أخبار البلد - رائده الشلالفه
في الوقت الذي لا زالت فيه شوارع المملكة وعلى وجه الخصوص في العاصمة عمان تشهد اضطرابات وارتباكات مرورية في اعقاب المنخفض الجوي الذي عبر البلاد، وعلى الرغم من تعرية حجم الفساد الذي ظهر جليا واضحا في بنية الشوارع والمصارف المائية والانفاق، لا زال رئيس لجنة امانة عمان المهندس عبدالحليم الكيلاني يدافع عن الفساد والمفسدين مبررا أن ما حصل في العاصمة خلال المنخفض الجوي الأخير يمكن أن يحدث في دول متقدمة في مثل هذه الأحوال الجوية الطارئة.
وقال إن "البنية التحتية لمدينة عمان تعمل بكفاءة ضمن قدرة الاستيعاب المصممة لها، بناء على دراسات أخذت بعين الاعتبار متوسط سقوط الأمطار خلال الخمسين سنة الماضية".
ويمعن الكيلاني بالتبرير "الأهوج" "ان شبكة تصريف مياه الأمطار بالعاصمة جيدة، لكنها غير مصممة لاستيعاب مياه الأمطار خلال العواصف الكبيرة الطارئة كالتي حدثت مؤخرا" بحسبه !!
ولفت الى ان إغلاق بعض الانفاق وتجمعات المياه التي حدثت خلال المنخفض كانت بسبب غزارة الهطول المتواصل لأيام عدة في حالة لم تشهدها المملكة منذ عقود.
للعلم، المطلع على تصريحات الكيلاني قد يجزم بأن الرجل امام احتمالين، إما انه يعيش على كوكب آخر، أو انه يقدم عذرا أقبح من ذنب، فطوال العقود الماضية شهدت المملكة منخفضات مماثلة، وشهدت بذات الاطار ارباكات مماثلة أيضا ، الا ان عملية التبرير غير المنطقية تصب في قناة الفاسد والمفسدين وليس في قناة تصريف المياه التي تهدد "اشلاء" البنية التحتية التي اشرف وقام على تنفيذها حيتان الفساد !!
ففي منطقة الرابية، وخلال عصف المنخفض، فوجئ المواطنون بأحد الشوارع يعوم فوق المياه، الامر الذي استدعاهم لالتقاط الصور التذكارية مع الشارع العائم الذي انفصل عن ارضيته كأحد عجائب الدنيا السبع، حيث قام المتعهد الذي نفذ عطاء "الاسفلت" بصبه "الزفتة" فوق الشارع ، ليصبح شارع بطبقتين كقالب "الجاتوه" !!
وبعيدا عن شوارع العاصمة، دخل الأردن رقما قياسيا في عدد مشاهدات اعلامه الالكتروني من قبل مشاهدين عرب واجانب للشارع - المغارة الذي بثته تقاريره، والتي تبين كيف انهار الشارع لتظهر طبقة الاسفلت بكثافة سنتيمترات وتظهر من تحته مغارة علي بابا !!!
المنخفض وتبعاته دفعت بالحكومة الاردنية لتعطيل الدوائر الرسمية ليومي الاربعاء والخميس من الاسبوع الماضي، ليتبعهما يومي عطلة اعتيادية الخميس والجمعة، ولتظل البلاد دون دوام رسمي لمدة اربعة ايام، كنا نتمنى من خبراءنا السياسيين والاقتصاديين تبيان حجم الخسائر التي ترتبت على هذه العطلة (الطارئة) التي دفع بها فساد الاردن التاريخي وليس القرار الحكومي !
فهل سنشهد منخفض اخر أشد وأعتى، قد تقدم ازاءه الدولة على تعطيل الاردن واغلاقه ؟!!!!!!!
والى متى سيظل الفساد المنظومة الأقوى والأشد والأرسخ في قوام دولتنا الاردنية ؟؟؟؟
لماذا لم تتم محاسبة كافة المتهعدين والشركات التي نفذت عطاءات الشوارع ؟؟ لماذا اكتفتا امانة عمان وشركة مياهنا بتبادل الاتهامات حول على من تقع مسؤولية اغلاق المصارف؟؟ لماذا لم تقم امانة عمان عبر كوادرها بتنظيف المصارف في اعقاب موسم الصيف، وليس بعد أن تحولت كامل عمان إلى مدينة مائية واحتاجت لـ "غواصين" لتصريفها ؟؟
الطريف الموجع في الحالة "الثلجية" التي شهدتها البلاد، أن تلفزيوننا الوطني العتيد، سخّر طواقمه ومعداته، وكاميراته لمرافقة الوزراء في جولاتهم على اماكن الخراب، مصفقا مطبلا ورائهم ، مباركا خروجهم من مكاتبهم المخملية الى "معمة" الفيضان والثلج، والنوافير الطبيعية المنبعثة من مصارف الشوارع، في حين ارتدى وزراء عبد الله النسور بدلاتهم الفاخرة مع "بالطو" منشا ايطالي وشماغ "مهدّب" ونظارات شمسية لتخفيف وهج البياض المنبع من الثلج ..
لم يستحِ تلفزيوننا الوطني من خروجه في "زفة الحكومة" كجوقة موسيقية أو كفرقة احياء حفلات وهو يرصد حركات لا جولات الوزراء.. وثمة سؤال شاسع ظل عالقا بذهن القلة القليلة ممن تتابع تلفزيوننا الوطني والقائل .. لماذا يقوم التلفزيون الاردني باعداد التقارير وفرد مساحات كبيرة لتحركات الوزراء في صلب عملهم، لماذا يمنّون علينا بأنهم يزاولون عملهم المناط بهم في الميدان كما هو متوجب، فالوزراء عندما خرجوا لصلب عملهم في "ازمة" الثلج، فليس من باب المسؤولية، واكاد أجزم لو ان لا تصوير تلفزيوني هناك لما خرج أحد ..
وزراء الاردن السابقون المتعاقبون الحاليون الراحلون الذاهبون والقادمون، يتقاضون رواتب "فلكية" ورواتب تقاعدية من خزينتنا النازفة، ولا عجب امام معلومة ان مجموع الرواتب التقاعدية للسادة المعالي من الوزراء لا تقل عن النصف مليار دينار اردني .. (وما بيطلعوا بالثلج إلا برفقة زفة التلفزيون )!!!