بعيدا عن الدخول في الازمة الحالية – في بلدنا الاردن – من ان لمعلمي مدارسنا حقوقا يطالبون بها ! فضلا عن ولوج تفاصيل ادراك حقيقة هذه الحقيقة المطالب بها اهي حق ام لا؟! اقول:
ان بيان الاحكام الشرعية المترتبة على الناحية التربوية والتعليمية من جهة ما يجب على معلمي المدارس نحو طلبتهم – اداء او امتناعا – هو الاصل والاساس في اصلاح المجتمع والناس: كما قال – تعالى – (... واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض...).
وابتداء، فاني اعلم – جيدا – ان الاسم القديم – في بلادنا – لـ"وزارة التربية والتعليم هو (وزارة المعارف) وكلمة (المعارف) – وحدها – ها هنا – لا تعطي البعد التربوي المطلوب من الدور التعليمي المرغوب، فلقد احسن – جدا – اذن – من غير تلك التسمية القديمة: (وزارة المعارف) الى هذه التسمية الحالية: (وزارة التربية والتعليم) واحسن اكثر في تقديم (التريبة) على (التعليم) لما تتضمنه من معنى اخلاقي دقيق ونهج سلوكي انيق.
وقد روى الامام مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – ان النبي – صلى الله عليه وسلم – قال – عن نفسه - : "ان الله لم يبعثني معنتا ولا منعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا".
ويكفينا – ثمة – التنبه والتنبيه الى وصف الرسول – صلى الله عليه وسلم – نفسه – في هذا الحديث – وصفا قائما – دائما – بـ"المعلم"، فيالها من وظيفة عالية ومهمة سامية ومهنة غالية: لو اعطيت حقها واديت على وجهها! فالمعلم قدوة لتلاميذه واسوة لطلابه يتشربون منه محاسن الاخلاق وينتفعون منه بمكارم الاداب وليست القضية – فيما هو قائم به – مجرد وظيفة – اي وظيفة – تؤدي ومقابل اجرة مالية تعطى!
ولقد اخبرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بوحي من ربه – تعالى – عما يشبه هذه الحال – فيما لو كانت مطالب المعلمين حقا خالصا ! فقال – صلى الله عليه وسلم – في الحديث المتفق على صحته – عن ابن مسعود – رضي الله عنه - : "ستكون اثره وامور تنكرونها" قالوا : يا رسول الله ! فما تأمرنا؟ قال: "تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم" فقدم النبي – صلى الله عليه وسلم – (الحق) الذي انتم مطالبونم به: على (...) الذي انتم تطالبون به! فلماذا تجعلون انفسكم – ايها المربون – رعاكم الله – بامتناعكم هذا !! – قدوة غير حسنة ولا صالحة لطابكم وابنائكم ومجتمعكم؟! فضلا عن مخالفة هدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الشريف وادبه اللطيف؟!
الا فلتؤدوا الحق الذي عليكم ولتسألوا ربكم – سبحانه – الذي لكم ولتسيروا – لتحقيق مطالبكم – وفق طريق منضبط لا يخالف شرع ربكم (ان كنتم مؤمنين). وقد روى الامام ابن ماجة في "سنته" عن ابي سعيد الخذري – رضي الله عنه – عن الرسول الاعظم – صلى الله عليه وسلم – انه قال: "لا ضرر ولا ضرار" فاي ضرر تروبي واي اثر سلبي نفسي واي تأثير منعكس تعليمي: اكثر من ان يرى الطلاب معلميهم معرضين عنهم غير مقبلين اليهم تاريكن اداء رسالتهم السامية الكبرى من اجل المصالح الشخصية الصغرى؟!
اليس من الممكن – يا معلمي ابنائنا – بما وفقكم الله اليه من ذكاء وتوفيق وحنكة – ان تجدوا – بالتشاور والتفاهم – مخرجا شرعيا متوازيا مع ما تطالبون به تؤدون به رسالتكم تجاه حقوق الطلبة عليكم المنوطة باعناقكم بحيث لا يمنعكم تحقيق هذا من اداء ذاك؟!
والله ربنا يقول : (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) ويقول – سبحانه : (انه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين). ثم – من طرف اخر - : لو ان هذه الايام التي امتنعنم فيها عن التدريس واعرضتم – خلالها – عن التعليم لم تعطوا فيها اجوركم ومنعتم منها حقوقكم فهل هذا سبيل به تفرحون وطريق له تنشرحون ام انه سيكون سوءا فوق سوء وبلاءا فوق بلاء؟!
ان الامتناع عن التعليم – من اجل المطالبة ببعض الحقوق بحجة الضغط على جهة كذا وجهة كذا الن يكون هو الحل الواقعي (المضمون)! ولن يكون هو الموقف الشرعي (المطلوب!).
ان (للتعليم) – والذي هو امانة ورسالة عالية المكانة – دورة البالغ في تنشئة الاجيال على الافهام العالية الذكية ولكن دور (التربية) اكبر واعظم في تنشئتهم على الاخلاق الفاضلة الزكية.