وصف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنه "غروميكو هذه الأيام" في إشارة إلى وزير الخارجية السوفيتي أندريه غروميكو.
تحدث بوريس جونسون عن مفاوضاته مع لافروف في موسكو عام 2017، حينما التقاه في موسكو بصفته وزيرا للخارجية. انتهت المفاوضات دون نتائج، وترك لافروف انطباعا لدى جونسون جعله يصفه في مذكراته بأنه "غروميكو هذه الأيام".
وتحدث رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، الذي شغل منصبه في الأعوام 2019-2022، في مذكراته التي حملت عنوان Unleashed (المتحرر من القيد)، عن تفاصيل اللقاء الذي جمعه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عام 2017، وكانت الزيارة الأولى لوزير خارجية بريطاني إلى روسيا منذ خمس سنوات.
تم تأجيل الرحلة لمدة طويلة، حيث دعا لافروف جونسون إلى موسكو في ديسمبر 2016، وكان من المقرر القيام بهذه الزيارة إلا أن لندن ألغتها بسبب استمرار موسكو في دعم الرئيس السوري بشار الأسد. ونتيجة لذلك، جاء جونسون إلى روسيا في ديسمبر 2017، وكان من المفترض أن يكون الوضع في سوريا، بحسب قوله، أحد القضايا الرئيسية على جدول أعمال الاجتماع، حيث قال جونسون في المؤتمر الصحفي آنذاك: "زيارتي تهدف إلى إظهار أنه لا يمكننا الجلوس على الهامش والشكوى من بعضنا البعض. نحن بحاجة إلى البحث عن المجالات التي يمكن فيها تعزيز التعاون، وإيجادها".
وفي مذكراته، التي نشرت في 10 أكتوبر الجاري، يتذكر جونسون أنه ذهب إلى موسكو "دون ثقة كبيرة في أن الزيارة ستحمل فائدة"، وكانت بريطانيا هي الدولة الوحيدة من بين أعضاء مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة التي لا تجري حوارا ثابتا مع روسيا. بدوره وصف جونسون لافروف على النحو التالي: "طويل القامة، يدخن السجائر الواحدة تلو الأخرى، نصف أرمني، داكن اللون". وينتقل جونسون إلى التوصيف السياسي: "إنه وزير خارجية روسيا الأطول خدمة منذ العهد القيصري، هو غروميكو هذه الأيام، التجسيد المتعب للسياسة الخارجية الروسية بكل ما فيها من سفسطة ومراوغات وأكاذيب"، على حد تعبيره.
ويتابع جونسون: "قال لي: أنا لست السير غيي Sir Gay (السيد مثلي الهوية الجنسية)، هذا لديكم في وزارة الخارجية البريطانية. وكانت تلك بداية الاجتماع الثنائي المبتذل، أعقبه عشاء ساخن للغاية حيث أجبرني لافروف على الجلوس أمام مدفأة مشتعلة حتى كان العرق يتصبب من جسدي ووجهي كما لو كان معلما يعاقب تلميذه في مدرسة فيكتورية".
ويتابع جونسون في مذكراته: "لم يسفر الاجتماع عن شيء، لم نكن قريبين من التوصل إلى اتفاق بشأن سوريا أو أوكرانيا، وعندما ذكرت ألكسندر ليتفينينكو، رسم علامة الصليب وابتسم ابتسامة عريضة وقال: لقد قتل اليهود يسوع، إلا أن هذا لا يعني أن علينا التخلي عن العلاقات مع إسرائيل"، وكتب: "الحقيقة الأساسية هي أن روسيا كانت مكانا مختلفا عما كانت عليه قبل عشرين عاما، لم تعد مجرد قوة مهزومة في الحرب الباردة".
بدوره قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن هذا الاجتماع إن العلاقات بين موسكو ولندن "في أدنى مستوياتها" لا بذنب روسيا. وأضاف: "بصراحة لا أستطيع أن أتذكر أي تصرفات من جانب روسيا من شأنها أن تكون عدوانية تجاه المملكة المتحدة. ولم نلم لندن على أي شيء، بل على العكس، سمعنا اتهامات، صيغت بشكل عدواني للغاية ضدنا، بأننا ندعم النظام (الإجرامي) في روسيا، وأننا معتدون ومحتلون ونضم أراضي الآخرين، ولم ننجرف قط للعدوان المضاد، ودعونا إلى دراسة ملموسة للحقائق"، ووصف الوزير الروسي المفاوضات بأنها جاءت في "وقت مناسب للغاية"، وأعرب عن أمله في أن "تساعد على تطبيع العلاقات"، أما بالنسبة للثقة، قال لافروف: "أنا أثق في بوريس، أثق به كثيرا لدرجة أنني على استعداد أن أدعوه لا بوريس (بلكنة بريطانية بالضغط على حرف الواو) وإنما بوريس (بلكنة روسية بالضغط على حرف الياء).
أندريه غروميكو: اشتهر في المجتمع الدبلوماسي الدولي بلقب "السيد لا" منذ أواخر أربعينيات حيث استخدم حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أكثر من 20 مرة. وشغل منصب وزير الخارجية في الفترة من 1957-1985، حيث طرح خلال هذه الفترة مبادرة إبرام معاهدة لحظر تجارب الأسلحة النووية في ثلاث بيئات (1963)، وفي يناير 1966 أجرى مع أليكسي كوسيغين مفاوضات منعت الحرب بين الهند وباكستان، وبمشاركته تم التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (1968)، ومعاهدة موسكو بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا (1970)، ومعاهدة الحد من أنظمة الدفاع الصاروخي (1972)، ومعاهدة مبادئ العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية (1972)، ومعاهدة منع الحرب النووية (1973)، ومعاهدات الحد من الأسلحة الاستراتيجية في عامي 1972 و1979، والوثيقة الختامية لمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا (1975).
كما دعم غروميكو دخول قوات حلف وارسو إلى تشيكوسلوفاكيا عام 1968، وكان جزءا من دائرة ضيقة من كبار قادة الدولة في 1979 الذين قرروا إرسال القوات السوفيتية إلى أفغانستان لمواجهة التمرد في البلاد الذي كان يدعمه الغرب وبعض الدول الإسلامية.