اخبار البلد
كيف يتّفق أن يقوم أستاذٌ جامعي بتدريس مساقٍ في علوم البيئة ... ثمّ حين يقرّر امتحان طلبته، يقدّم لهم دفاتر امتحانات من ستّ صفحات لأسئلةٍ تكفي صفحةٌ واحدة للإجابة عنها !
ولماذا يقوم عامل وافد بإغراق الشوارع الفرعية بأنهار متدفّقة لمّا يُكلّفه رئيسه بغسل سيارات المنزل، والأغرب من ذلك حين يُقرّر تنظيف الرصيف المحاذي لبيت سيّده بالمياه الهادرة ... بمياهنا ... المياه المخصّصة لإروائنا ؟ وتكتمل المأساة حين تمرّ السيارات النظيفة من المكان، فتتسخ، ليُضطر أصحابها إلى تنظيفها من جديد، فيتكرّر فعل الهدر ... هدر المال والماء في آنٍ معاً . لنسأل : أين هي دوريات الشرطة البيئية في مثل تلك الشوارع ؟ لماذا السكوت على هذا العبث السمج غير المسؤول بالماء ...أغلى ما نملك !
ومنذ عقود والخبراء يتحدّثون عن حجم الخسارة في قطاع الماشية بسبب الأكياس البلاستيكية الهائمة التي تبتلعها المخلوقات المسكينة لتموت بألمٍ وبطء بسببها بعد حين، رغم ذلك، لم نحرّك ساكناً في الحدّ من طوفان تلك الأكياس، وينسحب الأمر ذاته على الأعداد الخرافية لقوارير المياه البلاستيكية التي تُلقى من الفنادق والمطاعم والمقاهي والبيوت .
بعضنا قد يُلاحظ أنّ أحد المتاجر المعروفة يستخدم أكياساً بلاستيكية لمشتريات الزبائن مكتوبٌ عليها أنّها قابلةٌ للتّحلل ... جميل، لماذا لا يتمّ الإيعاز إلى كلّ المتاجرالأخرى والبقالات لاستخدام أكياسٍ مماثلة ؟
وبين يديّ صفحاتٌ مؤثّرة وموجعة مكتوبة بخطّ اليد سلمنّي إيّاها الأخ « مفلح محمد المحاسنة « من جمعية « ريف جرش الزراعية للمتقاعدين العسكريين التعاونية « تشكّل دراسةً مستفيضة لواقع الغابات الحرجية في بلدة « كفرخل « والمناطق المجاورة، وأنواع الأشجار المعمرّة والنباتات المختلفة والحيوانات والطيور البرية، وغيرها من أشكال التنوّع الحيوي، المهدّدة جميعها بالزوال بسبب الاعتداءات المستمرة عليها، في ظلّ سياسة وقوانين مترهلة، وتسيّب وميوعة في تطبيقها !
كنّا قد اقترحنا في زمنٍ مضى أنْ يهبّ القطاع الخاص من بنوكٍ ومؤسساتٍ ومدارس لتضمنٍ أراضٍ من وزارة الزراعة وتشجيرها من منطلق المسؤولية المجتمعية لها، أو لغايات الدعاية والإعلان ... لكن لا حياة لمن تنادي ...
وبعد، أحسب أنّه كلامٌ قديم بات مكررّاً بشكلٍ ممّل، ، والمفارقة المؤسفة هي أنّ كلّ الدول الواعية، تعمل على زيادة مقدّراتها مهما كانت متواضعة، أمّا نحن، فنعمل بجهدٍ وإصرار على استنزاف القليل الذي لدينا بأنانية عجيبة، وليت هذا يحدث بصمت، المحزن أنّه يحدث ونحن نملأ الآفاق صراخاً ونحيباً وبكائياتٍ مطوّلة عن الوطن والوطنية، وبقية الغزل الممجوج في الولاء للبلد والانتماء لترابه الغالي !