اخبار البلد -على وقع التصعيد العسكري في أوكرانيا مع دخول العام الجديد، والذي كان قد اشتدت وتيرته خلال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة، يرى خبراء ومحللون أن الحرب التي تكاد تدخل عامها الثاني مقبلة على مرحلة تصعيد واسعة النطاق، ترتكز خلال الشتاء على العمليات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي المتبادل عن بعد، تمهيدا لحرب برية كبيرة قبيل حلول الربيع
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، قد حذر في هذا الصدد من هجوم روسي ضخم يتم التمهيد له، مطالبا بالاستعداد لحرب طويلة الأمد في أوكرانيا
ويرى مراقبون أن هذه التحذيرات الأطلسية المترافقة مع رفع كبير في وتيرة العمليات العسكرية، إن من جانب موسكو التي وسعت نطاق استهدافاتها الصاروخية والجوية وبالمسيرات عشية العام الجديد وفي بدايته، أو من جانب كييف التي قتلت خلال قصف بصواريخ هيمارس الأميركية، الإثنين الماضي، عشرات الجنود الروس في ماكيفكا بدونيتسك، وما تبع ذلك من رد روسي على لسان وزارة الدفاع الروسية، التي أعلنت الثلاثاء، أن قواتها تمكنت من تحييد ما مجموعه 400 جندي أوكراني على جبهات القتال المختلفة، مؤشر على أن الحرب الأوكرانية تدخل مرحلة جديدة عنوانها التسعير وليس التهدئة خلال 2023
وحذر المراقبون من أن السيناريو الأرجح هو أن يشهد العام الحالي توسعا في العمليات الحربية في أوكرانيا، بعد أشهر من تراجعها خاصة مع الانسحاب الروسي من خيرسون
وخلال 24 ساعة، تم الإعلان عن ضربتين قويتين متبادلتين بين روسيا وأوكرانيا، أسقطتا مئات الجنود، في بداية ساخنة أعادت الحديث عن مخاوف الحرب العالمية الثالثة، خاصة مع مؤشرات لتدخل غربي مباشر
تدور توقعات خبراء حول زيادة التصعيد، خاصة مع رغبة دول غربية في الانتقام لمقتل أفراد تابعين لها خلال الحرب، بينما قد تكون للبرد القارس كلمته في توجيه الميدان
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن قواتها دمرت 4 راجمات صواريخ هيمارس في دونيتسك، شرقي أوكرانيا، بعد يوم واحد من الضربة الأوكرانية الخاطفة التي وصفت بالأعنف منذ بدء الحرب شباط(فبراير) الماضي
وأوقعت الضربة الأوكرانية 63 جنديا روسيا بإطلاق صواريخ هيمارس على منشأة في دونيتسك؛ بينما تقول كييف إن قتلى الروس 400 جندي
ضربة مدروسة بعناية
أطلقت أوكرانيا 6 صواريخ باستخدام نظام هيمارس الأميركي على مبنى يضم قوات روسية تمت تعبئتها حديثا، وهنا يقول الدكتور آصف ملحم، مدير مركز جي سي إم للدراسات ومقره موسكو، إن تلك الضربة مدروسة بعناية لعدة أسباب: اولها ان أوكرانيا تستهدف القوات المعبأة حديثا لإثارة الرأي العام في روسيا، وايضا الضربة تمت بتنسيق كامل مع المخابرات الغربية الموجودة داخل أوكرانيا
واضاف ملحم بان الضربة تعد أول اختبار حقيقي بعد اكتمال تدريب القوات الأوكرانية على منظومة هيمارس
انتقام غربي
في تقدير ملحم، فإن المخابرات الغربية أرادت بتلك الضربة الرد على قصف موسكو منذ أيام لمدينة لفيف غرب أوكرانيا، وذكرت تقارير أن ضباطا في أجهزة مخابرات غربية قتلوا في القصف
ويصف مدير مركز جي سي إم العملية الأوكرانية الأخيرة بأنها تصعيد خطير، بمباركة غربية مباشرة، وفي هذا الإطار توقع أن تلجأ روسيا لضرب مقرات الاستخبارات من جديد
على المدى المتوسط التصعيد الروسي سيكون محسوبا حتى لا تخرج المعركة عن السيطرة
أو قد تفقد روسيا صوابها، وتقوم برد عسكري عنيف يستدعي تدخلا غربيا مباشرا ليوقد حربا عالمية ثالثة بحسب ملحم
الحسم مع البرد القارس
في تلك الزاوية، يتوقع ألكسندر أرتاماتوف المحلل العسكري الروسي، أن تتطور الأمور إلى استمرار القصف الروسي على كييف وشرق أوكرانيا دون توقف، مؤكدا أن الغرب سيستمر في التصعيد غير المدروس، لكن حسم المعارك سيكون لموسكو مع الشتاء القارس
ومع ثالث أيام العام الجديد، بدأ الرد الروسي فعلا، وأوردته وزارة الدفاع في بيان حيث تم تحييد 400 جندي أوكراني على عدة جبهات، منهم 40 جنديا ومجموعتا تخريب واستطلاع شمال لوغانسك، و120 جنديا بين قتيل وجريح شمال دونيتسك، وتدمير 4 راجمات صواريخ هيمارس في دونيتسك، وإصابة 72 من وحدات مدفعية في مواقع إطلاق النار وراجمتي صواريخ من طراز غاد في خاركوف
وكذلك، تدمير 4 مستودعات لذخيرة المدفعية والممتلكات العسكرية التقنية في زابوروجيا ومستودع للمعدات العسكرية في خيرسون، وإسقاط 13 طائرة بدون طيار، واعتراض 9 قذائف من راجمات هيمارس
خطأ روسي
يلفت آصف ملحم، إلى ما اعتبرها أخطاء روسيا، موضحا أنه لا يجوز تجميع جنود التعبئة في مناطق متقدمة من القتال، فهم منعدمو الخبرة؛ ولذلك تم رصدهم بالهواتف المحمولة
واضاف بان الروس يستخدمون منظومة ليير 3 ، المكونة من طائرتين مسيرتين ومركز قيادة في شاحنة عسكرية، لتتبع القوات الأوكرانية
وترصد المنظومة أكثر من 2000 هاتف محمول في مدى 5.4 كم؛ ما يتيح العثور على مجموعة كاملة من القوات، ويعتقد بأن أوكرانيا تستخدم تقنية مماثلة.-(وكالات)