كشفت تقرير داخلي للجيش الإسرائيلي، نشرته صحيفة "هآرتس” العبرية، الثلاثاء، أن اثنين من سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، توفيا في مارس/ آذار الماضي، إثرتعرضهما للضرب المبرح من قبل الجنود الإسرائيليين.
وذكر التقرير أن عملية الاعتداء بالضرب تمت والمعتقلين "في طريقهما إلى سجن إسرائيلي”، وذلك ضمن سلسلة انتهاكات مورست بحق فلسطينيين من قطاع غزة اعتقلوا على مدار أشهر الحرب داخل السجون الإسرائيلية وأثناء عمليات نقل المعتقلين لها.
ووصفت الصحيفة حالات الموت المفاجئ للمعتقلين داخل السجون الإسرائيلية أو في الطريق إليها بأنها مثل”الثقب الأسود” حيث لم تتضح الأسباب الحقيقة لهذه الوفيات بعد.
حالات الموت المفاجئ للمعتقلين داخل السجون الإسرائيلية أو في الطريق إليها بأنها مثل”الثقب الأسود” حيث لم تتضح الأسباب الحقيقة لهذه الوفيات بعد
وقالت الصحيفة: "توصل تحقيق أجرته الشرطة العسكرية الإسرائيلية إلى أن اثنين من المعتقلين الذين تم نقلهم من غزة إلى مركز احتجاز سدي تيمان في إسرائيل تعرضا للضرب وتوفيا فيما بعد”.
وأضافت: "كان المعتقلان، اللذان اعتقلهما جنود الجيش الإسرائيلي في مارس الماضي، في منطقة خان يونس واشتبه في كونهما مسلحين، لذا تم تقيدهما وهما على قيد الحياة بحزام، ووضعهما على شاحنة”.
واستدركت نقلا عن التقرير: "عُثر على المعتقلين ميتين لدى وصولهما إلى مركز الاعتقال المؤقت سدي تيمان الذي يديره الجيش قرب بئر السبع (جنوب)”.
ولفتت الصحيفة إلى أن ادعاءات الجنود في هذه الواقعة "تتعارض مع نتائج التحقيق”، حيث زعم الجنود أن المعتقلين الاثنين "ربما لقيا حتفهما نتيجة الرحلة الصعبة للغاية على أرض وعرة”.
لكن بحسب ما أورده تحقيق الجيش "تعرض المعتقلان للضرب على أجزاء متعددة من الجسم، كما أشارت الأدلة إلى تعرض أحدهما لإصابة في الرأس”.
ونوهت الصحيفة أن الجيش "سيحدد كيفية المضي قدما في التحقيق بمجرد إجراء تشريح الجثتين”.
سجن سيئ السمعة
وفي سياق متصل، تحدثت "هآرتس” في تقريرها عن حادث آخر وهو وفاة 33 شخصا من المعتقلين الذين اعتقلوا من قطاع غزة، وتم نقلهم إلى إسرائيل.
وقالت: "فتحت الشرطة العسكرية تحقيقات في جميع الحوادث، ولكن لم يتم اعتقال أي جندي في أي من الحالات”.
وأوضحت الصحيفة أن هذه القضايا "تمثل نصف التحقيقات التي فتحتها الشرطة العسكرية، فيما يتعلق بجرائم يُزعم أنها ارتكبت (من قبل القوات الإسرائيلية) خلال الحرب”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش، لم تسمها، إن "معتقلين اثنين آخرين لدى الجيش توفيا بشكل مفاجئ نتيجة الإهمال أو عدم كفاية العلاج الطبي، وإنهما توفيا بسبب الأمراض والالتهابات التي انتشرت في المنشأة” في إشارة لسجن "سدي تيمان”.
ورغم الحوادث المتكررة في سجن سدي تيمان، أشارت "هآرتس” إلى أن الجيش يريد استمرار عمل المنشآة كـ”مكان احتجاز مؤقت حيث يتم احتجاز المشتبه بهم حتى يتم اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانوا سينقلون إلى السجون العسكرية التي تديرها مصلحة السجون الإسرائيلية”.
وأضافت: "في الأسبوع الماضي، أصدر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب بيانا دعا فيه إسرائيل إلى التحقيق في المزاعم الخطيرة المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة في السجون العسكرية ومراكز الاحتجاز”.
أصدر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب بيانا دعا فيه إسرائيل إلى التحقيق في المزاعم الخطيرة المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة في السجون العسكرية ومراكز الاحتجاز
ونقلت عن مصدر طبي إسرائيلي، لم تسمه، قوله إن الوضع الصحي في سدي تيمان "مأساوي”.
ووصف المصدر السجن بأنه "حاضنة للأمراض”، مشيرا إلى أن "اثنين على الأقل من السجناء ماتوا بسبب الأمراض والالتهابات التي تطورت هناك، فضلا عن الاشتباه في نقص الرعاية الطبية”.
كما نقلت "هآرتس” عن مصدر آخر- لم يكشف عن هويته- قوله إنه عبر عن دهشته من حالات "الموت المفاجئ” التي يصعب تفسيرها.
وقال المصدر: "إنه (سجن سدي تيمان) عالم آخر، ثقب أسود”.
وفيات غامضة في سجن عوفر
وعلى هذا النحو، رصدت "هآرتس” حالة موت مفاجئ لمعتقل أخر من غزة وهو عز الدين البنا (40 عاما)، والذي توفي في عيادة سجن عوفر (وسط الضفة الغربية) التابع لمصلحة السجون الإسرائيلية.
وقالت: "عز الدين البنا، مريض على كرسي متحرك، اعتقل في غزة، وتوفي فجأة، بحسب مصدر مطلع على تفاصيل قضيته (لم تسمه)”.
ونوهت أن المصدر "أبدى استغرابه من وفاة رجل عاش 18 عاما معاقا بشكل مفاجئ، وتساءل عن سبب تدهور حالته”.
لكن في محاولة لتفسير سبب الوفاة، قال المصدر لهآرتس إنه يعتقد أن وفاة البنا "ناجمة عن نقص الرعاية الطبية”.
وأردفت الصحيفة: "وبحسب محامٍ زار السجن (لم تسمه)، قال السجناء هناك إن البنا المصاب بشلل نصفي كان يعاني من تقرحات شديدة”.
ونقلت "هآرتس” عن أحد السجناء قوله للمحامي: "البنا كان يبدو أصفر اللون، وبدا وكأنه يحتضر لكنه لم يتلق أي رعاية”.
بدوره، علق الجيش على تقرير "هآرتس” بشأن وفيات معتقلي غزة في السجون الإسرائيلية، قائلا إنه "يعمل وفقا للقانون وفي إطار القانون الإسرائيلي والدولي عندما يتعلق الأمر بمعاملة المعتقلين”.
بيد أن انتقادات عدة يواجهها الجيش الإسرائيلي لاسيما فيما يتعلق بالانتهاكات التي يمارسها ضد المدنيين في قطاع غزة على مدار شهور الحرب الماضية، والتي كان آخرهاقصفه خيام نازحينفي مدينة رفح، جنوب القطاع، مساء الأحد.
والاثنين، أعلنت المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية يفعات تومر يروشالمي، أن قصف جيش بلادها مخيم للنازحين في مدينة رفح "خطير للغاية” ويتم إجراء تحقيق لمعرفة التفاصيل.
وأسفر القصف عن استشهاد أكثر من 45 فلسطينيا وإصابة 249 آخرين، أغلبهم أطفال ونساء، في تل السلطان شمال غرب رفح، وهي منطقة زعمت إسرائيل سابقا أنها "آمنة” ولم تحذر سكانها ولم تطلب إخلاءها من النازحين، وجاء بعد يومين من قرار محكمة العدل الدولية وقف الهجوم البري برفح فورا.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا على غزة، خلفت أكثر من 117 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب متجاهلة اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها ووزير دفاعها؛ لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” في غزة.