أخبار البلد -
يُجمع المراقبون على أن تشكيل الحكومة الحالية عكس تراجعاً واضحاً عن وعود الإصلاح إضافة إلى أن ما تم تعديله من مواد في الدستور أو ما تم وضعه من قانون للانتخاب كان مُحسن إجرائياً، غير أنه متطابق جوهرياً مع قانون الصوت الواحد الذي فرض على الناخبين منذ سنة 1993، من حيث عدم اعترافه بحقهم في خيارات الانتخاب أو عدم استجابته إلى دعوات الاعتراف بالآخر من حيث تطبيق نظام النسبية على القوائم الانتخابية مثلاً، مما شكل تراجعاً حقيقياً عن الإصلاح السياسي الذي طالب به شعبنا وأكده صاحب القرار أكثر من مرة، وهلّلت له قوى الموالاة أولاً وتفاءلت بها القوى السياسية المعارضة في كثير من الأحيان!؟
لم تكن حكومة الدكتور فايز الطراونة هي الحكومة التي انتظرها شعبنا في ماراثون الإصلاح ولم يكن الفريق الوزاري الذي ضم عدداً من الوزراء المقبولين شعبياً، هو الخيار الأفضل!؟ إلا أنها كانت حكومة خرجت من العلبة نفسها التي خرج منها من أداروا الحكم في بلادنا عبر السنوات الفائتة والتي أوغلت في الاستهانة بعقول الأردنيين من النواحي كافة ، خاصة أنها كرست مبدأ الإقصاء من حيث التشكيلات الحكومية ووظائف الصفوف الأولى أو الوظائف الرئيسية المهمة بعد سنوات من حرمان قوى المعارضة السياسية من العمل لدى دوائر الدولة الأردنية بشكل عام!؟ والتي شكلت الوجه الآخر للاستئثار بكل شيء، بما في ذلك منح الجوائز للمداحين والموالين الذين لم يكن همهم إلا التسبيح والتهليل لقرارات الحكومات مقدمين الولاء للأشخاص على حساب الولاء للوطن!؟
ضمن السياق أعلاه نجد أنفسنا اليوم في مواجهة حقيقية، قوى متعددة تتنازع وتتصارع، والنتيجة إن استمر الحال على ما هو عليه أن تقود هذه النزاعات بلدنا إلى ما لا تحمد عقباه!؟ بعد أن تبين أن مظاهر الأزمة والصدام حول أتفه القضايا، أصبح متوقعاً بأية لحظة ولأي سبب، وبعيداً عن اختبارات علم النفس الفردي أو الجماعي، فإن قدرة الأردنيين على رفض أي شيء اليوم وحتى لو كان مقبولاً لم تعد مفاجئة!؟ فمن الظواهر أن يستطيع أي عدد لا يتجاوز أصابع اليد من إغلاق شارع أو شتم أية شخصية بغض النظر عن صوابية هذا الشتم أو الاحتجاج!؟ نعم إنها معادلة تهديم الدولة!؟ والتي تعكس مواطنين أنتجتهم السياسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما أدى إلى إدخال الأردن دولة ومواطنين في عنق الزجاجة؟
لم توفق الحكومة أبداً في قراراتها التي تبين أنها غير مدروسة، والتي وجد شعبنا صعوبة في هضمها في هذا الجو المشحون حتى من الموالاة!؟ فرفع الأسعار والتعيينات المختلفة والتصريحات المتسربة للخاصة والتي تنتقل إلى العامة كالنار بالهشيم، أصبحت مصدراً لهذا التوتر المتلبد في هذه الأجواء.
لقد صنع الملك خيراً عندما جمّد قرار رفع الأسعار الذي نطالب بإلغائه، لا تجميده وكذلك عندما لم يصادق على التعيينات التي نسبها مجلس الوزراء، التي تدخل ضمن صلاحيته.
أما التعيينات الأخرى التي لا تحتاج إلى موافقة ملكية، فإن تراجع مجلس الوزراء عنها أصبح أكثر من ضروري خاصة ونحن نعلم وأصبح في حكم العلم لدى العامة والخاصة بعد أن نشرت الصحف خلفيات هذه التعيينات التي سبقتها إقالات مدراء في مؤسسات تعتبر الأهم في مفاصل اقتصادنا ومجتمعنا، قيل إنهم لم يمارسوا ما يستدعي الإقالة خاصة أن بعضهم لم يكمل عقده الوظيفي.
قد تكون بعض التعيينات مستحقة ومقبولة وهي تتويج لوجود وخدمة مشهود لها في بعض المؤسسات، وتمثل اعترافاً حقيقياً بكوادر هذه المؤسسة أو تلك، هذه التعيينات لم يعترض عليها أحد ولم يثور حولها لغط كدائرة مراقب الشركات والمراقب المعين مثلاً الذي تجاوزت خدمته العشرين عاماً، لا بل أنها وجدت استحساناً ورضاً من الجميع.
إن الربح سيكون للوطن عندما تلغى هذه القرارات التي لم نجد لها أي تبريرات في ظل صيحات كثيرة عن مكافحة الفساد وتجفيف منابع المحسوبية، وجوائز الترضية التي لوثت الحكومات في الحقبة الماضية ! .