أخبار البلد -
تحتاج اللحظة الراهنة الى مزيد من المراجعة الهادئة والتروي قبل اطلاق الاراء او الاصطفاف خلف رأي او وجهة نظر , فحراجة اللحظة انها لحظة صدام بين حقيقتين , فالحقيقة الاولى تقول ان ظروف الناس الصعبة لا تحتمل هذا المستوى من الرفع على الاسعار , والحقيقة الثانية ان الموازنة بحاجة الى جراحة عاجلة لانقاذ الحالة الاقتصادية للدولة بعد انقطاع الدعم العربي وتراجع المناخ الاستثماري في كل العالم وليس في الاردن فقط .
فالصدام بين متناقضين سهل وله مقياس لتحديد المواقف , والصدام بين باطلين مريح لان خروجا باطلا من المعادلة مكسب للجميع , وفيه رأي سائد مفاده " اللهم اضرب الظالمين بالظالمين " , وما يجري في الداخل الوطني , معقد من حيث مساحة الصدق , ومخالف من حيث الاسباب , فالمواطن على حق عندما يلقي باللائمة على سياسات اقتصادية سابقة لم تعتمد على التقشف والزهد في الانفاق , ولم تعزز الرقابة على المال العام ولم تكبح جماح المشاريع الترفية والمباني الفارهة والانفاق الرأسمالي .
والحكومة الحالية صادقة في انها ورثت خزينة مريضة وانفاقا رأسماليا " رواتب وتقاعد " ودعما للسلع وليس للافراد , يفوق طاقتها , ومحصلة ذلك كله ان حل الازمة الاقتصادية بحاجة الى قرار سياسي وليس اقتصاديا , فالتشخيص الاقتصادي للازمة متفق عليه بين الشعب والحكومة التي لا تنكر الاخطاء السابقة ولكنها لا تملك رفاه الوقت لمعالجته وفقا للاسس المعتادة من محاسبة فاسدين وتصويب قوانين ومراجعة الخصخصة , فإجراءات التقاضي طويلة , وتعديل القوانين بحاجة الى مجلس نواب , ومراجعة الخصخصة بحاجة الى نتائج تحتاج وقتا والى اموال لاسترداد ما تم بيعه بغير وجه حق او بسعر بخس .
الحل سياسي بجدارة واستحقاق , وهذا يتطلب الصبر على المرحلة الحرجة مقابل ضمانات بتحقيق العدالة في المراجعة والمحاسبة دون إبطاء او تلكؤ , وهذا ما اكدته القوى السياسية بجميع اطيافها وتلاوينها , فالقوى السياسية تؤكد الازمة وتعترف بها , وتضرب امثلة على قبول الشوارع العربية في المغرب ومصر لرفع الدعم مقابل منظومة النزاهة والديمقراطية , لذلك نؤكد على الحل السياسي للازمة , وليس الحل الامني او الاحتراق الوطني من خلال اعمال العنف والاعتداء على المرافق العامة والملكيات الخاصة وبالتالي نسف قيمة الامن والامان. اللتان تشكلان رأسمالنا الوطني والسياسي والاجتماعي .
وبدل ان تقفل الحكومة ابواب التراجع عن القرار كما يؤكد الرئيس في كل مقابلاته الاعلامية , عليه ان يفتح حوارا وطنيا شاملا لا سدود امامه بدءًا من تأجيل الانتخابات التي ضُربت في مفصل وانتهاءً بمراجعة القرار اذا توفرت بدائل لدعم الخزينة حاليا وتكفل عدم التأثير على موازنة السنة المقبلة التي نحن بصدد اعدادها , وهذا مهم جدا لاقفال صفحة التفكير اليومي ونظرية عمال المياومة في الاقتصاد .
الحل سياسي ويحتاج الى اسقاط نظريات الابتزاز الوطني عند كثيرين والدخول في شراكة وطنية صادقة يقدم كل طرف المطلوب منه دون مواربة او إختباء ودون فيتو على طرف , فالاردن يستحق منا الكثير .