ووسط سيناريوهات متعددة لمصير أشجار الحمضيات بالأغوار، يزداد الحديث حول إمكانية تغير الأنماط الزراعية ومدى القدرة على استخدام هندسة النباتات لإنتاج أنواع قادرة على التكيف مع الظروف الجديدة الصعبة.
ويرى مزارعون، أن استمرار اتباع نفس الطرق القديمة في مواجهة ما تتعرض له أشجار الحمضيات من ظروف استثنائية يعكس وعلى حد تعبيرهم حجم "الإفلاس" المعرفي وقلة الخبرة وغياب التخصصية لدى المزارعين أنفسهم والجهات المعنية ايضا.
ويرى مزارعون، أن استمرار اتباع نفس الطرق القديمة في مواجهة ما تتعرض له أشجار الحمضيات من ظروف استثنائية يعكس وعلى حد تعبيرهم حجم "الإفلاس" المعرفي وقلة الخبرة وغياب التخصصية لدى المزارعين أنفسهم والجهات المعنية ايضا.
واعتبروا أن الأمر يحتاج الى درجة عالية من المهنية والتخصصية والخروج بمقترحات تنقذ هذه المزارع من خسائر وكوارث طبيعية متوقعة من الممكن أن تنهي زراعة الحمضيات في موطنها.
وتكتفي مديرية زراعة لواء الغور الشمالي باتباع إجراءات تستخدمها منذ عشرات السنين وتقتصر على جولات ميدانية على الأشجار المتضررة، وحصر حجم الضرر الذي لا يتبعه عادة أي تعويض، فيما تخرج لجان حصر الأضرار بتوصيات تبدو بالنسبة للمتضررين عقيمة ولم تعد تجد نفعا في ظل حجم تحديات كبيرة ومنها على سبيل المثال دعوة المزارعين الى زيادة كمية الري علما أن المنطقة تعاني من شح المياه.
هذه الإجراءات التقليدية بدأت تقابل بامتعاض من قبل مزارعين قالوا منذ عقود ومديرة الزراعة تواصل نفس النهج القديم في معالجة مشاكلنا، حاليا التحدي كبير وهناك تغيرات بالمناخ يعجز المزارعون عن مواجهتها بأنفسهم ولا يملكون الخبرة ولا الإمكانات من أجل التقليل من حجم ضررها.
وطالبوا بضرورة أن تكون هناك جهة مختصة تأخذ على عاتقها قرارات وصفوها بـ "المصيرية" فيما يتعلق بزراعة الحمضيات من حيث الاستمرار والتوسع أم استبدال تدريجي لهذا النمط الزراعي الذي لم يعد مجد في السنوات الأخيرة وبات يكبد المزارعون خسائر مالية كبيرة.
يقول المزارع محمد الرياحنة من منطقة المشارع، إن أشجار الحمضيات تعرضت لذبول الأوراق، وحرق بعضها، وتساقط الثمار، ناهيك عن تراجع جودة الإنتاج مقارنة بالسنوات السابقة.
وأضاف أن حجم الضرر في بعض المزارع وصل الى بين 30 % - 40 %، وهي نسب عالية وتؤشر حتما على إمكانية خسارة الموسم.
المزارعان محمد البشتاوي وعلي القويسم، لفتا إلى تأثر أشجار الحمضيات والموز بنسب متفاوته بموجة الحر الطويلة التي تشهدها منطقة الأغوار، والتي سجلت خلالها درجات حرارة عالية في اللواء بلغت 47 درجة مئوية، ما سينعكس سلبا على كميات وجودة الإنتاج، وهي أمور كانت خارج حسابات المزارعين الذي سيجدون أنفسهم معرضين للخسائر.
واعتبرا أن هذه التغيرات المناخية لم تعد مؤقتة، إذ إن موجة الحر كان سبقها تقلبات جوية أثرت على أشجار الحمضيات وعموم الأصناف الزراعية بالأغوار، ومنها تأخر الأمطار وتساقطها وارتفاع وانخفاض متتالي بدرجات الحرارة بمدة قصيرة وهبوب رياح قوية وغيرها من الظروف الجوية التي لا تساعد على نمو الأشجار والثمار بشكل جيد.
وأضافا أن هذه التحديات الخارجة عن قدرة المزارعين لا تقابل بأي إجراءات باستثناء تقديم النصائح غير المجدية والتي لم تنجح أو أن تأثيرها محدود جدا، ليبقى المزارع يواجه تحديات الكوارث الطبيعية بإمكاناته وخبراته المتواضعة.
وقالا إن استمرار هذه الأوضاع قد يدفع بالعديد من المزارعين الى ترك العمل الزراعي، وقد يأتي يوم لا نجد فيه أشجار حمضيات بالأغوار هو اللواء الأكثر تميزا بهذه الشجرة.
وقال المزارع محمد التلاوي إنه وفي ظل الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، بات يحرص على التواجد في مزرعته حتى ساعات متاخرة من الليل، لمراقبة أشجاره والتأكد من ريها وعدم حاجتها للمياه، قائلا لا نعرف غير هذه الأساليب التقليدية لمواجهة تحديات المناخ، لافتا حاليا بأن الأمور أكثر صعوبة وربما هي خارج خبرة المزارع.
وانتقد رئيس جمعية مزارعي وادي الريان مثقال الزيناتي إجراءات الجهات المعنية للحد من آثار الكوارث الطبيعية، مؤكدا أن تلك الإجراءات ما تزال روتينية وغير مدروسة وغير علمية وعملية، والهدف منها تسكين جراح المزارعين فقط، مشددا على أهمية وجود خطط مستقبلية مدروسة لإنقاذ مواسم الحمضيات.
كما دعا الى ضرورة دراسة إمكانية تغيير الأصناف المزروعة في وادي الأردن لكي تتكيف مع التغيرات المناخية، من خلال البحث وعمل الدراسات الميدانية التى تصل الى نتائج مؤكدة حول مدى قدرة أشجار الحمضيات على الصمود في وجه تحديات المناخ.
بدوره، قال المهندس فارس المشرقي من قسم الإرشاد الزراعي إن المديرية تشكل العديد من اللجان الميدانية لحصر أضرار الموجة، وقد وزعت خلال الأسبوع الحالي بهدف الكشف الأولي على حجم الأضرار.
وأوضح أن البدء بحصر أضرار موجة الحر الحالية يحتاج لعدة أيام، ولحين اتضاح نسب الأضرار الفعلية، خاصة مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة.
وأشار إلى أن الكشف الأولي الميداني على مساحات الأراضي الزراعية بالأغوار الشمالية، كشف عن ضرر متفاوت بين المحاصيل الزراعية، وخصوصا أشجار الحمضيات، والتي تستحوذ على ما نسبته 90 % من مجمل العمل الزراعي باللواء، خاصة في المناطق الزورية القريبة من نهر الأردن.
ونصح المشرقي المزارعين بري مزروعاتهم ورشها بالمبيدات الفطرية قبل موجات الحرارة، ما يخفف من الأضرار، داعيا إياهم لتقديم طلبات بالأضرار لمديرية زراعة وادي الأردن، مرفقة بمعلومات عن الأرض، لسرعة إعداد الكشوفات بالمزارع المتضررة.