أخبار البلد -
أخبار البلد - اكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ان ّ الدولة الأردنيّة، ورغم
حداثة عهدها، تمكّنت من تحقيق إنجازات ملموسة شهِد بها القاصي والداني،
واستطاعت أن توجِد لها مكانة بين الدول المؤثّرة على الصعيدين الإقليمي
والعالمي.
وقال رئيس الوزراء في محاضرة القاها اليوم في المبتعثين
للدراسة في دورتي الدفاع والحرب في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية من
الاردن والدول الشقيقة والصديقة بعنوان " ادارة الدولة الاردنية" ان
الانجازات التي حققها الاردن بالرغم من الظروف الاقليمية يُدلّل على قوّة
الدولة الأردنيّة، وقدرتها على إدارة جميع المراحل بكلّ كفاءة واقتدار، وهو
ما أسهم فيه وجود القيادة الهاشميّة الفذّة، التي تبنّت على الدوام نهج
الوسطيّة والاعتدال، والتزمت بالحكمة والعقلانيّة في إدارة شؤون الدولة،
وقادت إنجازاتها في مختلف المراحل.
واضاف الدكتور النسور "ان بلدنا
المحاط بقوس النار من حوله استطاع هذا القطر الصغير المتفرد باستقراره ان
يبحر بحكمة قيادته وابنائه في هذا المحيط سائرا بنفس الاتجاه وظلت بوصلته
متجهة الى نفس الاتجاه وهو مصلحة الامة ومصلحة الشعب وتمكن ان ينجو بشعبه
ونفسه من هذه المتناقضات من حوله".
وقال "اليوم، ونحن نشهد تسارع
الأحداث من حولنا، والتغيرات التاريخيّة والجذريّة في عالمنا العربي، نُدرك
مدى نجاعة الدولة الأردنيّة في إدارة الأزمات، وتحويلها إلى منجزات وطنيّة
في الوقت الذي تحوّلت فيه تلك الأحداث في بعض دول الجوار إلى أحداث
مأساويّة دامية نتيجة غياب الحكمة والعقلانيّة والنهج القويم".
واشاد
رئيس الوزراء بميزة القيادة الأردنيّة، ونجاعة نهجها في إدارة الدولة،
وكفاءتها في تجاوز التحدّيات والأزمات التي تعترض مسيرة التنمية وتعيق
التقدّم نحوها.
واضاف "بالنظر إلى أحداث الربيع العربي التي انطلقت
منذ أوائل عام2011م، نجد أنّ الحالة الأردنيّة تميّزت عن غيرها إلى حدٍّ
كبير، ففي الوقت الذي تحوّلت فيه أحداث الربيع العربي إلى حالة من الصدام
بين الأنظمة والشعوب في بعض الدول، زادت تلك الأحدث من تلاحم الأردنيين؛
قيادة وشعباً، فجدّدنا العهد ان نحفظ بلدنا ونهجنا ودستورنا ومؤسساتنا وفوق
كل ذلك قائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، الذي استجاب
لمطالب الأردنيين وأجرى إصلاحات سياسيّة شاملة تؤسّس لمستقبل أفضل في
الحياة السياسيّة".
واكد رئيس الوزراء اننا في الأردنّ استفدنا إلى
حد كبير من أحداث الربيع العربي، حيث سخّرنا التغيّرات التي رافقته من أجل
خدمة مسيرة الإصلاح طائعين لا مرغمين، لافتا الى ان الربيع العربي أعطى
للأردنّ الفرصة من أجل تسريع وتيرة الإصلاح، الأمر الذي أكّده جلالة الملك
في كثير من المواقف والتصريحات.
وبشان إدارة ملفّ الإصلاح السياسي
شدد رئيس الوزراء على ان الإرادة السياسيّة الأردنيّة استثمرت فرصة الربيع
العربي خير استثمار، فعكفت على إجراء إصلاحات سياسيّة شاملة كان نتاجها
تعديل اثنين وأربعين مادّة من الدستور، وعملاً بهذه التعديلات تمّ إنشاء
المحكمة الدستوريّة، والهيئة المستقلّة للانتخاب، وهي خطوات متقدّمة في
مسيرة الإصلاح السياسي.
وقال انه تمّ وبشكل موازٍ تطوير التشريعات
الناظمة للحياة السياسيّة كقوانين الانتخاب، والأحزاب، والاجتماعات
العامّة، لافتا الى ان الحكومة اقرت قبل أيّام مشروع قانون (منع الكسب غير
المشروع) الذي سيُعرض على البرلمان المقبل للمضيّ في استكمال مراحله
الدستوريّة.
واضاف انه تم اقرار العشرات من التشريعات في عام واحد وهو انجاز غير مسبوق مع الاخذ بالاعتبار المحافظة على الرصانة في التشريع.
وقال
رئيس الوزراء انه تمّ بالموازاة مع ذلك تنفيذ جملة من الإجراءات
الإصلاحيّة انسجاماً مع التعديلات الدستوريّة وتطوير القوانين الناظمة
للحياة السياسيّة، حيث صدرت الإرادة الملكيّة السامية بحلّ مجلس النوّاب
السادس عشر، والدعوة إلى إجراء انتخابات نيابيّة مبكّرة حدّدت الهيئة
المستقلّة للانتخاب موعدها في الثالث والعشرين من شهر كانون الثاني من
العام المقبل، مؤكدا ان الانتخابات استحقاقٌ مهمّ من المأمول أن يمثّل حالة
متقدّمة في العمل البرلماني الذي سيكون نتاجه تشكيل حكومة برلمانيّة،
وبذلك يكون أبناء الشعب قد شاركوا في اختيار السلطتين التشريعيّة
والتنفيذيّة.
واضاف "رغم ما تمّ إنجازه حتّى الآن، إلّا أنّ الإرادة
السياسيّة الأردنيّة لم تُقفِل الباب أمام أيّ إصلاحات جديدة أو تغييرات
مستقبليّة من شأنها أن تعزّز المسيرة الديمقراطيّة وتوسّع حجم المشاركة
السياسيّة"، لافتا الى ان المطالب التي تنادي بها بعض القوى من الممكن
تحقيقها عبر الطرق الدستوريّة وعن طريق البرلمان المقبل، وهو ما يدعو هذه
القوى إلى تبنّي نهج المشاركة بفاعليّة في الانتخابات، ووضع برنامج انتخابي
واضح يتبنّى مطالبها، وإقناع المواطنين به، وإجراء التعديلات المطلوبة من
تحت قبّة البرلمان.
واكد الدكتور النسور ان مسيرة الإصلاح في
الأردنّ ليست وليدة الربيع العربي، ولا وليدة مرحلة قريبة، فما حقّقناه من
إنجازات على صعيد الإصلاح اليوم هو جزءٌ من مسيرة الدولة الأردنيّة التي
بدأت منذ نشأة الإمارة ومستمرّة إلى ما شاء الله, مؤكدا ان مسيرة الدولة
الأردنيّة قائمة على الإيمان بالنهج الديمقراطي، وإشاعة أجواء الحريّة
المسؤولة، وتسعى إلى تعزيز مشاركة الأردنيين في مسيرة البناء والتحديث.
وبشان
إدارة الملفّ الاقتصادي اشار رئيس الوزراء الى أنّنا نشهد ضائقة ماليّة
وظروفاً اقتصاديّة صعبة، حيث أدّى ارتفاع أسعار النفط عالمياً إلى زيادة
حجم فاتورتنا النفطيّة، كما أدّت حالة التذبذب في تدفّق الغاز المصري بين
الحين والآخر إلى الاعتماد على الوقود الثقيل والسولار في توليد الكهرباء،
الأمر الذي زاد من تكاليف التوليد، وبالتالي زاد من مقدار الدعم الذي
تقدّمه الحكومة لاستهلاك الكهرباء، وهو ما أدّى إلى تحميل خزينة الدولة ما
يقارب أربعة مليارات دينار.
وقال ان ضغوطات الدعم الذي تقدّمه
الحكومة لعدد من السلع والخدمات ادت إلى ارتفاع الدين العام بالقيمة
المطلقة إلى أكثر من15 مليار دينار، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع الدين
العام، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى75% مقارنة مع60% السقف المحدد
في قانون الدين العام، الأمر الذي كانت معه الحكومة مجبرة على اتخاذ قرار
رفع الدعم عن السلع، وتعويض المواطنين من خلال تقديم دعم نقديّ مباشر لهم.
واكد
رئيس الوزراء انّ رفع الدعم لن يمسّ غالبيّة المواطنين، إذ أنّه وبحسب
الدراسات المستفيضة التي أجرتها الحكومة فإن70% من المواطنين لن يتضرّروا
من قرار رفع الدعم، وهؤلاء يمثّلون الشريحتين الفقيرة والمتوسّطة، إذ سيتمّ
تعويضهما من خلال تقديم الدعم النقدي المباشر، ما يعني إيصال الدعم إلى
مستحقّيه وبالتالي تخفيف العبء على خزينة الدولة التي كانت تتحمّل تقديم
الدعم للجميع؛ سواءً أكانوا مستحقّين له أم لا.
كما اكد ان عملية
الدعم الذي قدمته الحكومة خلال الايام الماضية بكل دقة تبعث على الفخر
والاعتزاز بقدرة الحكومة على ايصال الدعم الى نحو4 ملايين مواطن، لافتا الى
ان نحو250 الف اسرة تقدمت عبر الانترنت للحصول على الدعم ونحو190 الف اسرة
تقدموا بالطريقة اليدوية.
وشدد على ان اجراء رفع الدعم عن
المشتقات النفطية من شأنه أن يريح اقتصادنا مستقبلاً، ويضفي على الموازنة
العامّة للدولة حالة من الثبات كي لا يصيبها خلل كلّما ارتفعت الأسعار
عالميّاً، وهو ما يُسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ويمنحنا القدرة على
مواجهة التحدّيات والظروف الاقتصاديّة الطارئة.
واعرب عن ايمانه بان
ما فعلته الحكومة على هذا الصعيد هو عمل وطني باستباق المشكلة قبل
تفاقمها، لافتا الى ان المهارة في ادارة شؤون الدولة ان لا تنتظر الخلل حتى
يحصل وتحاول معالجته بل ان تستبقه قبل وقوعه وحينها لا يمكن اصلاحه.
واشار
رئيس الوزراء الى انه وانسجاماً مع الظروف الاقتصاديّة التي نمرّ بها،
اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات التي من شأنها أن تسهم في ترشيد النفقات
وضبط الاستهلاك الحكومي.
كما اشار الى ان الحكومة تتجه إلى سياسات
الانضباط المالي وهيكلة القطاع العام من خلال حزمة من الإجراءات تتمثل بدمج
المؤسسات وإلغاء بعضها وتخفيض عددها وإعادة النظر بالمزايا الخاصة
للعاملين فيها فضلا عن اعتماد مبدأ التكليف التصاعدي في القانون المعدل
لضريبة الدخل.
واكد رئيس الوزراء ان ّالأردنّ ورغم تواضع إمكاناته،
وحداثة عهده، إلّا أنّه أصبح دولة قادرة على قيادة ذاتها وتحقيق مصالحها
بكلّ كفاءة واقتدار، دون التخلّي عن ثوابته وانتماءاته، ودون التخلّي عن
واجبه تجاه أشقّائه ومجتمعه الدولي.
وجرى حوار اجاب خلاله رئيس
الوزراء على اسئلة الدارسين في الكلية حيث اكد في رده على سؤال ان الاشقاء
في دول مجلس التعاون الخليجي يدركون اهمية الاردن وموقعه كعامل مساند
لاستقرار المنطقة، مؤكدا ان الاردن يشكل حلقة حماية استراتيجية متبادلة مع
الخليج العربي.
وقال اننا وفي الوقت الذي نعرب فيه عن شكرنا
للاشقاء في الخليج على دعمهم للاردن الا اننا نامل وفي هذه الظروف
الاقتصادية الصعبة باستمرار التعاون ووصول المنحة التي اعلن عنها قادة دول
مجلس التعاون الخليجي للاردن.
وشدد على ان الاردن يتفق مع ما يتم
طرحه على صعيد دول الخليج بان ترتقي العلاقات بين الجانبين الى علاقة
اقتصادية ممنهجة، مشيرا الى ان المنحة الخليجية للاردن ستخصص للانفاق عل
مشاريع متفق عليها من الجانبين بدقة ولا تصرف الا بتوقيع مشترك.
وردا
على سؤال بشان الحراك الاردني اكد رئيس الوزراء ان الحراك الاردني مختلف
طبيعة ومنهجا واتجاها عن غيره من دول الربيع العربي وقال "المواطنون
الاردنيون لا يجدون خصومتهم مع النظام فهم يريدون من الحكومات ان تنهج
منهجا واقعيا يناسب الحالة الاردنية".
وبشان العلاقة بين الحكومة
والحركة الاسلامية اكد رئيس الوزراء ان الحكومة تعتبر جبهة العمل الاسلامي
من لوازم الحياة السياسية الاردنية، مضيفا انه لو حصل لا سمح الله تصادم في
العلاقة كما حصل في معظم الدول لتحولت الحركة الاسلامية الى حركات سرية
تعمل تحت الارض وهذا ليس في صالح الدولة او صالحها.
واكد ان الحركة الاسلامية لا زالت تعلن بانها موافقة للدستور وليس لها امتدادات خارجية.
وردا
على سؤال حول الازمة السورية شدد رئيس الوزراء على موقف الاردن الثابت
بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة، مثلما لا نسمح لاحد بالتدخل في
شؤوننا الداخلية.
وبشان اللاجئين السوريين اشار الدكتور النسور الى
ان الاردن يعد اكبر دولة مضيفة للاجئين على مدى التاريخ مقارنة بعدد
السكان وهو على الرغم من محدودية موارده الا انه مستمر بواجبه الانساني على
هذا الصعيد.
وقال ان الاردن استقبل منذ بداية الازمة السورية
نحو240 الف سوري ويقدم لهم الخدمات الاساسية بقدر استطاعته "ولكن كلفة
استضافتهم كبيرة ووصلت الى ان نحو550 مليون دولار في حين ان المساعدات التي
وصلت لهذه الغاية هي فقط150 مليون دولار.
وكان امر كلية الدفاع
الوطني الملكية الاردنية العميد الركن طلال بني ملحم رحب برئيس الوزراء
باسم اعضاء هيئة التوجيه والدارسين في دورتي الدفاع الوطني العاشرة والحرب
التاسعة عشرة مشيرا الى انه يدرس في
الدورتين61 دارسا من14 دولة شقيقة وصديقة و19 من اجهزة الحكومة الاردنية بالاضافة الى الضباط الاردنيين.
واشار
الى الدور الذي تقوم به الكلية في اعداد وتاهيل الكفاءات المدنية
والعسكرية لادارة الدولة على اسس علمية مرموقة من خلال تعلم بناء
الاستراتيجيات الوطنية.
--(بترا)