أخبار البلد -
اخبار البلد_ أنا
لا أعرف إن كان السادة النواب قد أتيحت لهم- في زحمة انشغالاتهم الوطنية-
فرصة الاطلاع على الكاريكاتور الذي بدا بسيطاً في فكرته، ومتواضعاً في
رسوماته، غير أنه كان عميقاً في دلالته، مؤسفاً في إشاراته، هذا الذي بدا
فيه الرئيس المخلوع المسجون (مبارك) وهو يطالب أن يحاكم في مجلس النواب
الأردني، وهو متأكد تماماً من براءته، التي لن يكتشفها مجلس في الدنيا إلا
مجلس النواب الأردني فقط، الذي أثبت أنه صاحب اختصاص في تبييض ملفات
الفساد، وتبرئة الفاسدين.
ولعل هذه الميزة التي غدت ماركة مسجلة لمجلس النواب الأردني- ونحن
بالتأكيد لسنا معنيين هنا بالحديث عن الأشخاص فيه، ولكننا معنيون بالناتج
(الوطني) للمجلس، بغض النظر عن مواقف البعض فيه، والتي تنسجم مع ما يراه
المواطن العادي- هذه الميزة لهذا المجلس جاءت من كونه مجلساً متميزاً
بطريقة وصوله للقبة، فقد جاء على أساس قانون الصوت الواحد، والدوائر
الوهمية، مضافاً إليهما أن أغلب السادة النواب جاؤوا بالتزوير، المعترف به،
لا بل والمصرح به علانية دون خوف من قانون، أو وجل من مسائل أو محاسب.
هذا الدور الذي يقوم به مجلس النواب اليوم يؤكد حقيقة الهدف الذي جاء من
أجله قانون الصوت الواحد، هذا الهدف الذي ما كان غائباً عنا، لكنه اليوم
بدا أكثر وضوحاً حتى لأولئك الذين كانوا يحسنون الظن بإجراءات الحكومات
وقوانينها المؤقتة.
وللعلم فقط فإن فلول نظام الصوت الواحد مازالوا للأسف يتحكمون في مسار
حياتنا السياسية، حتى في زمن الربيع العربي، مازالوا هم من يرسم لوحة
الإصلاح في الأردن، فمازالت أيديهم هي التي تمسك بالأقلام والألواح، وهي
التي تقدم مشاريع القوانين، ومشروع قانون الصوت الواحد بطبعته الجديدة،
يؤكد أن نية الفساد موجودة بقوة، ومحاربته الحقيقية مفقودة تماماً، فمازالت
الحاجة عند أولئك ملحة في المستقبل لمجلس يقوم بدوره المطلوب، ويتابع
مسيرته في تبييض ملفات الفساد وتبرئة الفاسدين السابقين والجدد، ولن يتحقق
هذا إلا بقوانين الصوت الواحد أو بإحدى صوره المبتكرة المطورة، وبالتالي
فإن الإصلاح في القاموس الأردني له معنى آخر، غير المعنى الذي ينادي به
الناس في مسيراتهم واعتصاماتهم واحتجاجاتهم.
فالمطلوب قبل أن نتحدث عن الإصلاح أن نحدد مفهومنا للإصلاح، الإصلاح الذي
يتحدث عنه الملك، والإصلاح الذي تتحدث عنه الحكومة، والإصلاح الذي يتحدث
عنه مجلس الصوت الواحد والدوائر الوهمية، والإصلاح الذي يتحدث عنه الناس في
الشوارع والساحات والدواوير.. هل فعلاً هو هو؟ أم أن لكل مفهومه
للإصلاح؟!!
أظن أن إنجازات مجلس الصوت المجزوء ستتابع، لكن دون أن تفاجئ المواطن
الأردني على الإطلاق، فملفات الفساد كثيرة، وهي بحاجة للجان تشكل، وتستدعي،
وتحقق، وتنفق، وتقرر، وتصوت، والنتيجة في النهاية معروفة، ( البلد فيه
فساد لكن ما فيه فاسدون، وفيه سرقات لكن ما فيه "حرامية"، وهكذا)، المهم أن
مجلسنا لن يحل حتى يبض كل صفحات الفساد وملفاته في بلادي.
د.عبدالله فرج الله