في تصريحات مختلفة لدولة الرئيس الدكتور عبد الله النسور رئيس الحكومة الموقرة حاول
اكثر من مرة اختراق قناعاتنا الراسخة ووعينا المكتمل بأن رفع الأسعار جاء بقرار تحليلي ورؤية متبصرة من دولته شخصيا بعدما خلا في صومعته وبيت استخارته فظهر له الحق المبين أن لا بديل عن رفع أسعار المحروقات وأشقاء حياة الناس وإدخال البلاد في دوامة ا من الاضطرابات والاحتجاجات ثم ركب دولته صاروخ فضائي يتصعد به السماء متعاليا في قدرته وفكرة وعلمه وشهاداته وخبرته ومركزه على كافة أهل المعرفة والخبرة الناصحين له قبل الإقدام على هذا الانتحار الوطني الشامل وفي مقدمتهم جهاز المخابرات الذي يقوم على إدارته رجل حصيف مخلص أمين يعي جيدا خطورة الأمر وارتداداته وتبعاته الداخلية والخارجية أكثر من غيره ويعرف هذا الجهاز الوطني بخبرته قياس الرأي العام وماذا يعني وصول حافة الهاوي جوعا وفقرا وعذاب وان تقاريره وتوصياته في مثل هذا الحال تمثل إشارات تحذيرية واضحة تحافظ على ديمومة الحياة بأمن واستقرار
لقد ردد دولة الرئيس مرارا تبنيه للعملية الاستفزازية التي ثورت الشارع الأردني في جميع القرى والمدن والبوادي والمخيمات وأخرجت الناس عن وعيهم وحكمتهم وهو ثابت الجنان لا يرف رمش وكئنه يعتقد ان ما أصاب الناس حادث سير جماعي يتحمل مسؤوليته الكاملة كسائق للمركبة وقد ظن دولته انه في عطوة عشائرية يمثل فيها كفيل الوفا ويتحمل المسؤولية لوحده عن أي التزمات مستقبلية
اليوم وما أصبح مستفزا أكثر من رفع الأسعار هو تكرارا تصريحات دولته بالتحدي ولإصرار وعدم الاكتراث بأوجاع الناس وصراخهم تحت ركام الغلاء الفاحش والفاقة المدقعة وتردي الأوضاع الاقتصادية
وفي جزئية أخرى للتشويش على مسيرة وعفوية الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية السلمية والرفض للقرار الظالم نجد أن هنالك من يلقي بالحمل الكامل على جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي كمحرض وقائد لما يجري في الشارع وربما يكون ذلك صحيحا لمن يعتنق ايدولوجية الجماعة أو ينضوي تحت رايتهم أو يأتمر بأمرهم ولكن ليس صحيحا بالمطلق أن كل مواطن أردني شريف مقهور ران على قلبه الخوف والحرمان والانفجار وهو يرى وطنه في رابعة النهار يسرق ويباع من قبل حفنة من الفاسدين ثم تتراكم عليه مديونيته ويزداد عجز موازنته وأخيرا يفرض عليه ظلما وعدواننا ان يتحمل تبعات ما اقترفت أيدي المجرمين على مر السنوات والحكومات وليس كل من خرج الى الشارع يعبر عن رأيه بالتنديد والاستنكار والسلمي هو بالقطع ليس ( أخا مسلما حزبيا ) له مخططات خاصة وأجندات مبيته فهنالك العديد من المناطق والقرى والبوادي ليس للإخوان فيها أي تواجد او تأثير منظم أو غير منظم وكانت تمثل حتى وقت قريب معقل للنظام والدولة بهويتها الأردنية الخالصة الحقيقة المرة دولة الرئيس أن من اخرج الناس الظلم وعضة الفقر وزوال العدالة الاجتماعية التي هي حصن الأمن والاستقرار واستمراء التسلط على جيب المواطن المسكين وسلبه أمنه الاجتماعي وسبل حياته الكريمة في لقمة عيش وبيت وتعليم يتساوى فيه ابني مع ابن دولتك أو معاليك سابقا ومن هنا نعاهد الله أننا لو نجد في جماعة الإخوان أو سواهم شرا أو خطرا على حياتنا وامن ووطننا لقاتلناهم بحد السيف لكننا والعجب يسلب منا العقل نراهم اليوم بفعل سياسات الحكومات الخاطئة بالمحسوبيات والمحاباة والسرقات قد أصبحوا اقرب إلى نبض الناس وحاجات المستضعفين وصنعوا شعبية ومكانة هيئتها لهم ظروف مفاسد الدولة
هذه مقدمة كان لابد منها قبل ان نعود الى عنوان المقال ففي مقاربة غير دقيقة ولا تتساوق مع حالتنا الأردنية أشار دولة الرئيس الى بعض الدول التي قامت برفع أسعار المشتقات النفطية وغيرها من السلع والخدمات مثل مصر وتونس والمغرب واليونان واسبانيا وسنتحدث هنا عن جمهورية مصر العربية التي يحكمها الإخوان المسلمون بعد الثورة وفوز الرئيس محمد مرسي
منذ البداية كان التركيز الأول والمباشر للنظام والحكومة ملاحقة قضايا الفساد واسترداد المال العام المنهوب ليس كحالنا حكومة في اقل من شهر تتخذ قرارا خطيرا يدمر حياة الفقراء والكادحين وتغفل العين وتغض الطرف عن ملاحقة الفاسدين الذين تسببوا فيما تعاني منه البلاد والعباد ولنسوق بعض الحقائق والأرقام هنا حتى لا يقال إننا نتجنى على دولتكم في قائمة سرية صادرة من النائب العام المصري طلب فيها من البنك المركزي التحفظ على أموال 2000 شخصية رسمية تحوم حولها شبهات الفساد وقد تضمنت القائمة جميع وزراء حكومة احمد نظيف السابقة ووزيرين من الحكومة الحالية وجميع أعضاء مجلس الشعب المزور واغلب رجال الإعمال وفي مقدمتهم إبراهيم كامل واحمد بهجت صاحب قناة دريم وعدد كبير من أعضاء الحزب الوطني الحاكم وخديجة الجمال زوجة جمال مبارك وطفلتها فريدة مبارك وجميع أبناء الوزراء السابقين والسكرتير الخاص لرئيس الجمهورية السابق ونقيب المحامين ورئيس اتحاد الصناعات وابنة رئيس مجلس الشعب السابق فتحي سرور وغيرهم الكثير بالإضافة الى انه وقبل رفع الأسعار في مصر أصبحت هنالك قناعة راسخة لدى المواطن المصري يرددها صبح مساء بأعلى صوت انا مصري حــر و سوف يحاسب مبارك وأسرته وأعوانه وكـل مـن أسأ لشعب مصر العظيم في معيشته واستقراره وأصبح يرى المواطن المصري البسيط أباطرة الفساد المالي والاداري في الزنازين بلباس السجن والقيود بأيديهم أمثال احمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني الحاكم وحبيب العادلي وزير الداخلية واحمد المغربي وزير الإسكان وزهير جرانه وزير السياحة ويوسف والي وزير الزراعة ويوسف بطرس غالي وزير المالية ليخلدهم التاريخ في سجل اخزي والعار بملياراتهم المسروقة التي لم تحميهم أو تعصمهم من المساءلة والمحاكمة
ثم قام جهاز الكسب غير المشروع المصري بمطالبة السلطات السويسرية بتجميد اموال 17 مسؤول سابق بلغ مجموعها 750 مليون دولار سرقت من أموال الشعب ثم يفاجئ الناطق الرسمي باسم النيابة العامة المصرية الشعب باستعادة ( 11 ) مليار جنيه من اموال الدولة والإجراءات القانونية تتلاحق لاستعادة ( 50 ) مليار جنيه اخرى وأيضا استعادة النيابة العامة العديد من قطع الأراضي المنهوبة والمسجلة باسم بعض المسؤولين السابقين الحقيقة في مصر بعد الثورة لم يعد مكان للمحسوبية ولا بقاء فيها للفاسدين والعابثين بمقدرات الوطن وأخيرا وضعت مصر حساب خاص ضمن حساب الخزينة تودع فيه الأموال المستردة وتقبل من خلاله تبرعات المواطنين للمساهمة في مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة ومتابعة مسيرة الأعمار والبناء
دولة الرئيس لقد كان الكثير من حديثكم في غير لقاء شفاف وصادق يدق ناقوس الخطر قبل وقوع الكارثة لكن مشكلة الدولة والحكومات المتعاقبة إهمال العدالة الاجتماعية والتي بزوالها فرض على المواطن المقهور ظلما تحمل المسؤولية من طرف واحد رغم فقره وحاجته وضعفه ومسؤولياته المتزايدة وتعثره في توفير لقمة العيش وستر الحياة في الوقت الذي يترك فيه الفاسد يتنعم بما كسبت يداه من سحت وسرقه بلا تعب ولا نصب
نقسم يا دولة الرئيس انك لو بدأت عهدك في الحكومة بمناصرة الفقراء ومحاربة الفاسدين وملاحقة إجراءات استرداد المال العام المنهوب ولو فعلتم ربع الذي حصل في مصر حديثة العهد لفوضناكم بكل طمأنينة رفع جميع الدعم الحكومي عن كل شئ في الوطن ولرضينا ان ترفع أرجلنا فلقة طوال العام
هل يعقل دولتكم ان تصبح أموال الحرامية والفاسدين حلال عليهم ونبدأ الصفحة من جديد نحمل فيها المواطن وزر كل فاسد يدفعه من عرقه ودمه وقوت عياله
وأخيرا دولة أبى زهير نقسم إننا نحترمك ونجلك كشخص وكنا نرى فيك دوما نصيرا للمظلومين والمستضعفين تحت قبة البرلمان ولكم كنا نصفق لك كثيرا وانت تعترض على قرارات الظلم والتعسف بحق المواطنين خاصة ما يتعلق بحياتهم ومعيشتهم ولكم كنا ايضا نسعد بك أكثر وان ترفع ساعدك بقوة تحجب الثقة عن كل حكومة حتى تبقى نظيفا كما عهدناك و لا تكون شريكا معهم ونقول في أنفسنا هذا ( نسرا ) يحوم فوق وتحت القبة ليحمي حقوقنا ويمنع الظلم عنا
ولكنك اليوم كمسؤول وفي هذه المرة وبهذا المنصب الكبير لم ترحم ضعفنا وفقرنا واستأسدت علينا ونحن الضعفاء الجياع الذين نصارع الموت من اجل البقاء على قيد حياة لم يعد فيها شئ يستحق الحياة بعد الذي جرى أهوى الكرسي والمنصب الله اعلم الذي
نسأله بقدرته ان يأتي اليوم الذي تندم فيه دولة الرئيس على اتخاذ هذا القرار الظالم يوم لا ينفعنا الندم كما ندمت بعد فوات الأوان على الكثير من القرارت وأنت مسؤول شاب تخبص وتلبص
والله من وراء القصد
