الحكومات الأردنية كانت دائماً حكومات برلمانية ، فهي لا تصبح حكومة مسؤولة إلا بعد حصولها على ثقة البرلمان ، وإذا كانت البرلمانات السابقة على استعداد من الناحية العملية لمنح ثقتها لأي رئيس مكلف ، فهذا ليس قاعدة مفروضة.
معنى ذلك أن البرلمان لا يحدد شخصاً بالذات ليشكل الوزارة ، فهناك عدة أشخاص يستحقون ثقة المجلس فيما إذا جـرى تكليفهم من قبل جلالة الملك ، خاصة وأن النواب كانوا دائمأً يتحرجون من معارضة خيار الملك.
اختلف الوضع الآن من حيث أن الملك هو الذي يريد حكومة برلمانية ، أي حكومة تتشكل ابتداءً بناء على رغبات النواب ، بحيث لا يقف الأمر عند منح أو حجب الثقة عن حكومة قائمة تشكلت قبل شهر وأصدرت بيانأً وزارياً لا يثير خلافاً.
كنا نتمنى لو أن حزباً أو تياراً أو كتلة في المجلس كانت تشـكل أكثرية مطلقة ، فيكون من حقها أن تسمي مرشحها لتشكيل الحكومة ، ولكن هذا الوضع ليس موجودأً بعد ، وليس هناك أغلبية لغير المستقلين من الأفراد.
يقال أن بين خمس إلى سبع كتل نيابية هي قيد التشكيل ، وإذا كان الأمر كذلك فإن بالإمكان الطلب من كل كتلة أن تقترح اسماً للرئاسة ، على أن توضع الأسماء الخمسة أو السبعة أمام جلالة الملك ليختار أحدها ، وقد تتوافق عدة كتل على اختيار نفس الرئيس.
الثقة بمجلس النواب مختلطة ، فهناك جهات عديدة لا تثق به ، إما لأنها قاطعت الانتخابات أو لأن مرشحيها لم يفوزوا فيها ، في حين أن الثقة بالملك تامة ، وبالتالي لا بد أن يكون الرئيس المكلف خياراً ملكياً بعد تزكية نيابية. ويبدو أن الاتجاه العام هو بتكليف الرئيس النسور بإعادة تشكيل حكومة برلمانية.
أما اختيار الوزراء فيجب أن يكون ويظل متروكأً للرئيس ، فهو المسؤول ، ومن حقه أن يختار فريقه الوزاري ، بدون أية تنسيبات نيابية ، كل ما هنالك أن الرئيس يجري مشاورات مع النواب ويجس نبضهم ليتأكد من أن خياراته مقبولة للنواب ولا تتعرض لسحب الثقة.
وفي هذا المجال يجب الانتهاء من فكرة المحاصصة في تشكيل الوزارة بحيث تمثل جميع المحافظات ويكون فيها مسيحي وشركسي وامرأة أو أكثر ، فالوزير لا يمثل محافظة أو طائفة بل يمثل الدولة.