رغم خطورة وحساسيةملف الانتخاباتالنيابية المبكرةالمقبلة على أجندة حكومةالدكتور عبداللهالنسور الانتقالية،في ظل ترسخ خيارالمقاطعة لدى الحركة الإسلاميةوبعض القوى،وغياب الخيارات،كما يبدو،أمام النسورعلى هذا الصعيد، فإن الملف الأخطرالذي يكادتبدو إثارتهمؤجلة أمامملف الانتخاباتوالمقاطعة، هو الملف الاقتصاديوعجز ماليةالدولة.وإذا كانت الخياراتاليوم أمامحكومة النسورمحصورة ومحدودةفي موضوعالانتخابات والأزمةالسياسية الممتدةمع الحركةالإسلامية والحراكاتالشعبية، فإن المأزق الاقتصاديوالمالي للدولةلا يقل صعوبة، لكن مع فارقرئيس، هو أن قدرةالحكومة ورئيسهايمكن أن تجدي هنا في الخروجمن هذا المأزق الاقتصادي.ليس ذلك تهوينا من حجم الأزمةالاقتصادية، ولا سوء تقديرلما تم تسريبه من استحقاقات برنامجتصحيح اقتصاديأقرته الحكومةالراحلة بالاتفاقمع صندوقالنقد الدولي،ويتضمن قراراتوخطوات اقتصاديةقاسية على الشرائح الفقيرةوالمتوسطة، وتحملنذر انفجاراتاجتماعية وسياسيةلا تحمدعقباها.فالتهوين وعدم إدراكما يفرضهالبرنامج الاقتصاديالمذكور ليس واردا، بل إن هذا الادراك والاستشرافلخطورة البرنامج،سياسيا واجتماعيا،حتى لو كان مجدياماليا واقتصاديالمعالجة الاختلالاتالهيكلية للموازنةالعامة للدولة،هو ما يدفع إلى اعتبار الملفالاقتصادي تحديارئيسا أمامالحكومة الجديدة،يمكن لها أن تنجحفيه أو تخفق. وفي الحالة الثانية،سيضاف الإخفاق،بكل ما يحمله من خطورة سياسيةوأمنية واجتماعية،على إخفاقآخر متوقعمن إجراءانتخابات وسط مقاطعة مكوناتسياسية رئيسة!التحدي اليومأمام حكومةالنسور هو في قدرتهاعلى استعادةزمام المبادرةفي الملفالاقتصادي، وإعادةتوجيه وتصحيحمسار البرنامجالإشكالي الذيأقرته الحكومةالراحلة، التيوللمفارقة كانتحكومة محافظةيمينية سياسيا،وليبرالية متطرفةاقتصاديا! في خلطة عجيبةمن التوجهاتوالبرامج، ما أوصلنا اليومإلى مركّبأزمات خطير،وأورث الحكومةالحالية حملاكبيرا، سياسياواقتصاديا.وللمفارقة أيضا، ففي الوقت الذياندفعت فيه الحكومة السابقةكالبلدوزر لإقرارقانون انتخاب "غير توافقي"، وقانون مطبوعاتونشر عرفي،ووقعت على برنامج "إصلاح" اقتصادي خطيراجتماعيا وسياسياوأمنيا، فإنهالم تتحمسولم تبذلأي جهد لإصدار تشريعاتاقتصادية تحققبها إصلاحاضريبيا حقيقيا،كانت ادعترسميا أنهاملتزمة به قبل رفع الأسعار والدعم.الإصلاح الضريبيالذي ينقلالعبء إلى ضريبة الدخللصالح خفضهعلى المبيعات،ويتصدى بفاعليةوإجراءات حقيقيةللتهرب الضريبي،ويزيد من الضريبة المفروضةعلى الصناعاتالاستخراجية والبنوك،هو النهجالاقتصادي المطلوبمنذ سنواتطويلة دون مجيب، بدلامن الإغراقفي الاعتمادعلى جيب المواطن الفقيروالطبقة الوسطىبسياسات رفع الدعم عن السلع الأساسية،والتوسع في ضريبة المبيعات.نعلم أن النسور وحكومتهالانتقالية لا يملكان اليوم،في ظل غياب البرلمان،القدرة والصلاحيةالدستورية لإصدارتشريعات تحققالإصلاح الضريبي،لكنهما بلا شك يملكانالقدرة، إن توفرت الإرادةوالرؤية، لإعادةتصحيح برنامجالتصحيح الاقتصاديالمقر من الحكومة الراحلة،وفرض استدارةحقيقية في النهج الاقتصادي،ورفض الالتزامباستحقاقات برنامجالحكومة السابقة. كما يمكنللحكومة الحالية،إن أرادت "السترة" مع الرأي العامالاردني، وتقديمما هو جوهري له، استعادة جزء من الأموالالمنهوبة والمتسربةبقضايا الفساد.بإمكان الحكومةأن تؤسس،عبر النهجالاقتصادي المقترح،لتعديلات تشريعيةتحقق الإصلاحالضريبي، والاستدارةفي النهجالاقتصادي، وأن تحشد لها دعم الرأيالعام، على أن تُبحثوتُقر في البرلمان المقبل.المهم أولااليوم، هو تجنب الحكومةالجديدة الوقوعفي فخاخبرنامج "الإصلاحالاقتصادي" الحالي،وبعدها أن تضع برنامجهاالبديل، وسريعا.