اخبار البلد- عمرشاهين - تيح لي قبل أسابيع الجلوس مع رئيس حزب الاتحاد الوطني الكابتن محمد الخشمان وأمينه العام النائب السابق محمد أرسلان، وذلك ضمن جلسة حوارية في بيت المتصرف السابق قاسم الصرايرة، ولبيت الدعوة التي وجهت لي من ناشطين في الحزب وهما عبدالله حجازي ومازن مقدادي.
بدأت الجلسة وانتهت دون أن نعرف هدف معين، فمن المؤكد أن اغلب المدعوين ، ليسوا من السهل جرهم إلى حزب ما، فم من رواد حضور اغلب جلسات، التي تقام في الزرقاء إن كانت للمولاة أو للمعارضة، أو حتى ندوة ثقافية، وهم مجموعة من الناشطين في الحياة الاجتماعية والسياسية في الزرقاء، وآخرون من نشاطي ديوان الجنوب .
وما خرجت به أن الكابتن أراد التعريف بالحزب في أكثر المحافظات فقرا للحياة الحزبية ، ومع ذلك طغى على الجلسة عمومية الحديث، وشخصيا يهمني الاطلاع على حزب يملك نشاطا، مميزا ارقبه في صفحته الفيس بوك وبت اعرف اغلب أسماء قيادات الحزب، وأفكارهم.
وقبل تقييم الجلسة كنت قد انتقدت امتداد الحزب السريع فهو لم يكمل عام على انطلاقه، وبلغ عدد أعضائه فوق الثلاثة آلاف، وهذا المد سوف يؤثر سلبا وليس إيجابا، فنجاح الأحزاب، ليس بكثرة أعضائها بقدر نوعيتهم، ونشاطهم النخبوي وبناء تركيب بنيوي منسجم في العمل السياسي ، وهذا يحتاج إلى سنوات من الدعم الثقافي والسياسي والتدريب على العمل، وما قدمه الحزب من نشاطات تعتبر عامة مع اهميتها، ولا تفيد في تنمية الشخصية الحزبية، وتفاحات بعد أشهر قليلة من أن الحزب يصنع ائتلافات، وهذا أيضا لن يكون مستقبلا في صالح الحزب الذي يجب أن يبدأ فورا في بنائه الداخلي، والاعتناء في كوادره وتصنيفهم ذاتيا.
الجلسة كانت متميزة جدا، ولكنها لم تقديم الجديد في الطرح للحزب او للمحافظة ، ولكنها مواجهة راقية الطرح بين الكابتن والحضور، وقد تمركز النقاش حول عدة نقاط مهمة، أولها ضعف ثقة المواطن في الأحزاب الوسطية، وخشية المواطنين من اشتغال الحزب في إظهار شخصية الرئيس وهو الكابتتن محمد الخشمان وهذا ما نفاه هو شخصيا، وطبعا أن لا أرى في هذا غرابة فاغلب الأحزاب الأردنية تتمركز حول الشخص، فالجبهة الأردنية الموحدة تتلخص في رؤية امجد المجالي، والتيار الوطني ينغمس في الباشا عبدالهادي المجالي، ولا نكاد نسمع سوى احمد شناق من الحزب الوطني الدستوري أو حازم قشوع بالرسالة والفاعوري في الوسط الإسلامي، او محمد الشوملي الرفاه .
وعليه فان ظاهرة (خشمنة الحزب ) ليس منكرا ، بل تلقائية، فلن يوجد شخص سياسي أو قيادي سيخطف قطبية الكابتن الذي يعد مستثمر وصاحب شركات كبيرة، وهذا يطفي عليه كاريزما تفرض إيقاعها، ليشكل محورا مهما، ظهر واضحا في الجلسة، فاغلب النقاشات انصبت حوله، وقد يكون لان الحضور يعرفون الأمين العام محمد ارس لان جيدا وكذلك أفكاره، ولهم فكرة موسعة عن الحزب وأفكاره، وما كان يعرفه الجميع أن اغلب الضيوف لا يفكرون في هذه الجلسة أو بعدها الانتساب لحزب لاتحاد أو حزب آخر.
لذا كانت جلسة لتبادل الأفكار، وكنت أفضل لو حصر النقاش وكان أكثر شفافية ولكن كثرة الضيوف، بعثر الحديث، وافتقدت الجلسة لنتائج، إلا أني لاحظت بان الكابتن رجل فطن سياسيا، وقريب جدا من المواطن العادي ولم تصنع برجوازيته أي عزلة منعته من استدراك الشارع الأردني وحتى الزرقاوي، جيدا، لذا خرج حسب رأي بما أراد لقدوم لديه، وان كان لا يشعرك بأنه فهم الأسئلة الداخلية إلا انه يصنع حوارات بطريقة جيدة، لا يسعى إلى مديح ذاته، أو استعراض طاقته، وبحق الرجل يدهش الحضور دوما بأنه لا يبحث عن صناعة إعلامية أو حزبية، لتلميع ذاته بقدر تقديم حزب وسطي له الاستقلال الفكري والسياسي .
في الجلسة رفض الكابتن أي نية مالية لدعم سياسية الحزب، ولكنه اظهر بدعم أسطوري إعلاميا للحزب عبر متفرغين للدائرتين السياسية والإعلامية، وتأسيس موقع الكتروني وقناة فضائية، لخدمة مشروع الحزب والمنهج الإعلامي، ولكن هذه الخطوات الفائقة، برأي الشخصي بحاجة الى عادة نظر بتلك السرعة الفجائية.
وظهر جليا بان الكابتن يريد بناء حزب وسطي ومستعد للتحالف مع أي قوى، حزبية وشخصية، لبناء جسور بين الشعب والأحزاب الوسطية، ويرى إن انفراد حزب مثل جبهة العمل الإسلامي لن يعزز الديمقراطية بقدر نقلها من سلطة الصلوات السياسية إلى غرف الإخوان المسلمين، ومع انه تجنب نقد ذلك إلى انه يريد العمل وليس استعداء لهم.
تشغل التنمية الاقتصادية بال الكابتن، ويهتم بالاستماع للآخرين بانصات لا يملكه رموز الأحزاب، فقد انفك عن الخطابة الانفرادية، واستعمل أسلوب الحوار والأسئلة المتبادلة وفاجأ الحضور بأنه لم يدعي احد للانتساب للحزب، بل وصرح علانية بأنه لم يأت للجلسة لحصد أصوات انتخابية لمرشحي الحزب.
وقد فهمت من الكابتن بأنه قام بجولات عديدة إلى القرى، الأردنية ليصنع خطة سياسية من تلك القرى والبوادي، حتى يشكل برنامجه السياسي من تلك الفئات الشعبية وليس من عقول النخب التي تدور أفكارها في فلك واحد وتصب في مصلحتهم الذاتية .
شخصيا حرصت في مداخلتي إلى تأكيد ذلك بان الإصلاح السياسي في الأردن، يجب ان ينطلق من المواطن المرهق اقتصاديا والفاقد لثقته بالحكومات والأجهزة الأمنية وحتى بالأحزاب، وان خلع الإحباط من المواطن، أهم من محاولة صناعته حزبيا وان لا ننسى سعي الدولة لعقود لعزله عن الأحزاب وحملت الأجهزة الأمنية مسؤولية ذلك .
ونوهت الكابتن إلى أن المواطن في الزرقاء معزول سياسيا وذلك لسياسيات الدولة، وان ما يعانيه من اهتراء في البنية التحتية في الزرقاء يجعله بعيدا عن الدخول بالأحزاب، وأكدت له أيضا بان منافسة الإخوان تحتاج جهد كبير وان ما يطلع على الساحة السياسية يجد أن انفراد الإخوان لا يعتمد على العاطفة، السياسية، أو الدينية بل على الغياب الواضح لمن يسمون انسفهم أحزاب وسط وشخصيا ارفض هذه الكلمة واعتبرها هروب بل وبدعة سياسية سيئة.
كحزبي مستقيل أسعى اليوم إلى قراءة الأحزاب في الزرقاء، وارى أن الاعتدال، لن يقدم أحزاب الوسط إن لم تقرر هي أن اتجاها الصحيح أو فوبيا التغير ووضع المسميات في مكانها، فقد انتقد بعض أعضاء الحزب مداخلتي واعتبروها استعراض مع أي ما قلته في الجلسة اقل بالف درجة مما يقال في الشارع واجد أن الحديث في غرفة مغلقة لا يساوي اقل موقف لأي ناشط في مسيرة بالحراك الشعبي او مجموعات الفيس بوك .
ضمنيا حزب الاتحاد قد يأخذ مكانا مميزا إن استمر في هذا النشاط، ويحتاج إلى دعم واسع بالكوادر النشطة وعدم التركيز على جذب النخب،والسعي لبناء مكاتب بالمحافظات تعتني بخصوصية كل محافظة، والاتعاظ من تجربة حزب التيار الوطني الذي تأسس على دمج المئات من النخب السياسية ولكنه ضعف بشكل سريع جد، فالأحزاب تنجح على اذرع الشباب ، وأتمنى من حزب الاتحاد وغيره أن يدرسوا سبب قوة الإخوان وضعف و عجز باقي الأحزاب التي تعتمد على عشرة أشخاص وتهمل ألف من الأعضاء.. وللحديث بقية ومستقبل يظهر ما نحتار به اليوم.