في جميع دول العالم المتحضره يعتبر المتقاعدين ثروة وطنيه تعادل في اهميتها ما لدى تلك الدول من ثروات طبيعيه وبشريه بحكم ما لديهم من خبرات وتجارب في كافة مجالات العمل ....وتحرص تلك الدول (المتحضره طبعا ) وليس نحن على الاستفاده من هذا المخزون الكبير من المعرفه والخبره والكفاءه في كل ما من شأنه الارتقاء بها وتطوير مؤسساتها .....كما وتحرص تلك الدول على الاستفادة قدر الامكان مما انفقته على هؤلاء المتقاعدين من اموال في سبيل تدريبهم وتطوير مهاراتهم عندما كانوا عاملين في تلك المؤسسات .....فتوجه لهم الدعوات للمشاركه في كافة المؤتمرات والندوات وتشركهم في عضوية اللجان الرسميه التي تشكل في مؤسساتها كل حسب اختصاصه ...حتى ان بعض الدول ترسل لهم بطاقات الدعوة لحضور المناسبات الرسميه وتتيح لهم فرصة الاطلاع على ما حققته تلك المؤسسات من انجازات مستذكرة مساهماتهم في تلك الانجازات وتمنحهم الشعور بأهميتهم .....وبأنهم احياء يرزقون .....
اما عندنا فالوضع مختلف جدا .....فما ان يغادر الموظف مكتبه متقاعدا .....بغض النظر عن السبب الكامن وراء تقاعده ....وغالبا ما يندرج هذا السبب تحت عنوان ( المؤامره ) لاقصائه من موقعه واحلال اخر محله من( فئة المدعومين و الموصى بهم) ...حتى تطوى صفحته ويصبح في عالم النسيان الا من بعض الاصدقاء الذين يتواصلون معه بين الحين والاخر ....اما على الصعيد الرسمي ( فلا حس ولا خبر)......
سامحكم الله يا من تجلسون على الكراسي الفاخره وتركبون السيارات الفارهة وتصولون وتجولون في مؤسساتنا بكل ما اوتيتم من بطش ونفوذ ....وأنتم تعلمون أن معظكم جلس على هذه الكرسي بالصدفه وبضربة حظ... وأنتم تعلمون علم اليقين ان الكثيرين ممن تقاعدوا هم اكثر نفعا منكم وانكم كنتم في يوم ما تلاميذ محدودي القدرات تقفون امامهم طالبين النصح والارشاد والمعرفه قبل ان تصبحوا وبقدرة قادر خبراء جهابذه لا يشق لكم غبار ... وكل ذلك في غياب متعمد لمعايير صادقه لتقييم ادائكم المتواضع .....والذي ينعكس سلبا على اداء مؤسساتكم .......
الذنب ليس ذنبكم .....فالعيب ليس فيكم وحدكم ...العيب فيمن اختاركم في غياب العداله والموضوعيه ...العيب فيمن نادى وما زال ينادي بعدالة الاختيار وتغليب الكفاءه على الواسطه والمحسوبيه .....وهو ابعد ما يكون عنها ....العيب فيمن يعطى عوامل الوراثه وفصيلة الدم الوزن الاكبر في الاختيار ......
ظلم المتقاعدين مستمر لدينا قبل صدور قرار التقاعد وبعده ...قبل الهيكله وبعدها ....حتى ما تدعيه جهاتنا الرسميه ومنها تطوير القطاع العام من استهداف لتحقيق العداله بين فئات المتقاعدين كان مجرد تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع.....لا بل بالعكس فقد عملت على التمييز بين المتقاعدين ...وجعلت منهم متقاعد سوبر ومتقاعد عادي ......
لو كنت مكان رئيس الوزراء لعملت فورا على مراجعة ملفات جميع شاغلي الوظائف العليا دون استثناء وأخضعتهم لدراسة شامله تجيب على جميع الاستفسارات ومنها متى تم تعيينه ..؟؟ وكيف عين.. ؟؟ ولماذا عين.. ؟؟ ومن عينه.. ؟؟ وأين كان قبل التعيين ..؟؟......الخ الخ
نحن بحاجه الى( تنخيل) هذه الفئه من الموظفين.....وبغير ذلك لن نرى اصلاحا او تطويرا ....وسنبقى (مكانك سر ) وسيبقى التخلف الاداري شعارنا الذي نفتخر به ....
