الراغبون بالزحف المقدس، عاشوا أزمات المنطقة ووعوها، وفي ظلال دعوتهم للزحف، تشكلت ردود فعل مختلفة، وهم يرون أن الدعوة حققت مآربهم، من خلال انجاز التوتر المطلوب، والتهديد بقوة الشارع، والعودة لعمان، بعد الفشل بالأطراف.
وفيما قيادات اخوانية اختارت وستختار السفر قبل يوم الجمعة لاثبات الغياب، فإن النوايا لم تعد بريئة، وفيما تتوالى تصريحات قيادات الحركة، مثل السعي لتغيير بنية النظام او اعتبار معركة التسجيل للانتخابات جانبية، إلى التصريحات الجانبية في مناسبات الناس الاجتماعية، فإن المرء بوسعه ان يحكم على مدى تماسك عقد جماعة الإخوان أو انفراطة، وكأن القيادة بلا رأس عندهم، وفيها من القلق الكثير، ولكأن الحركة صعدت الى الشجرة ولم تعد قادرة على النزول من عنها.
الإخوان أصلحهم الله، كانوا وما زالوا يحبون ان يقال عنهم أنهم مكون اصيل في المجتمع، في حين هم يصفون كل من يدافع عن الدولة بأنه بلطجي او مدفوع لذلك من الاجهزة الأمنية، وبذلك فإن صفة الأصالة التي غلفت وجودهم أضحت غير مبررة، لأنهم اختاروا أن يروا كل من لا يتفق مع آمالهم وطموحاتهم بأنه ضدهم وسيف مسلط عليهم من الدولة.
مشكلتهم، أن الحكم في الاردن ظل من الناس ومعهم، ومع وجود اخطاء الإدارات، إلا أن الحكم لم يفسد ولم يستبد ولم يقم باي عمل يوجب شق طاعته، وبالتالي تبطل كل دعواتهم في الاستقواء على شرعية الدولة والحكم معا.
في المقابل، يجب عدم شيطنة الجماعة وإعطائها المساحة التي تريدها للتعبير عن موقفها، لانهم يريدون الذهاب إلى ابعد من مجرد المسيرة.
يقولون أنهم انجزوا خارج البرلمان اكثر مما لو كانوا فيه، ولكنهم لا يعلمون أن شرعيتهم في الربيع الأردني منقوصة، وان الناس الذي رفعوا صوت الاحتجاج في الأردن، لم يكونوا منهم، وقد انذهلوا برؤية الأردنيين الحتمية للعلاقة مع الحكم الهاشمي، فباءت كل محاولاتهم بالفشل.
ارادوا ضخ الكثير من الشعارات والتهديد بتطور النداء بالشارع لكي يقول الناس باسقاط النظام، وفشلوا، ارادوا اثبات عجز الدولة وفشلوا، ارادوا تكميم افواه كل من يختلف معهم وفشلوا، رغبوا بالحكم ومكروا لذلك، لكن الله خير الماكرين، لذا سيخسرون، لأن أهل أرض الرباط يعون جيدا معاني الدولة والوطن والحكم.
خيباتهم كثرت، وتنذر بالأوخم والأهول في دواخلهم، وإذ تخلوا عن ميراثهم السمح ووجوههم الطيبة امثال محمد عبدالرحمن خليفة واسحق الفرحان وعبداللطيف عربيات، فإننا نرى في وجوه قياداتهم الراهنة التي تتوالى ظهورا غير صورة العنف، الذي يسكنهم ويأملون أن نصير إليه، وكل يقود إلى أن يصبح بيتهم كبيت العنكبوت.
أملوا باستمرار الربيع العربي وان يمر بنا كي يتصدروا المشهد، لكن الربيع نجح حيث بدأ وهناك في مصر وتونس انتهى. وفي سوريا آل إلى حرب، ستقود إلى نتائج وخيمة، وهنا في الأردن غابت عند الجماعة نشوة الارتقاء، وحل محلها التحسر والندم والعض على الأصابع.
السؤال عندهم كيف لم يتطور الربيع الاردني لما يريدون؟ والجواب إنه خلق الأردنيين، الذي لديه حس عال باهمية الكينونة، ولأن مشروعنا الوطني يجب ان يكتمل مع عبدالله الثاني، لا مع ثوار بلا ثورة او شيوخ على ابواب ايران وامريكا يبدلون خياراتهم كل يوم وفي كل وادٍ يهيمون.
سيمر يوم الزحف كما مرت بنا ايام اصعب، لكنه سيكون على دعاته أكثر صعوبة، فيما الأردن اكثر صلابة.
Mohannad974@yahoo.com