أخبار البلد-على الرغم من أن الوضع الاقتصادي في الأردن كان أحد أهم محركات المظاهرات التي انطلقت مع بداية الربيع العربي عام 2011 امتدادا لحركات اجتماعية ولدت قبل هذا الربيع، فإن هذا الوضع تفاقم برأي خبراء بشكل أكثر خطورة بعد مرور عامين على الحراك الأردني.
واللافت أن أول مظاهرة خرجت في الأردن على وقع الربيع العربي مطلع يناير/كانون الثاني 2011 في بلدة ذيبان التابعة لمحافظة مأدبا جنوب غرب عمان، كانت أسبابها اقتصادية وهي عدم وجود مخصصات للواء ذيبان في الموازنة العامة للدولة.
وطغت الشعارات الاقتصادية والمعيشية على تلك المسيرة، حيث رفع المتظاهرون لأول مرة صورة لرغيف خبز كتب تحته عبارة "أين أنت يا عزيزي؟".
وشكلت الشعارات والقضايا الاقتصادية عوضا عن قضايا الفساد أحد أهم محركات المسيرات والتحركات التي زاد عددها عن سبعة آلاف خلال عامي الحراك الأردني، جنبا إلى جنب مع الشعارات السياسية.
وتسببت هذه الأزمة الاقتصادية برفع شعارات "الشعب يريد إسقاط النظام" لأول مرة منذ انطلاق الحراك الأردني.
وارتفع الدين العام بشكل أكبر مع نهاية عام 2012 واقترب وفق تقديرات أولية من حدود 24 مليار دولار وشكل نسبة بلغت 75% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما دعا خبراء إلى التحذير من استمرار تفاقم أزمتي العجز والدين في المملكة.
ولجأت الحكومة نهاية 2012 إلى الاقتراض م صندوق النقد الدولي الذي اشترط تحرير أسعار المحروقات والغاز المنزلي والكهرباء واتخاذ سلسلة إجراءات للموافقة على منح المملكة قرضا بقيمة ملياري دولار.
ونفذت الحكومة الحزمة المتعلقة بالمحروقات وأسعارها، وتستعد لرفع أسعار الكهرباء، وهو ما يهدد بعودة الاحتجاجات إلى البلاد، رغم أن الحكومة تتذرع بخسائر شركة الكهرباء جراء تراجع تدفق الغاز المصري إلى الأردن مجددا، وهو التراجع الذي تسبب -حسب الحكومة- إلى تحميل الخزينة عجزا وصل إلى أربعة مليارات دولار خلال عامي الربيع العربي.
وبرأي الخبير الاقتصادي سلامة الدرعاوي فإن عناوين الأزمة الاقتصادية في الأردن لا تزال نفسها بعد عامين من الحراك المطالب بالإصلاح.
وأوضح الدرعاوي للجزيرة نت أن البلاد ما زالت تعيش رفعا للأسعار وسوء توزيع لمكتسبات التنمية وأن النمو الاقتصادي ضعيف، مشيرا إلى تحديات معيشية هائلة، فضلا عن الإنفاق الحكومي غير الرشيد الذي أدى إلى ارتفاع قياسي في مستوى الدين.
وأشار إلى أن الحكومات الخمس التي أدارت البلاد خلال عامي الحراك لم تعمل على حل الأزمة الاقتصادية، وإنما قامت بترحيلها، مما أوصل البلاد إلى وضع اقتصادي خطير أخضعها لاشتراطات صندوق النقد الدولي.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومات كانت تتطلع دوما إلى حل الأزمات عبر المنح الخارجية التي اعتبر أن من الخطورة الاستمرار في التعويل عليها.
كما تحدث عن أنه إضافة إلى الأزمة المحلية فإن تفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة العربية يزيد من أعباء الاقتصاد المحلي، وهو ما أدى إلى تراجع الدخل السياسي وعدم تدفق الاستثمارات وتراجع حوالات العاملين في الخارج.
وذهب الدرعاوي إلى القول إن الأزمات الاقتصادية وانتخاب برلمان يُخشى مع عدم إدراكه لخطورة الأزمة وتوجه الحكومة إلى رفع أسعار الكهرباء، قد تفاقم الاحتجاجات في الشارع مما يمنح الحراك الأردني وقودا جديدا للاستمرار.