حصل الأردن على مدى فترة طويلة من الزمان على منح اقتصادية كانت غالبيتها تقدم من الدول المانحة على شكل نقد للحكومة المركزية مجمعة أو موزعة على قطاعات الصحة والصناعة والتعليم والبنى التحتية والمشاريع الرأسمالية والتنموية وغيرها الكثير الكثير.
المنح المقدمة ساعدت الدولة بتعزيز الانفاق الحكومي على جميع تلك القطاعات ودعمت الخزينة في كثير من المواقف. وأصبح بمقدور الجميع تصور المبالغ الطائلة المصروفة عبر السنوات، ناهيك عن المنح الأخرى العينية التي كانت تأتي وتدخل دائرة الاقتصاد, ومؤخرا منحة دولة الكويت الضخمة التي تم فيها الاتفاق مسبقا مع الأردن على طريقة توزيعها وتقسيمها بالتشاور مع الوزارات المعنية والتي تدخل بمجملها ضمن باب الانفاق الحكومي.
لقد تعودت الحكومة على أن تخصص كل سنة بندا واضحا في الموازنة بمبالغ تقدرها وزارة التخطيط والمالية حتى قبل وصول المنح او الاعلان عنها من الدول والمؤسسات المانحة تبنى عليها الأرقام والآمال الاقتصادية.
لكنا غفلنا أو أغفلنا الموضوع الأهم وهو كيفية ادارة أموال المنح, الموضوع الذي يبدو أننا قد أسأنا التقدير فيه في كثير من المواقف.
وهل سألنا أنفسنا عمن يدير تلك الأموال ويحرص على أن تحقق الغاية المنشودة منها؟! في العادة اموال المنح توزع على الوزارات من خلال التنسيق المشترك بين وزارة المالية والتخطيط ويترك التقدير لتلك الوزارات بكيفية انفاقها، واذا كانت تلك هي الطريقة فاننا لم نحقق النجاح المطلوب منها ولا الغاية من تلك المنح ويجب علينا البحث عن طريقة اخرى.
هل سألنا أنفسنا لماذا لا يوجد مركز أو هيئة أو أي شكل ترغبون بتسميته لادارة المنح تكون من مهامها الاعلان بشكل دوري عن حصيلتها السنوية من هذه المنح والمتراكم منها عبر السنوات وتنشر للجميع الطرق والأرقام التي وزعت على القطاعات التنموية والرأسمالية الانتاجية وكيفية ادارتها لها, وتقوم بادارة أموال المنح وتحرص على انفاقها في المكان والزمان الصحيح وتراقب وتتابع وتحافظ على استدامة برامجها.
لا بد أن يقرع الجرس أحد ويفكر جليا بموضوع ادارة المنح الاقتصادية.