجهد لإجابة السؤال الأوَّل بما يشبه نمط الإجابة الذي ذَكَرْنا؛ فحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم هو، في "حُكْمِها (السياسي)"، الذي ارتكب جريمة الاغتيال، ودليلها على ذلك هو ما تلقَّاه بلعيد من تهديدات بالقتل، كان أصحابها من ذوي الصِّلة بهذا الحزب، أو بـ "أقربائه"، وما أظهره (في دليلٍ آخر) الحزب نفسه من مَيْلٍ إلى محاربة خصومه بأسلحة من هذا النوع، أو من نوعٍ مشابه؛ فـ "المعارِضون"، في تونس، وفي غيرها، يَنْظرون (وإنِّي لأُؤيِّدهم في كثيرٍ من حيثياتهم ومزاعمهم) إلى "الحاكمين الإسلاميين" على أنَّهم مِنْ جِنْسٍ فكري جُبِل على حُبِّ الاستئثار بالسلطة، وإقصاء وتهميش غيره؛ وعلى أنَّهم في مَيْل (يتقوَّى بـ "صندوق الاقتراع") إلى رَفْع منسوب "الأسْلَمَة" في حياة المجتمع، بأوجهها كافَّة، وبما يقود إلى "استبداد ديني (إسلامي)"، يَتَّخِذ "صندوق الاقتراع" سلاحاً في الحرب على قِيَم ومبادئ الديمقراطية، وعلى "الدولة المدنية".
وهذا الصراع، بجذوره القوية هذه، هو ما يَحْمِل قوى المعارَضَة في تونس على "الإلصاق الفوري" لتهمة الاغتيال بحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، وكأنَّ الغاية الكامنة في أساس موقفهم هذا هي أنْ يبلغوا إلى الشعب رسالة يقولون له فيها: جريمة الاغتيال هذه هي، وأشباهها، العاقبة الحتمية لِحُكْمٍ يُهَيْمِن عليه الإسلاميون. السؤال الثاني "لماذا اغتيل بلعيد؟" أراه، لجهة إثارته والسعي الجاد لإجابته، أكثر أهمية بكثير من السؤال الأوَّل؛ فالأغراض والأهداف الكامنة في جريمة الاغتيال، وعلى أهمية الشخص المُسْتَهْدَف، أهم بكثيرٍ من "الضحية نفسها"، إلاَّ إذا كانت الثورة التونسية العظيمة هي هذه الضحية.
أقول هذا، وأقول به، مع التنبيه إلى أهمية وضرورة التمييز بين "الأهداف" و"النتائج"؛ فإنَّ كثيراً من الناس يَفْهَمون النتائج (والعواقب) العملية على أنّها الأهداف (والأغراض) نفسها التي كانت كامنة في الجريمة، مع أنَّ كثيراً من الأحداث أتت بما يقيم الدليل على أنَّ "النتائج" لا تكون دائماً مطابِقَة لـ "الأهداف"، وقد تَذْهَب بها.
"الربيع العربي" المُنْتَصِر، بمعنى خَلْعه الحاكم المستبد، يخالطه كثيرٌ من "الفوضى (غير الخلاَّقة)"، وكثير من سوء الاستعمال لـ "الشارع"، وكثيرٌ من الجهود والمساعي (الظاهرة والمستترة) التي تبذلها "قوى الثورة المضادة" لضرب الثورة من الداخل، فيترتَّب على ذلك أعمال وجرائم وإساءات "خارجية"، أيْ يقوم بها، ويرتكبها، أُناس من خارج الثورة، وأعداء ألداء لها، فتكون العاقبة الفورية والسريعة والمباشِرة هي تفجير صراعٍ كريه وبغيض بين قوى الثورة، وجَعْل المتصارعين أنفسهم وقوداً للثورة المضادة.
إنَّ ما يكتسب أهمية ثورية لا جدال فيها الآن ليس معرفة "مُرْتَكِب الجريمة"، على أهمية هذا الأمر؛ وإنَّما إنزال العقاب (الشديد) في حقِّ كلِّ من تهدَّد وتوعَّد بلعيد بالقتل؛ فـ "المجرم" الآن، من وجهة نظر المصالح الثورية لـ "الربيع العربي"، هو كل مَنْ يُفْتي بإباحة قَتْل (وهدر دم) الخصوم الفكريين والسياسيين، أو يدعو إلى ذلك، ولو لم يَرْتَكِب هو نفسه الجريمة.
وبما ينسجم مع وجهة النَّظر نفسها، أقول إنَّ "الربيع العربي" لن يعطي من "النتائج" ما يجعله على وِفاق مع "الدَّوافِع الحقيقية" إليه، والتي كمنت في "شبابه"، إلاَّ إذا عَرَف كيف يتوصَّل إلى حلِّ التناقض السخيف الآتي: الديمقراطية، بمعنى "صندوق الاقتراع الشَّفَّاف"، تَضَع السلطة في أيدي "الإسلام السياسي"؛ أمَّا العلمانية (أو بعضها) فلا تأتي إلاَّ من طريق الدكتاتورية في الحُكْم
شريط الأخبار البوتاس العربية" تهنّئ المنتخب الوطني لكرة القدم بحصوله على لقب وصيف كأس العرب الملكة تشكر النشامى.. "أداء مميز طوال البطولة" الملك يشكر النشامى.. "رفعتوا راسنا" «لدورهم في 7 أكتوبر»... تحركات إسرائيلية لإعدام 100 من عناصر «القسام» وزير التربية: إرسال مسودة قانون وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية لمجلس النواب الشهر المقبل المنتخب الوطني وصيفا في كأس العرب بعد مشوار تاريخي ولي العهد والأميرة رجوة وعدد من الأمراء يساندون "النشامى" في ستاد لوسيل الإعلان عن تشكيلة "النشامى" في نهائي كأس العرب أمام المغرب القريني يكشف مصير مباراة الأردن والمغرب دور شراب الشعير في علاج حرقة البول مجمع الضليل الصناعي خبران هامان عن الشقاق وحمد بورصة عمان تغلق على ارتفاع بنسبة 0.56 % الأردن على موعد مع الانقلاب الشتوي الأحد المقبل الأردن على موعد مع الانقلاب الشتوي - تفاصيل وزير المالية: النظر في رفع الرواتب خلال موازنة 2027 صوت الأردن عمر العبداللات يمثل الأردن في ختام بطولة كأس العرب 2025 "شركة التجمعات الاستثمارية" لغز الاقالة سيعيد الشركة للمربع الأول مبادرة "هَدبتلّي" تصنع الفرح في الشارع الأردني وبين الجمهور والنوايسة: الشماغ رمز أصيل للهوية الوطنية يعكس لباسه معاني الشموخ خطط واجراءات حكومية قادمة من رئاسة الوزراء مستثمر أردني يقع فريسة عملية تهريب اموال يقودها رئيس وزراء لبناني أسبق