اخبار البلد_ عقد المنتدى الأردني للتخطيط فعاليته لشهر حزيران للعام 2012 تحت مسمى "منتدى السبت" بعنوان: المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت التنموية والتي إفتتحها نائب رئيس المنتدى/ م. كمال جلوقة مرحبا بالحضور ومعطيا" نبذة عن المنتدى الذي أسس ليشكل ملتقى للمخططين يتم فيه مرة كل شهر التطرق لمشروع تخطيطي تنموي من الأردن بحيث تدعى الجهة القائمة على المشروع وتقدم عرضها ليصار الى مناقشته بشكل حواري متخصص من قبل المهتمين.

وقد قام الدكتور طه الزبون/ المدير العام لشركة تطوير المناطق التنموية الأردنية بشرح الإطار المؤسسي الذي تعمل تحت مظلته الشركة كونها مسؤولة منذ شهر أيار 2009 عن إدارة المنطقة التنموية كمطور رئيسي تحت مظلة هيئة المناطق التنموية والمناطق الحرة.

وأضاف الدكتور الزبون أن المخطط الشمولي الذي تم إطلاقه بعد دراسات مستفيضة في شهر تموز 2011 يتمحور حول خلق سلسلة من المناطق أو الأحياء الاستثمارية وعددها 12 حي ذات مراكز حيوية بمساحات تتناسب وحجم المنطقة التي تتوسطها وتتميز بالحفاظ على المميزات الطبيعية والاقتصادية الخاصة بتلك المنطقة وترتبط ببعضها البعض بواسطة شرايين الحركة الرئيسية وأهمها طريق البحر الميت الذي تمت معالجته ليصبح طريقا ساحليا جاذبا للمتنزهين والمصطافين، كما تضمن المخطط الشمولي خطة للنقل تهدف الى توفير خدمات النقل العام داخل منطقة البحر الميت اضافة الى الربط بعمان والمطار وغيرها لتأمين سهولة التنقل للزوار والقاطنين والعاملين في المنطقة على حد سواء. كما يفتح المخطط الشمولي بمناطقه الاستثمارية المختلفة المجال لاستثمارات جديدة تتنوع من حيث الاستعمالات السياحية بشقيها الداخلي والخارجي؛ كالفنادق والشواطئ العامة والخاصة والاستعمالات الداعمة كمراكز التدريب والتأهيل والاستعمالات الخدمية.

كما أضاف أن أهمية المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت تتمحور حول تثبيت منهج استراتيجي لواقع ومستقبل منطقة البحر الميت يضمن الحفاظ على مميزاتها البيئية والتاريخية التي تجعلها تنفرد وتتميز عالميا، أن المخطط الشمولي اشتمل على وضع مخطط تنموي هيكلي لمنطقة السويمة يحقق إنشاء بؤرة خدمية مركزية تدعم المنطقة التنموية بالخدمات العامة كمحطة الباصات، مغسلة ومخابز مركزية، مواقع لاسكان العاملين في القطاع السياحي وللتوسع السكني المصاحب لتنمية المنطقة بالإضافة إلى معهد تدريب فندقي يأخذ على عاتقه تأهيل الكوادر المحلية ودمجها في المشاريع الاستثمارية القائمة والمستقبلية،

أما على الصعيد البيئي فقد حرص المخطط الشمولي على توحيد المواقع ذات الأهمية البيئية ضمن منظومة محددة سيتم العمل على اعداد برنامج عملي وزمني لحمايتها ووضع البرامج والاليات لكيفية تفعيل دورها كرافد مهم وحيوي لتجربة الزائر والمقيم في المنطقة وذلك بالتنسيق مع العديد من الجهات المختصة ذات العلاقة.

وقد تم إعداد المخطط الشمولي بالاستفادة من جميع الدراسات التي تم اعدادها سابقا لهذه المنطقة، وضمن نهج تشاوري فقد عقدت شركة تطوير المناطق التنموية الأردنية بمشاركة هيئة المناطق التنموية والحرة سلسلة من الجلسات التشاورية مع مختلف الجهات ذات العلاقة بهدف الاستماع الى وجهات النظر المختلفة والمتعلقة بالمخطط الشمولي الأولي المقترح، حيث تعتبر عملية التشاور مع هذه الجهات أحد أركان عملية التخطيط للتأكد من تناسب المخطط المقترح مع المتطلبات المختلفة والخصائص والموارد الطبيعية للمنطقة.

بعد ذلك قدمت مديرة المشاريع والبنية التحتية في الشركة/ م. أمل زنون عرضاًللمخطط الشمولي بشيء من التفصيل. وتطرقت المهندسة زنون إلى المراحل التي تم من خلالها تطوير المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت التنموية وإشارت إلى الإئتلاف الذي فاز بالعطاء والذي قادته شركة ساساكي Sasaki بمشاركة من مكاتب هندسية عالمية ومحلية. وبينت بأن الدراسة ركزت على ما مساحته (40) كيلومتر مربع تمتد من قرية السويمة شمالا حتى - منطقة الزارة الجنوبية. وتم بيان التحديات التي واجهت المخططين والمتمثلة بالطبيعة الجغرافية في بعض المناطق ومحدودية المساحة التي تستدعي توفير المساحات الضرورية لكافة المتطلبات التنموية اللازمة للمنطقة.

وتخلل المحاضرة مداخلات من الحضور إبتدأها رئيس المنتدى/ الدكتور مراد الكلالدة والذي توقف عند مخطط إستعمالات الأراضي للمنطقة الشمالية والتي تبين منطقة إلتقاء نهر الأردن مع البحر الميت والتي قد تنطبق عليها الآيات الكريمة مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) من سورة الرحمن، دلالة على إلتقاء المياه العذبة مع المياه المالحة كما أن لهذه المنطقة بالذات دلالة هامة عند المسيحيين حيث بينت خارطة الفسيفساء الموجودة في أرض كنيسة القديس جورج للروم الأورثوذكس الكائنة في مادبا أشكال السمك سابحة في إتجاه معاكس لمسار النهر لشعورها بالإقتراب من المياه المالحة. وقد تمنى الدكتور الكلالدة لو أنه تم التركيز على هذه الفكرة لتعظيم الأهمية التاريخية للمنطقة مما يجعلها مقصدا سياحيا هاما للزوار من جميع أنحاء العالم.

وقد استطردت م. زنون في شرحها لفكرة المخطط الشمولي التي يمكن تشبيهه بالعقد Necklace حيث قسّمت المساحات الشاطئية الى مناطق فيها فعاليات متنوعة Activity Nodes ومثال ذلك منطقة الكورنيش الواقعة بالقرب من سويمة حيث توفر المنطقة ممشى بحري للتنزه يحاذيه متنزه بيئي يهدف للمحافظة على التنوع الحيوي ستقوم الشركة بالتعاون مع الجمعية الملكية لحماية الطبيعة على رعايته وإستدامته، وستكون هذه المنطقة مفتوحة للمواطنين للتنزه وقضاء أوقات من المرح والاسترخاء برفقه عائلاتهم على مدار السنة. وقد تخلل العرض مداخلات لإستاذ التخطيط الحضري في جامعة العلوم والتكنولوجيا/ الدكتور عاطف نصير ركز فيها على ضرورة عمل توازن بين المناطق المخصصة للإستثمار وتلك المخصصة للعموم حيث طالب بإفساح مجال اكبر للوصول الى مياه البحر دون المرور بالمناطق المغلقة المخصصة للفنادق الفخمة. المهندس بهاء مرجي لفت الإنتباه إلى أن نسبة المناطق المخصصة للإستعمالات السكنية منخفضة وطالب بزيادتها ولا سيما في المنطقة الحدودية ودعا إلى عدم تفسيخ المنطقة إلى وحدات صغيرة متناثرة ورد الدكتور الزبون على ذلك بأننا لا نريد زيادة الكثافة السكانية في المنطقة واننا نركز على ترويج المنطقة إستثماريا ورفع مدة إقامة السائح والتي هي بمعدل يومين وهذا تحدي كبير، وعلق م. كمال جلوقة بأن هذه الفكرة رائدة لكونها قرّبت المنتج السياحي للمواطن الأردني والذي سيصبح بمقدوره الاستمتاع والترفيه عن نفسه وعن أفراد اسرته في بلده وبكلفة معتدلة. الدكتور نبيل أبو دية أفاد بأن العرض بيّن بأن هناك مجهود كبير قد بذل لتجهيز المخطط الشمولي للمنطقة شاكرا القائمين على المشروع لجهودهم الجبارة لإنجاز هذا المشروع الوطني الهام.

وقد رحب رئيس المنتدى بالدكتور نجيب أبو كركي/ أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل في الجامعة الأردنية، طالبا منه التعليق على المخطط الشمولي من الناحية الجيولوجية كون المنطقة ذات خصوصية لوقوعها في أخفض بقعة على وجه الكرة الأرضية وتعاني من آثار الإنخفاض المستمر لمنسوب مياه البحر الميت، وقدم الدكتور أبو كركي عرضا موجزا عن الدراسات التي إجراها مع فريق متخصص في هذه المنطقة وبين أن هناك شواهد على ظهور ما يعرف بحفر الإنهدام Sinkholes منذ مدة كان أكثرها وجودا في منطقة غور حديثة وبدات بالازدياد في مناطق مختلفة أدت في العام 1999 لإنهيار سد البوتاس رقم (19) وضياع (55) مليون متر مكعب من المياه وتكبدت الشركة مبالغ طائلة جراء هذا الأمر. وقد بين الدكتور أبو كركي مستعينا بالصور الموثقة بنظام المعلومات الجغرافي GIS وبالتسلسل التاريخي بأن الظاهرة في إزدياد مما يتوجب الانتباه لهذه الظاهرة الطبيعية وأخذه بعين الاعتبار. وقد أكد الدكتور الزبون على ضرورة الالتقاء مرة أخرى مع الدكتور أبو كركي للاطلاع على دراسته بشكل تفصيلي، وقد ردت المهندسة أمل زنون على ذلك بأن مخطط استعمالات الأراضي الذي بني عليه المخطط الشمولي قد تنبه إلى هذا الأمر بالاستعانة بالدراسات التي حددت أماكن الخطر المحتملة في منطقة غور حديثة.

وفي ختام منتدى السبت، قدم رئيس الجلسة الشكر للحضور ولمساهماتهم القيمة لإثراء النقاش متمنيا" على القائمين على المشروع اخذ الملاحظات التي تم التطرق اليها بعين الإعتبار مما يحسن من جودة المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت- أحد كنوز الأردن والعالم.