أخبار البلد -
أخبار البلد - قال سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات
الدينية أن الأردن استشعر مبكرا ضرورة الإصلاح وبدا بتطبيقه من قمة الهرم
التشريعي وتحديدا بإقرار الدستور الأردني عام 1952، وجاءت بعد ذلك
التعديلات الدستورية التي تمركزت حول ترسيخ التوازن بين السلطات والارتقاء
بالأداء السياسي الحزبي والنيابي وصولا إلى صياغة تمكن مجلس الأمة من
القيام بدوره التشريعي والرقابي بكفاءة واستقلاليه، وتكريس القضاء حكما
مستقلا بين مختلف السلطات.
وأشار سموه خلال رعايته لندوة "الدستور
الأردني في ستين عاما" التي نظمتها جامعة اليرموك بالتعاون مع المعهد
الملكي للدراسات الدينية، إلى أن التعديلات الدستورية جاءت لإعادة التوازن
المفقود في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وبإقرار هذه
التعديلات يكون الأردن قد قطع شوطا كبيرا في عملية الإصلاح السياسي
والدستوري مشددا على ضرورة استمرار عمليات الإصلاح لكي تأتي التعديلات
الدستورية بثمارها ويتلمس الفرد نتائجها على أرض الواقع، مشيرا الى هذه
التعديلات فرضت تحديا أساسيا على الدولة يتمثل في ضرورة تنفيذ هذه
التعديلات وتطبيقاها على ارض الواقع.
وأكد سموه على ضرورة أن يكون
لدينا القناعة ذاتها بأن الأردنيين الذين واجهوا أزمات الماضي قادرون على
تخطي هذه المرحلة وبالأسلوب ذاته من خلال ترسيخ مبادئ الديمقراطية وعدم
التنكر للحياة البرلمانية نظرا لأهمية دورها في تخطي المرحلة الحالية
والوصول بالأردن إلى بر الأمان، واكد أن الأحزاب السياسية تدرك أن
الانتخابات النيابية لم تعد خيارا أردنيا بل استحقاقا دستوريا ووطنيا لا
مفر من إجرائه ويجب أن نعي جميعا حجم والتحديات التي تحيط بالوطن وتستلزم
التكاتف في مواجهتها ، مما يتطلب أن تبقى قنوات الاتصال مفتوحة وأبواب
الحوار مشرعة، على أن توضع مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار.
وقال
سموه لا بد من توفير بيئة سياسية وتشريعية للأحزاب السياسية لكي تنمو
وتمارس دورها في إدارة شؤون الدولة، إضافة لتوفير بيئة انتخابية مناسبة
وتقديم كافة أشكال الدعم للهيئة المستقلة للانتخاب للقيام بدورها الدستوري
في إجراء الانتخابات المقبلة .
وبين سموه ان الإصلاح عندما يصبح
ثقافة متجددة في البنيان الأردني فانه يسهل بعدها التعامل مع أية أزمات
داخلية على اختلاف أنواعها والتعايش معها دون خوف على نسيج الدولة
وترابطها، مع ضرورة حفاظ عملية الإصلاح على الثوابت الراسخة في الحياة
الأردنية والمتمثلة في مجموعة القيم والمبادئ الثابتة المتجددة منذ القدم
في ثقافتنا الأردنية والتي أصبحت جزءا لا يتجزأ من هويتنا الأردنية
وقوميتنا الإسلامية العربية، وتعزيز مبدأ العدالة والمساواة أمام القانون
وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين، إضافة لتعزيز مفهوم المواطنة بأبعادها
ومفاهيمها المختلفة والتي تقوم على أساس تعزيز انتماء الأردني لهوية
الأردنية وترابه الوطني.
ودعا سموه إلى صياغة ميثاق مواطنة عربي
يهدف إلى تأسيس مفهوم المواطنة الكاملة التي تقوم على أساس التمتع بالحقوق
المتساوية للأفراد والجماعات وحقهم المتكافئ في الحياة العامة.
وكان
رئيس جامعة اليرموك الدكتور عبدالله الموسى أكد من خلال كلمة ألقاها في
افتتاح الندوة على أهمية عقد هذه الندوة تزامناً مع ما يشهده الأردن من
إصلاحات دستورية وسياسية, مشيراً إلى أن الدستور الأردني الذي وضع عام 1952
رسم الإطار القانوني للعمل السياسي وحدد آليات عمل المؤسسات الدستورية,
وأن دراسة الدستور في ستين عاماً تعني دراسة آثاره في إرساء التقاليد
الدستورية وتعزيز دولة المؤسسات إضافة إلى دراسة تطوره على مستوى الصياغة
والأحكام , لافتاً إلى أن التعديلات الدستورية لعام 2011 جددت المبادئ
الأساسية التي قام عليها الدستور من حيث مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب
إضافة إلى استحداث مؤسسات مهمة على رأسها المحكمة الدستورية والهيئة
المستقلة للانتخابات, وأن التعديلات الدستورية بمثابة بوابة لإصلاحات
إضافية, وأن مسيرة الإصلاح لن تتوقف وذلك من خلال التطبيق الناجع للتشريعات
السياسية وأهمها قانوني الانتخاب والأحزاب وصولاً إلى حكومة برلمانية تعبر
عن أغلبية نيابية.
من جانبه ألقى الدكتور كامل أبو جابر مدير
المعهد الملكي للدراسات الدينية كلمة في افتتاح الندوة أشاد من خلالها
بجهود سمو الأمير الحسن بن طلال في تطوير ورفعة هذا الوطن والأمتين العربية
والإسلامية, لافتا الى ان عقد هذه الندوة يأتي انطلاقا من أهمية تثقيف
الشعب وتوعيتهم بأهمية البحث في الدستور من جهة، وتثقيف أصحاب القرار
بالأمور الدستورية وضرورة التزامهم بالتعاليم والحدود الدستورية من جهة
أخرى , مستعرضاً المراحل التي مر بها الدستور الأردني منذ بداياته عام 1952
الذي جاء لمأسسة وتجسيد مبادئ الحكم الذي كان قائماً في تلك الفترة
والمبنية على أساس التوافق والمفهوم الأسري, وصولاً إلى التعديلات
الدستورية لعام 2011 والتي جاءت لوضع لمسات ضرورية وحقيقية على بنود
الدستور لإصلاح وإيضاح الغموض في بعض النواحي وإضافة شئ جديد يتوافق مع
وقتنا الحاضر, داعياً الشباب إلى ضرورة التنبه لأي محاولات لإثارة الفتنة
والمحافظة على هويتنا الوطنية , موضحاً أن الدستور العبارة عن وثيقة للحفاظ
على الدولة قدسية أراضيها وسيادتها عليها.
وتضمن برنامج الندوة عقد
جلسة علمية أدارها الدكتور حمزة حداد تناولت محورين الأول بعنوان "
الدستور الأردني والحكومة البرلمانية" قدمه الدكتور محمد بشايره عميد كلية
القانون بجامعة اليرموك, والثاني بعنوان " الدستور الأردني وقانون الأحزاب"
قدمه الدكتور ليث نصراوين من كلية الحقوق في الجامعة الأردنية, وعقب
عليهما الدكتور كريم كشاكش أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق
باليرموك.
وحضر أعمال الندوة عدد من الوزراء السابقين ورئيس مجلس
امناء اليرموك ومحافظ اربد ومدير بلدية اربد الكبرى ونواب رئيس الجامعة
وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية والمسؤولين بالجامعة وحشد من طلبتها.