أراهن دائما على ذكاء الإخوان المسلمين في العمل السياسي الذي يصل في مراحل معينة إلى الدهاء، لكنني في الفترة الأخيرة بدأت أخسر رهانات كثيرة، ليس ضعف قراءة لما يُجرى، وانما لعدم وضوح الرؤية عند قيادات في الإخوان، والتصريحات المتناقضة لبعضهم، وعدم التناغم في بعض الأحيان. اعتقدت أن القيادة الخفية في الإخوان أذكى بكثير من القيادات الفضائية والإعلامية، التي بادرت فورا إلى رفض اقتراح رئيس الحكومة الدكتور عبدالله النسور، الذي كُلّف برعاية الحوار مع جميع شرائح المجتمع والأحزاب والقوى السياسية... النسور التقى الإخوان والأحزاب السياسية والنقابات، وأمام الإخوان عرض تمديد فترة التسجيل للانتخابات، مع انها ليست من صلاحياته، ولو كان الذكاء السياسي لحظتها متوقد عند الإخوان لتقبلوا الاقتراح، من دون الإعلان الترحيبي بذلك، وهم بالمعلومات لم يمارسوا قرارا قاطعا على كوادرهم بعدم التسجيل، إضافة إلى أن من يراقب التسجيل منذ القرار الأخير بتمديده يلاحظ أن أغلبية الذين يسجلون هم من عمّان والزرقاء واربد، وهم من قال زكي بني ارشيد إنهم عشرات الألوف الذين شاركوا في مسيرة الإنقاذ. إقتراح تمديد التسجيل أسبوعين، يعني بالضرورة تأجيل الإعلان عن موعد الانتخابات، وهذا يعني أيضا تأجيل الانتخابات، وهو ما تطالب به القوى العاقلة التي تعرف أن التأجيل فرصة لتغيير الظروف على الأرض، من خلال وسائل الاحتجاج والتعبير والتغيير، وهو ما تحتاجه القوى لممارسة أدوات الضغط لديها. تعرف قيادة الإخوان أن الأوضاع الداخلية والخلافات التنظيمية التي تمر فيها ليست أقل صعوبة من الأوضاع التي مر ويمر فيها قرار الانتخابات في الدولة، وإذا كان قرار التراجع صعبا عند الإخوان أمام قواعدهم، فإنه أصعب بكثير عند الدولة، ولا يمكن تغيير هذا الوضع، إلا بتغيير الظروف على الأرض، كما تعرف قيادة الإخوان أيضا أن مطبخ الدولة الأردنية يرفض بالمطلق التنازل أمام المطالب الشعبية، وهذا كان ظاهرا منذ عشرات السنين، ولم يتغير في زمن الربيع العربي، ولم تصل إلى عقل الدولة نسمات التغيير الإيجابي بعد، فكيف تتوقع قيادة الإخوان أن يتم التراجع بهذه السهولة. أراهن كثيرا من الأصدقاء أن الإخوان لا يمكن أن يغيبوا عن الانتخابات المقبلة، ولن يقبلوا أن يكونوا بعيدين عن العملية السياسية، فهم جربوا المقاطعة مرتين، عادتا عليهم بنتائج سلبية بناء على قراءتهم التنظيمية الداخلية، وجربوا المشاركة وامتيازاتها، ولهذا فلن يسمحوا بانتخابات من دون أن يكونوا مشاركين فيها، وهم يعرفون أيضا أن عقلاء الدولة يقولون إن الانتخابات من دون الإخوان ناقصة، فكيف يمكن الوصول إلى حالة لا رابح ولا خسران فيها ، للدولة والإخوان، ونتخلص من حالات الشد بين الطرفين. المراهنة على القيادة الذكية في الإخوان، التي وسمت بالتطرف، وهي في داخلها في قمة المرونة السياسية مثل القيادي بني ارشيد، الذي يقول إن قيادة الإخوان لن تطالب بفرض حالة الطوارئ، لكنها ، اذا تحقق التوافق الوطني لن تقف ضدها، ارأيتم مرونة سياسية أكثر من ذلك؟ |
||
إقتراح النسور وذكاء الإخوان!
أخبار البلد -