رغم نشأتها في أسرة سياسية عريقة يرأسها والدها المخضرم عبد الرؤوف الروابدة، رئيس الوزراء الأسبق وأحد أعمدة الحياة السياسية الأردنية، إلا أن ناديا الروابدة لم تنجذب إلى الواجهة السياسية كما قد يتوقع البعض، ورغم تعدد المناصب السياسية التي تقلدها والدها، بقيت ناديا مخلصة لمسارها الوظيفي، بعيدة عن الأضواء السياسية، مفضلة أن تترك بصمتها الخاصة في المجال الاجتماعي والاقتصادي.
وُلدت ناديا الروابدة في بلدة الصريح بمحافظة إربد، ونشأت في بيئة سياسية بامتياز، لكنها اختارت مسارًا مختلفًا عن والدها، مكرسة حياتها للعمل الوظيفي المتميز، حصلت على بكالوريوس العلوم السياسية وعلم الاجتماع من الجامعة الأردنية عام 1984 بتقدير جيد جدًا، واستطاعت أن توظف معرفتها الأكاديمية لتحقيق نجاحات لافتة في جميع المناصب التي تقلدتها.
تميزت الروابدة بإدارتها المتفوقة للمؤسسات التي عملت فيها، حيث أشاد الكثيرون بقدرتها على تحقيق إنجازات اجتماعية واقتصادية وإنسانية، كانت الروابدة دائمًا مدافعة عن الفئات الأقل حظًا، وضمنت لهم حقوقهم من خلال تعديل القوانين وتحقيق التوازن الاجتماعي.
في 26 سبتمبر 2023، صدر قرار تعيين ناديا الروابدة وزيرةً للعمل، لتقود أهم وزارة في الدولة، وتصبح وجهًا بارزًا في مجال حقوق العمال والمرأة تولت الروابدة منصبها بجدارة واستحقاق، بعيدًا عن أي مجاملة أو استرضاء، وخلال فترة ولايتها القصيرة، استطاعت إحداث نقلة نوعية في الوزارة، إذ عكست رؤيتها الاستراتيجية التزامًا واضحًا نحو تحسين بيئة العمل ورفع مكانة المرأة في سوق العمل.
أحد أبرز إنجازاتها كان مشروع تعديل قانون العمل لسنة 2024، الذي أقره مجلس الوزراء وأحاله إلى ديوان التشريع والرأي، هذا التعديل الجوهري شمل رفع مدة إجازة الأمومة من 70 يومًا إلى 90 يومًا، ومنع أصحاب العمل من إنهاء خدمات المرأة الحامل في أي شهر من الحمل، لكن الإنجازات التي حققتها ناديا الروابدة لا تقتصر على تحسين وضع المرأة في سوق العمل فقط، فهي عملت على تنظيم العمالة الوافدة وإحلال العمالة الأردنية محلها.
الوزارة في عهد الروابدة قامت بالعديد من الإجراءات لتطوير التشريعات الناظمة لسوق العمل ومنها إقرار تعديل قانون العمل عام 2023 الذي عزز حماية المرأة وذوي الإعاقة وكذلك الحماية الاجتماعية للعمال من خلال تغليظ العقوبات والانصاف في الأجور ومنع التمييز بين الجنسين، كما تم إقرار قانون تنظيم العمل المهني الذي تسمح بممارسة العمل المهني بعد الحصول على شهادة مزاولة المهنة.
والزمت منشآت القطاع الخاص باعتماد سياسة منع العنف والتحرش والتمييز بين الجنسين وتعديل الدليل الإرشادي للمنشأة وإدراج كل هذه المتطلبات في أنظمتها الداخلية.
إضافة إلى جهودها في التشبيك بين الباحثين عن العمل وأصحاب العمل بينت بتنفيذ المبادرة الملكية المتعلقة بإنشاء الوحدات والفروع الإنتاجية في المناطق الاعلى بنسب البطالة والفقر في ألوية ومحافظات المملكة، حيث يوجد حاليا (30) وحدة وفرعا إنتاجيا قائما في كافة المحافظات باستثناء العاصمة والعقبة وهذه الفروع تشغل نحو (9) آلاف عامل أردني وأردنية قريبة من أماكن سكنهم.
لقد أثبتت ناديا الروابدة، التي يطلق عليها الكثيرون لقب "المرأة الحديدية"، أن القيادة الحقيقية لا تأتي من طول المدة بقدر ما تأتي من القدرة على إحداث تغيير ملموس، خلال فترة قصيرة نجحت الروابدة في ترك بصمة لا تُنسى في وزارة العمل، مؤكدة أن النجاح يعتمد على الالتزام والجدية والرؤية الصائبة.