أخبار البلد -
ازمة خانقة تمر بها البلاد، والحالة الراهنة بامس الحاجة الى عقلاء لاعادة الامور الى طاولة الحوار الموضوعي بين كافة اطياف الشارع ، وقطع الطرق على من يحاول او حاول فعلا استغلال حاجات المواطنين المعيشية في اثارة الفتن وتحقيق مصالح لاجنداته الشخصية .
لا خلاف على ان الوضع الاقتصادي متأزم في البلاد ، وعلى مفترق طرق ، ولا اقصد بكلامي هذا الدفاع عن حكومة، وانما اضع بين عيني مصلحة وطني فوق كل اعتبار .
ازمة الاقتصاد الوطني هي وليدة تداعيات خارجية وداخلية معا، فالاسباب الخارجية خارجة عن ارادة المجتمع والمواطن والحكومة الاردنية، اما الاسباب الداخلية ، فان الامر بحاجة الى تمحيص وتدقيق في الاسباب التي آلت اليه الامور .
القضية التي تعصف بقرار الحكومة حول رفع الاسعار ليس لان المواطن لا يعي ان هناك خللا في آلية الدعم الذي يحصل ما يقارب مليوني شخص على دعم مالي مباشر من الخزينة يتجاوز 750 مليون دينار بغير حق ولا استحقاق، فهذا الامر معروف ، والجميع منذ سنوات يطالب بتصحيح الوضع ، لكن للاسف الحكومات السابقة فشلت في ذلك وتراكمت الاخطاء حتى هذه المرحلة .
تراكمات الاخطاء في السياسات الاقتصادية الرسمية على مدى السنوات الماضية ، جعل الحكومة تتخذ قرار الرفع ولم يترك لها حتى مرونة اختيار الوقت، فجميع المؤشرات السلبية اجتمعت معا ، فلم تعد البنوك تمنح الحكومة اية قروض داخلية ، وآخر سندات طرحتها الحكومة بقيمة 50 مليون دينار لشركة الكهرباء لم تشارك بها اكبر البنوك ، والاقتراض الخارجي توقف تماما ، فالمانحون لم يعودوا يمنحون تسهيلات لحكومات مازالت تقدم دعما للغني والفقير معا، هذا الامر جعل الحكومة في مازق حقيقي من حيث توفير سيولة لسد الاحتياجات التمويلية الملحة مثل شراء باخرة نفط على سبيل المثال ، او حتى تامين رواتب ، والحل السريع الذي قد تلجأ اليه الحكومات في مثل هذا الوقت هو طباعة العملة ، وهو فعليا سقوط لهذه العملة وانهيار اقتصادي ، وهذا ما ادركته الحكومة وتجنبته ولجأت الى العلاج غير الشعبي لكن له مردود في اعادة العافية للاقتصاد الوطني.
الخلل الاكبر الحاصل في المجتمع هو تراجع ثقة المواطنين بالخطاب الاقتصاد الاصلاحي للحكومات السابقة ، حيث ان التجارب السابقة برهنت على ذلك والنتائج المالية السلبية اكبر دليل على سوء الاداة الاقتصادية ، لذلك هناك مهمة كبيرة وخطيرة في ان معا على حكومة النسور وهي ازالة تلك التشوهات في الذاكرة الاردنية .
حالة الفوضى والتخريب لا تخدم لا حراكا ولا حكومة ولا اي جهة كانت سوى الفاسدين وحدهم المستفيدون من هذه الحالة المزرية ، والرد عليه لا يكون بمواصلة الاحتجاجات غير السلمية ، وانما باستمرار الحكومة في عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد، واقناع المواطن باستمرارية الاصلاح والجدية في محاربة الفساد ومن تسبب باهدار المال العام بطريقة مؤسسية وليس باسلوب الفزعة ، حينها سيدرك المجتمع ان الاصلاح بدأ ياخذ سكته الحقيقية ، والجميع باتوا شركاء في الحل .