أخبار البلد -
اخبار البلد_ حلمي الأسمر_ دوائر صنع القرار والمراقبون
في الأردن منشغلون بالإخوان المسلمين، والانتخابات، وصورة البرلمان
القادم، وقانون الانتخاب، كل هذا يجري على وقع حراك الشارع الذي تنفتح
احتمالات مآلاته على المجهول!
سأحاول في هذه العجالة إجراء نوع من
العصف الذهني الذاتي، مستعينا بما يتم تداوله في صالونات الساسة والمراقبين
والمهتمين، مع استعراض جملة من السيناريوهات والاحتمالات، وربما الشائعات
التي يتداولها القوم باعتبارها «معلومات» مؤكدة أو تسريبات:
1- هناك
خلاف يكاد يكون جذريا حول «منشأ» مشروع قانون الانتخاب، يتفرع عنه عدة
استخلاصات، والمربك في الموضوع أن المشروع لم يكد يحظى بإعجاب أحد من
الأطراف المعنية بشكل مباشر به، فمعارضو الإخوان يقولون إن القانون مفصل
على مقاس الإخوان، والإخوان يقولون إنه إعادة إنتاج لقانون الصوت الواحد
المجزوء، وأصحاب نظرية الوطن البديل والتجنيس السياسي، كما يسمونه، يقولون
إنه يمهد الطريق لتنفيذ ما يخشون منه، والأردنيون من أصل فلسطيني يقولون
إنه يهمشهم، ويوصد الطريق أمام تمثيلهم بشكل متناسب مع ثقلهم السكاني،
وهكذا دواليك، فلكل رأي رافض للقانون ثمة من يناقض هذا الرفض ويرفضه، حتى
ليكاد يصبح هذا القانون أحجية من أحاجي العصر!
2- في بعض الكواليس
ثمة من يعتقد أن القانون نشأ نتيجة «صفقة» بين الحكومة والإخوان، وإن هناك
اتفاقا بين الطرفين على مهاجمة الإخوان للقانون «على عينك يا تاجر» يعني
ادعاء التمنع وهم راضون عنه كي يمر بسلام من تحت قبة البرلمان!
3-
على الرغم مما يقال عن احتمالية مقاطعة الإخوان للانتخابات، فثمة من يجزم
أن كل ما يقال محض مناورات، وآخر تصريح لرئيس الدائرة السياسية في جبهة
العمل الإسلامي زكي بني إرشيد يقول إن «الحركة الإسلامية لن تشارك في
الانتخابات وفق القانون الذي قدمته الحكومة للبرلمان».
وفي رده على
سؤال، لموقع «في المرصاد» حول مشاركة الإسلاميين في الانتخابات إذا ما عدل
القانون، قال «سيكون هناك حوار أولا، ثم لكل حادث حديث» ولربما يستند
اصحاب الرأي الذي سقناه إلى روحية مثل هذه التصريحات لتأكيد استنتاجهم!
4-
هناك تضارب كبير في توقعات العدد الذي سيحصل عليه الإخوان في الانتخابات
القادمة، و»المزاد» يبدأ من 26 أو 28 وينتهي إلى نحو 60 مقعدا،
و»المعتدلون» في سوق التوقعات يرجحون حصولهم على ما لا يقل عن 40 مقعدا في
أسوأ الظروف، طبعا يضاف لهؤلاء نحو 20 إلى 30 من شاغري المقاعد ممن
سيتحالفون مع الإخوان، سواء من ذوي التوجهات الإسلامية من غير الإخوان أو
الحلفاء السياسيين، أو السلفيين، وثمة ما يشي أن بعض أجنحة هؤلاء السلفيين
«المعتدلة» تهيئ نفسها لخوض المعترك السياسي، ويتوقع أن يشغلوا ما لا يقل
عن 10 مقاعد، وأصحاب الرؤية «السوداوية» ممن يخشون من سيطرة الإخوان على
المجلس النيابي القادم، يقولون إن الإخوان قد يشكلون كتلة أغلبية سيكون من
حقها «ترشيح» رئيس الوزراء القادم، وقد يكون الرئيس الحالي، الذي يقال إنه
يعد العدة لخوض الانتخابات عن دائرة لواء بني عبيد في الشمال، وبهذا يكون
أول رئيس وزراء يشكل حكومة نيابية في مرحلة التحول الديمقراطي في الأردن!
5-
وبين هذا وذاك، ثمة من يكاد يجزم أن الانتخابات النيابية لن تجرى، لا هذا
العام ولا العام المقبل، ناهيك عن تأجيل الانتخابات البلدية إلى ما بعد
الانتخابات النيابية إن أجريت أصلا، بخاصة بعد أن «صعق» البعض من نتائج
انتخابات نقابة المعلمين، التي أجريت بمنتهى النزاهة، كتدريب بالذخيرة
الحية لاختبار سيكيلوجيا السلوك الانتخابي، وتوجهات الشارع!
6-حاولت
أعلاه بمنتهى الحياد أن أسبر غور «بعض» ما يجري في كواليس عدد من
الصالونات السياسية، وما قد يفكر به أصحاب الرأي والقرار أيضا، مما يرشح
هنا أو هناك، وبحسبة بسيطة يمكن الاستنتاج أن هناك حالة ضبابية تلف أكثر من
مستوى، من مستويات صناعة القرار، وعدم يقين أيضا، بخاصة أن ثمة من ينتظر
ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا، وتدافعات الأحداث في المنطقة، وإن كان ثمة
شبه إجماع صامت أو صارخ، على أن المرحلة القادمة هي مرحلة هيمنة «الإسلام
السياسي» تأسيسا على الحالات المشابهة التي جرت فيها حراكات وانتخابات في
دول الربيع العربي، رغم كل ما يبذل لإعاقة تحول هذا الخيار إلى واقع ملموس!