لا يزال الغموض يلفّ التحقيقات اللبنانيّة والدولية في تفجير أجهزة البيجر في لبنان الثلاثاء والأربعاء الماضي، ويبدو أنّ الجميع يدور في حلقةٍ مفرغة أنشأتها بعناية أجهزة الموساد الإسرائيليّ وربما الأميركيّ أيضًا. "وول ستريت جورنال" كشفت أنّ التحقيق في تفجير أجهزة النداء بلبنان قاد إلى متاهة من شركات وأفراد مشبوهين في آسيا وأوروبا مع وجود أدلة ورقية شحيحة لأنشطتها، مشيرة إلى أنّ شركات صدّرت وباعت أجهزة النداء يديرها رجال أعمال غامضون لديهم خبرة قليلة في الاتصالات.
في سياق متصل قالت بياتركس بارسوني أرسيدياكونو، والدة المجرية كريستيانا بارسوني أرسيدياكونو، الرئيسة التنفيذية لشركة "إيه بي سي" التي باعت أجهزة البيجر إلى لبنان إنّ ابنتها تخضع لحماية المخابرات المجرية بسبب تلقيها تهديدات، مدّعية في تصريحات لـ"وكالة أسوشيتد برس" الأميركية، أنّ ابنتها تلقت تهديدات بعد انفجار أجهزة البيجر في لبنان.
وأضافت بياتركس أنّ "المخابرات المجرية نقلت ابنتها بعد التفجيرات إلى مكان آمن، وأوصت السلطات المجرية ابنتها بعدم التحدث إلى الرأي العام".
وبحسب خبرٍ لموقع "إي يو أوبزيرفر" (مقره بروكسل) فقد شاركت كريستيانا في توريد أجهزة الاتصالات المتفجرة إلى لبنان، وذكر الخبر أنها عملت "خبيرة متعاونة" في الوكالة التنفيذية الأوروبية للتعليم والثقافة التابعة لمفوضية الاتحاد الأوروبي بين 2021 و2023.
ووفقًا لحساب كريستيانا، على منصة "لينكد إن"، فإنها حصلت على درجة الدكتوراه في فيزياء الجسيمات من كلية لندن الجامعية، كما قامت بأبحاث مع أستاذ الفيزياء المتقاعد أكوس كوفر في الجامعة نفسها.
وقال كوفر، في تصريح لأسوشيتد برس، إنه نشر مقالات مشتركة مع كريستيانا، لكنه ليس له علم بأنشطتها الأخرى.
وتتحدث كريستيانا (49 عامًا) 7 لغات، وتشير مقابلات مع دائرتها المقربة أن مسيرتها المهنية متقطعة ودائمة التحول بسلسلة من الوظائف القصيرة الأمد التي لم تستقر فيها أبدا رغم أنها ملأت سيرتها الذاتية بأعمال على مر السنين دون فترات توقف.
ونقلت رويترز عن أحد معارفها ممن تعرفوا عليها مثل آخرين في مناسبات اجتماعية في بودابست قوله إنها بدت مثل شخص "يسهُلُ استخدامه".
وتشير السيرة الذاتية لها إلى عملها في وظيفة "مديرة مشاريع" في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2008 و2009 وتنظيمها مؤتمرًا للأبحاث النووية. وقالت الوكالة إنّ سجلاتها تشير إلى أن كريستيانا أرسيدياكو تدربت هناك 8 أشهر.
ووصفت نفسها في إحدى سيرها الذاتية بأنها "عضوة مجلس إدارة في معهد إيرث تشايلد"، وهو مؤسسة خيرية تعليمية وبيئية في نيويورك، لكن مؤسِسة المعهد دونا جودمان قالت لرويترز إنّه لم يكن لها أي دور هناك على الإطلاق.
وفي تصريحها لقناة "إن بي سي" الأميركية، أقرت كريستيانا بأنها عملت لدى شركة "بي إيه سي" المجرية التي تبين أنها باعت أجهزة الاتصالات المتفجرة في لبنان، وأنها كانت "مجرد وسيطة" في توريد هذه الأجهزة.
وكان استشهد 37 شخصًا وأصيب أكثر من 3 آلاف و250 آخرين بينهم أطفال ونساء، بموجة تفجيرات ضربت أجهزة اتصال لاسلكي من نوعي "بيجر" و"آيكوم" في لبنان، بينما حمّلت بيروت وحزب الله الاحتلال المسؤولية عن الهجوم الإرهابي.