نظام تعليمات تصنيف المقاولين 2020 وتحديدا المادة 26 منه كانت وستبقى مثار استياء أكثر منه جدل لدى الأوساط العاملة في قطاع الإسكان، فالمادة 26 باختصار شديد أنها تخدم فئة معينة وأشخاص يعتقدون نفسهم بأنهم فوق القانون أو هم القانون نفسه حيث إعداده وصياغته وحتى إقراره كما يقال كان بمثابة صفقة وزواج محرم بين متنفذين في وزارة الأشغال العامة ونقابة المقاولين الذين "طبخوا" هذا النظام وتحديدا المادة 26 سيئة الذكر خدمة لآخرين أو متنفذين كان لهم شأن وقرار ذات يوم.
وهنا لا تريد أن نبكي على الأطلال فقد رحل من رحل وغادر من غادر ولكن الذي تبقى فقط هو الحسرة والألم مع المادة التي ستقطع الأرزاق والأعناق لمستثمرين في شركات الإسكان وستخرجهم من السوق إلى غير رجعة وستشرد عمالهم وأبنائهم في نظام أقل ما يقال عنه بأنه نظام :"عرفي" مليء بالحقد والبغضاء وتفوح منه رائحة الطبقية والشللية مليء بالثأرية والانتقام من شركات كانت تمثل مفخرة واحترام ومكانة قدمت الكثير من العطاء والعمل وكان لها الفضل في التطور العمراني الذي تشهده البلد هذه الأيام.
هذا النظام غير دستوري بالمطلق ويتعارض مع نصوص الدستور وتحديدا المادة 6 التي تمنح المواطن الحرية في النشاط التجاري وتمنع صاحب الحق من ممارسة حقه الذي كفله الدستور فهل يعقل أن يكبل نظام لا نعرف كيف تم "طبخه" أو سلقه نص مادة دستورية دون أن تتدخل الوزارة بذاتها وتعالج الخلل والثغرة التي جاءت ضمن سياق معين وفي وقت محدد لا داعٍ للخوض به، وهل يعقل أن نجبر أردنيين على التخلي عن إحدى شركاتهم ونمنع تصنيفها، ونجبرهم على عدم ممارسة أي نوع من أنواع التجارة فلا يوجد نص قانوني واحد يمنع أي فرد من امتلاك شركات مقاولات أو مؤسسات إسكان في ذات الوقت، ولكن وللأسف تعودنا على إعادة عقارب الساعة من خلال زرع منغصات وتعقيدات وألغام مفخخة في نصوص الأنظمة ونقضي على ما تم إنجازه.
المادة 26 وبالأساس لا مبرر لها أو ضرورة فالحمدلله شركات الإسكان تقوم بدور عظيم وكبير على كل الصعد ولا يوجد شركات تخالف القوانين والأنظمة أو تسببت لا سمح الله بانهيار عمارات أو أبراج وفلل أو حتى شقق، ومعظم العاملين في هذا القطاع يمتلكون أخلاقا ومهنية وخبرة طويلة للغاية ولكن وللأسف نجد أن الأردن يختلف عن غيره من الدول حيث بإمكان أي مسؤول في أي لحظة أو حتى "سهرة شدة" بإمكانه أن يطبخ قانونا حصريا خلال 24 ساعة، "وينكد" على خلق الله ويشتت شملهم ويمزق استقرارهم ويضيع مستقبلهم وهو يعلم أن النظام الذي وضعه لا قيمة له سوى أنه يخدم فئة على حساب شريحة عريضة وكان الأحرى بوزارة الأشغال ووزيرها ماهر أبو السمن الذي سار على الطريق ذاته بدلاً من أن يغير المنكر بيده وكأن نظام تصنيفات المقاولين قرءان أو قدر لا نستطيع تغييره بل الدعاء باللطف منه، ولو قامت وزارة الأشغال حقيقة بتشديد الرقابة وتعظيم العقوبة وتشديد الغرامات ورفع رسوم المخالفات لكان ذلك أجدى بالمطلق؛ لأن وللأسف الشديد هذا النظام العرفي الرجعي يضرب القطاع بالصميم ويؤثر على مستقبل العاملين ولا يحقق أي فائدة لمصلحة المواطن والوطن ولو سألنا وزير الأشغال نفسه وقلنا له ما هو المبرر من وجود المادة 26 في هذا النظام لما استطاع أن يجب احد ولو استطاع فلن يقنع أي كان وأخيرا نقول أن سبب الفشل في مؤسساتنا وحتى قطاعاتنا يعود إلى الهروب من مواجهة المشكلة وعدم التصدي لها ولذلك فنحن نكتشف أحيانا أن بعض المسؤولين يزرعون الفشل إما لأنهم يفكرون دون فعل أو أنهم يفعلون فعلتهم دون تفكير.."لقد أسمعت لو ناديت حيـًا.. ولكن لا حياة لمـن تنادي"، ويبقى الأهم من العاقل الذي سيخرج الحجر من البئر نأمل ذلك قريبا.