أخبار البلد - غادرت سفينة تحمل نحو 200 طن من الغذاء إلى غزة من ميناء لارنكا في قبرص في وقت مبكر من أمس الثلاثاء في مشروع تجريبي لفتح طريق بحري جديد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع الذين يعيشون على شفا المجاعة، نتيجة للإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 5 شهور.
وفيما يتم التركيز على مسألة استخدام قبرص لتوصيل المساعدات، ذكر موقع "واي نت" الإسرائيلي أن التوترات مع حزب الله تهدد أمن ميناء حيفا، البوابة الرئيسية لشحن الحاويات لإسرائيل، ويمكن لميناء في قبرص أن يوفر نقطة شحن مؤقتة لإعادة توجيه البضائع إلى إيلات أو أشدود.
وخلافا للتقارير الإخبارية، فإن الهدف الرئيسي من إنشاء ميناء قبرص ليس نقل المساعدات إلى غزة كما تردد. وقال مصدر مطلع على الأمر لصحيفة "إسرائيل اليوم" إن إسرائيل تعتزم أيضًا أن يكون ميناء لارنكا جزءًا من محور نقل بديل لربط أوروبا والهند عبر إسرائيل.
وأبحرت السفينة الخيرية "أوبن آرمز" من ميناء لارنكا في قبرص، حيث كانت تقطر بارجة تحتوي على مواد غذائية منها الدقيق والأرز. ووفق صحيفة "الغارديان" البريطانية، تستغرق الرحلة التي يبلغ طولها 210 أميال بحرية عادةً حوالي 15 ساعة، لكن المسؤولين قالوا إن بارجة السحب الثقيلة يمكن أن تجعل الرحلة أطول بكثير، في حدود 50 ساعة.
ويجري تنظيم المهمة، من قبل منظمة "وولرد سنترال كيتشن" الخيرية ومقرها الولايات المتحدة، في حين تقوم مؤسسة "بروأكتيفا أوبن آرمس" الخيرية الإسبانية بتزويد السفينة. وقال خوسيه أندريس مؤسس المنظمة الأميركية في بيان: "هدفنا هو إنشاء طريق بحري سريع للقوارب المحملة بملايين الوجبات المتجهة بشكل مستمر نحو غزة"، حيث يوجد 500 طن أخرى من المساعدات في قبرص جاهزة للإرسال.
ومع الافتقار إلى البنية التحتية للموانئ، قالت المنظمة إنها تقوم ببناء رصيف ميناء في غزة بمواد من المباني المدمرة والأنقاض. وهذه مبادرة منفصلة عن خطة أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي لبناء رصيف مؤقت في غزة لتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية عن طريق البحر. وتابع أندريس في منشور على منصة "إكس" إن بناء الرصيف كان "جاريًا على قدم وساق". "قد نفشل، لكن الفشل الأكبر لن يكون في المحاولة!"، ونشر صورة للعمل مع الجرافات التي تعمل على تسوية الأرض بالقرب من البحر.
وستكون المهمة، في حال نجاحها، بمثابة أول تخفيف للحصار البحري الإسرائيلي المفروض على غزة في عام 2007. وغادر أمس وفد من كبار المسؤولين الإسرائيليين في صناعة الشحن والموانئ إلى قبرص، في إطار جولة لفحص الأرصفة بميناء لارنكا في حالة الطوارئ، حيث لن تتمكن السفن من الرسو فيها.
ميناء لارنكا للطوارىء
وبحسب ما نقل موقع "كالكاليست" الإسرائيلي عن وزارة النقل لدى الاحتلال، فقد انطلق الوفد "لدراسة الحلول من ميناء لارنكا للسيناريوهات الأمنية". وتقوم إسرائيل بفحص ميناء لارنكا ليس فقط لاختبار جدوى تأهيله باعتباره "ميناء طوارئ"، ولكن لكي يكون الميناء القبرصي أيضاً بمثابة محطة تحميل وتفتيش إسرائيلية للبضائع التي ستصل إلى غزة كجزء من المساعدات الإنسانية.
واعترف مسؤول سياسي تحدث إلى "كالكاليست" بأنه من الممكن أن يصبح الرصيف المؤقت فيما بعد ميناء دائماً، وأن لإسرائيل مصلحة في خلق وضع تدخل فيه المساعدات والبضائع الإنسانية إلى إسرائيل عبر اليونان أو قبرص. وأثار اختيار ميناء لارنكا، على وجه التحديد، الشكوك بين الكثيرين في سوق الشحن الإسرائيلي، ويرجع ذلك أساساً إلى أن الميناء الرئيسي في قبرص يقع في ليماسول، بينما لا يوجد في ميناء لارنكا سوى رصيفين صغيرين تستخدمهما سفن الشحن العامة.
والشخص الذي يملك امتياز تشغيل ميناء لارنكا هو الملياردير الإسرائيلي ياكير غاباي، وهو رجل أعمال إسرائيلي يحمل الجنسية القبرصية، ويسيطر على كونسورتيوم Roundtown SA، أكبر شركة عقارية تجارية في ألمانيا، ويتولى مشروع ترميم الميناء والمرسى، بحسب "كالكاليست"، كما أن من كانوا حتى وقت قريب شركاء في امتياز تشغيل ميناء لارنكا هم الإخوة ناكش الذين يملكون أيضاً ميناء إيلات.
وقال مسؤول في الوفد البحري الإسرائيلي لـ"كالكاليست" إن اختيار لارنكا يعود أيضاً إلى كونها ميناء شحن عام، وأن معظم البضائع المتوقع وصولها إلى الرصيف الأميركي المؤقت ستصل على متن سفن الشحن العامة وليس في سفن الحاويات الضخمة. وكانت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون ديرلاين، قد أعلنت نهاية الأسبوع الماضي، عن إنشاء ممر بحري إنساني إلى قطاع غزة عبر قبرص، بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، ورحبت إسرائيل بالمبادرة.
ويوم الأحد، غادرت السفينة "الجنرال فرانك إس. بيسون" الولايات المتحدة بهدف إنشاء رصيف عائم لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وهي مبادرة أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه عن "حالة الأمة" نهاية الأسبوع الماضي، وشدد فيه على أهمية زيادة معدل تحويل المساعدات الإنسانية إلى غزة، سواء من البحر أو من البر عبر إسرائيل.
ومن المتوقع أن يستغرق بناء الرصيف العائم نحو شهرين، ومن المتوقع أن يشارك في الأمر نحو ألف جندي أميركي. ويدعي مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه هو من بادر بإنشاء خط المساعدات هذا في شهر أكتوبر من العام الماضي، وكذلك مرور البضائع عبر قبرص مع إدارة بايدن. كما رحب وزير الحرب يوآف غالانت بالمبادرة الأميركية وقال إنها "ستسمح بنقل المساعدات مباشرة إلى السكان، وبالتالي تعزيز انهيار حكم حماس".