اخبار البلد_لم يقع مجلس النواب في فخ الشعبية , وخرج من أجواء الضغوط النفسية التي تسبب بها نشر تقرير لجنته النيابية للتحقيق في خصخصة شركة الفوسفات الأردنية , قبل جلسة التصويت على توصياته والتفت الى الحقائق ولم يعنى بالمبالغة التي اعترت بعض الخلاصات الواردة في التقرير .
وإن كنا نسجل بالتقدير للجنة الكريمة جهودها وعملها الدؤوب في الوصول الى الحقيقة وقد وصلت فعلا , إذ بالإمكان قراءة التقرير بمعزل عن توصياتها على أكثر من وجه , لعل أهم هذه الأوجه هو أن خصخصة الفوسفات لم تتم بين يوم وليلة ولم تتم كما يحلو للبعض وصفها على طريقة البيع بداعي السفر فقد إستغرقت 11 سنة بالتمام والكمال ومرت عبر 4 حكومات متعاقبة درست خطواتها بما يتفق والقوانين السائدة .
كنا عبرنا عن خشيتنا من تحيد لجان التحقق النيابية في ملفات الخصخصة , غير أهدافها , فتأخذها الصورة بأكثر مما ينبغي لها أن تأخذنا الى المضمون , فبدت وكأن مهمتها أصبحت مثل مهمة شباك صيد متخصصة في إصطياد الوزراء أو في حشد أكبر عدد ممكن على الباب , وكأن السباق فيما بينها أي اللجان هو في كم وزير ستصطاد وايها الأكثر قدرة على حشد أكبر عدد من أصحاب المعالي في خانة الإتهام ! .
بيد أن مرجعية اللجان وهو مجلس النواب , سيد نفسه أخذنا والمتابعين فعلا الى المضمون , بعقلانية ووعي وإدراك مسؤول لأهمية المرحلة بعيدا عن الشعبية التي سعت بعض الأصوات الى جره اليها .
النقاش المفرط حول سرية التحقيق وعلنية المحاكمة , قاد الى إصرار السادة النواب من رؤساء اللجان الى أن تمثيلهم للمواطن هو ما يدفعهم الى التصريح والتسريب , بما توصلوا اليه من معلومات , وهي بظني خلاصة قادت الى ما يمكن أن نسميه دون مواربة , تدافع كم هائل من المعلومات الموثق منها حينا والمغلوط أحيانا وما لم يتم اتلأكد منه في معظم الأحيان , ما ساهم الى حد كبير ليس في تشويه صورة الإدارة الحكومية وشخوصها فحسب بل في الإساءة الى المستثمر , الذي وضع في مرتبة الفاسد أو المتجاوز إن وجد , وهو ما يفسره التسرع في الإعلان عن المعلومات التي تتصف بالتشويق حتى وإن كانت بلا دعامات .
سأكتفي أخيرا بشهادة سابقة للمستشار القاتنوني الدكتور أحمد مساعدة قبل وخلال توقيع إتفاقية البيع , وهي غير تلك التي أدلى بها أمام اللجنة النيابية التي ربما إرتكزت اليها في كثير من نتائج التحقيق , كما تسرب , ويمكن للسيد مساعدة أن يعتبر لفت الإنتباه هنا الى الفارق بين الشهادتين دعوة الى التوضيح .
يقول مساعدة في محضر الإجتماع 22 للجنة التوجيهية لخاصية شركة الفوسفات وقد كان مستشارا قانونيا بعد قليل على خروجه من الحكومة وزيرا :- أنه مرتاح بالنسبة لإجراء التعديلات على اتفاقيتي الشراكة وكتاب التعهد إذ أنها حققت ما نسبته 65 – 70 % من التعديلات التي إقترحها الجانب الأردني وأهمها عدم المساس بالعمالة الى أخر الشهادة التي تتناول التقاعد المبكر والمتعهدين والتعويضات التي ستدفعها الحكومة نيابة عن بروناي .
ومناسبة استدعاء هذه الشهادة هي ان أن المستشار القانوني لم يسجل في الإجتماع الذي تبعه توصية بالتوقيع على إتفاقية البيع أية ملاحظات تثير الشكوك حول الصفقة , خلافا لما أثاره أمام اللجنة وفقا لما تسرب من قبل أعضاء في اللجنة .
ثمة مسؤولية تقع على عاتق مسؤولين سابقين نفذوا أو شهدوا اتفاقيات الخصخصة بالكف عن الإختباء والإدلاء بمعلومات مؤثرة في موقف الرأي العام للدفاع عن النهج وعن السياسات الإقتصادية التي تبنوها أنفسهم بمسؤولية وأمانة سياسية وإجتماعية , فالفرق كبير بين مسؤولين إتخذوا من الوطن جسرا لتحقيق طموحاتهم ومسؤولين وضعوا أنفسهم جسرا لتحقيق طموحات الوطن .
عصام قضماني