لا تجد اسوأ من هذه الحالة التي تواجهها مدينة القدس في تاريخها، والمسجد الأقصى يتم تدنيسه يومياً، وردود الفعل غائبة، وهي الصيغة التي تريدها إسرائيل لإكمال مخططها ضد المسجد والمدينة والناس.
زيارة شارون للحرم القدسي كانت سبباً بانفجار الانتفاضة الثانية، ولا تعرف ماذا حل بالفلسطينيين والعرب والمسلمين، هل تعبوا، أم ماتوا، أم تركوا البيت لربه حتى يحميه في هذا الزمن الصعب؟!.
اسرائيل تختبر ردود الفعل ببطء، والحاخامات والمستوطنون والجند يقومون بتدنيس الحرم القدسي، والكل ساكت، والحديث عن اقتسام الحرم القدسي على طريقة الحرم الإبراهيمي مخطط مقبل على الطريق.
المخطط يصل حد أخذ الأقصى بقبته الزرقاء، وتعويض المسلمين بمسجد قبة الصخرة، وهذا معنى التقاسم الفعلي الذي تريده اسرائيل.
علماء الدين يساعدون بحسن نية، حين يقولون إن كل الحرم اقصى، وبما انهم يقولون ذلك فإن اخذ المسجد بقبته الزرقاء لا يعني الأقصى مع بقاء مسجد قبة الصخرة بيدنا؟!.
هذا يفسر ايضا كثرة التركيز على قبة الصخرة في الصور والإعلام العالمي وطبعه على العملات، لأن المقصود احلاله معنوياً ونفسياً كبديل عن الاقصى بقبته الزرقاء، والمخطط يريد تقسيم الحرم، وأخذ الاقصى، ثم هدمه لإقامة هيكل سليمان.
الأردن من بين عشرات الدول العربية والإسلامية، يفعل ما يقدر عليه، غير ان الحمل ثقيل جداً، واكبر منه وحيداً، حتى لا يتم تحميل الأردن منفرداً كل القصة، وهذا ما يريده كثيرون من العرب والمسلمين، عبر القول ان المسجد مسؤولية الاردن فقط.
الملك في الأمم المتحدة لم يتخلص من مسؤولية الأردن، بل كاشف الجميع بما هو مقبل وآت، اذ قال ان أهمية الحرم القدسي ثالث الحرمين الشريفين، لا تقل لدى المسلمين عن أهمية الكعبة المشرفة.
اضاف..أقول بكل وضوح إن أي اعتداء أو تقسيم لموقع المسجد الأقصى اعتداء ديني خطير، وعلى المجتمع الدولي في هذا الصدد إرسال رسالة واضحة بأن مثل هذا الاعتداء، أو أية محاولة لمحو الهوية العربية أو الإسلامية أو المسيحية للقدس، أمر لا يمكن قبوله أو السكوت عليه.
هي مكاشفة خطيرة، لم يتم الإعلان عنها في نيويورك من باب الكلام، بل ابلاغ رسمي اردني للعالم على ان المسجد قاب قوسين او ادنى من تقسيمه، ولأول مرة يلجأ الأردن بهذه اللغة الى هذا المنبر العالمي، مكاشفا العالم اننا امام سيناريو تقسيم المسجد الاقصى.
مسؤولية الاقصى ليست مسؤولية الفلسطينيين والاردنيين لوحدهم، حتى لا يضيع تحت هذين العنوانين، والمؤسف ان العالمين الاسلامي والعربي يجن من أجل مقطع سينمائي تافه يمس رسول الله، لكنه لا يغضب من اجل مكان أسرى بالرسول إليه وصلى فيه وأشير اليه في القرآن الكريم!.
القصة ليست تأكيداً على ما يراه البعض من وصاية اردنية على الاقصى، ويريدون قلبها لاحقا الى فاتورة من المسؤولية، اذا تم تقسيم الأقصى، بل إعلان مواجهة ووضع المسؤولية أمام كل العرب والمسلمين والعالم عما سيواجهه الاقصى عما قريب.
يد واحد لا تصفق، والأردن لا يقدر وحيداً ان يمنع إسرائيل، وما قيل في نيويورك، كلام له ارتداده اللاحق، خصوصا اذا اشتدت الأخطار، ووجد الجميع انفسهم أمام مسجد مختطف، وعندها لن ينفع الكلام ان العرب والمسلمين لم يسمعوا بالقصة ابداً.
يبقى السؤال: لماذا اضطر الملك لطرح ملف الأقصى في نيويورك، والجواب يقول إن الخطر قريب جداً.