ليس من باب المساجلة , كان عنوان مقال الشيخ سالم الفلاحات المنشور في "الدستور” امس , بعيدا عن مضمونه , فهو قرأ اسباب برنامج الاصلاح الذي طرحته الجماعة الاسلامية وحزبها , ولم يقرأ مضامين البرنامج , ودافع بلغة دقيقة عن ضرورة ان تحسم الجماعة وحزبها تراتبية القيادة وتوزيع المهمات قبل الدخول في تحالفات او اجتذابات لقوى سياسية من الوان الطيف السياسي الاردني , وعلى القادمين ان يدخلوا البرنامج من بوابة الجماعة الاخوانية وحزبها , تلك البوابة المصممة على نظام بوابات معابد الفراعنة , فتكون الواجهة للمبنى ضخمة والبوابة على القياس الادمي تماما , فالبناء الاسلامي الاصلاحي واجهته ضخمة وبوابته محصورة وتلك فلسفة الجماعة وحزبها.
وبناء الفراعنة مثال مقصود , بعد ان استمعنا الى شخصية قريبة من دوائر صناعة القرار الاسلامي في مصر , بل هو ابرز ناطقيها , فالشيخ صفوت حجازي الغني عن التعريف كان شاعر الجماعة الاسلامية وخطيبها المفوّه في حملة الانتخابات البرلمانية وكان العراب الشعبوي لحملة الدكتور محمد مرسي السياسية , وقد كسب الرجل جولة في ما قدمه خلال منتدى "الدستور” وسط غياب ملحوظ للجماعة الاخوانية وحزبها.
فقد حدد الهوية السياسية والهوية الوطنية الناجزة في مصر , وكيف قبلت الجماعة في مصر مبدأ المشاركة مهما كان شكل القانون , بل شاركت على قانون نظام مبارك المخلوع في كل المرات , ولم تلجأ الى مفهوم المقاطعة الذي وصفه الشيخ صفوت حجازي بعديم الانتاجية , وربما ساهمت قسوة النظام المصري في التعامل مع الجماعة الاخوانية في مصر بهذه المشاركة لانها فرصة للوصول الى الناس , فيما ساهمت انفتاحية الدولة الاردنية وحلفها مع الجماعة الاخوانية بعكس ذلك , فالجماعة لها لافتة موجودة في شوارع ومحافظات المملكة منذ العام 1946.
صفوت حجازي امين سر مجلس الثورة المصرية , وهو مجلس يضم حسب قول الشيخ 60 الف مصري , من اقصى اليمين الى اقصى اليسار , من السلفي الى الشيوعي , وقد فاز الشيخ بانتخابات المجلس في دورته الاولى وجرى انتخابه لدورة ثانية , ويؤكد الشيخ بأن المجلس جرى تشكيله من الجميع ولم يتم التحاق الجميع به.
وهذه هي المفارقة التي اود الولوج منها الى مناقشة برنامج الاصلاح الذي تبنّته الجماعة الاخوانية وحزبها , ثم بدأت تدعو الناس للانضمام اليه , وهناك اشارة افصح عنها الشيخ سالم الفلاحات في زاويته المشار اليها اول المقال ومنها اقتبس نصا "ان المجلس الاعلى للإصلاح، ليس مجلس حرب ولا مجلس ثورة عمياء ولا هو انفراد عن بقية الشعب ولا هو استراتيجية جديدة في التعامل مع قوى الاصلاح الوطنية انما هو القيام بإعادة ترتيب العمل الداخلي للحركة فقط وسيفتح الباب لمزيد من التنسيق والبناء على ما سبق وتطويره وتكامله مع الصادقين الجادين الذين نذروا أنفسهم لإصلاح بلدهم وبنائه مهما كانت المعيقات وتحالفات المفسدين والمستبدين”.
اذن، المجلس والبرنامج تعبير عن حاجة داخلية للحركة لإعادة ترتيب اوراقها , قبل ان تحدد الحركة شكل الجهات الصادقة والجادة التي نذرت نفسها لخدمة الاصلاح حتى تفتح لها الحركة باب المعبد.
في حين ان الحركة سبق لها ان دعت الى اجتماع للحراكات الشعبية والاحزاب السياسية لتحديد الموقف من الانتخابات النيابية القادمة وتحديد موقف جماعي منها , ويوم كتبنا ان الاجتماع كان للجماعة الاخوانية وحزبها ولكن بأسماء مستعارة او حركية, عتبت الجماعة وعاتبني بعض افرادها على الاتهام غير الصحيح حسب قولهم , ولكن من يتدثر بالايام لا يأمن العُرّي , وهذا ما كشفه دون لبس برنامج الحركة الاصلاحي , بتفرده عن باقي الحراكات والاحزاب , التي بات عليها ان تأتي الى باب المعبد وتقديم اوراق الاعتماد ليسمح لها بالدخول.
الشيخ صفوت حجازي قال أن مصر لا تُبنى بجماعة او حزب متفرّد , وهي الدولة الكبرى ذات الهوية الناجزة , ويعاقب نفسه إن أحب احد مصر اكثر منه ولا يعاقب الاخرين باستباعدهم او الإملاء عليهم , فهل فعلت الجماعة الاخوانية وحزبها ذلك؟ سؤال ليس برسم الاجابة بقدر ما هو برسم القلق , ونحن نرى الجماعة وحزبها تدير ظهرها وتخرج ببرنامج اصلاح ناجز القيادة وعلى من فاتهم القطار اللحاق بالمقاعد الخلفية.