أخبار البلد - يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها في يونيو 2023، لتأمين فوزه بولاية جديدة من خلال الحظر السياسي على منافسيه المحتملين الذين يحظون بشعبية، لكن جهوده لا تنصب على الرئاسة فقط وإنما على الانتخابات التشريعية ليواصل حزبه العدالة والتنمية الهيمنة على السلطة التشريعية.
وتستعد النيابة العامة في تركيا، التي يقول مراقبون إنها تأتمر بأوامر أردوغان، للمطالبة بتجميد حسابات حزب الشعوب الديمقراطي الداعم لقضايا الأكراد، خلال محاكمة تبدأ في يناير.
وسبق أن طلبت النيابة العامة من المحكمة الدستورية في مارس 2021 حظر حزب الشعوب الديمقراطي، ثالث أكثر الأحزاب تمثيلا في البرلمان والذي يتهمه الرئيس التركي بأن له صلات مع "الإرهاب”.
وفي طلبه الذي يأتي قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في الربيع المقبل، أكد المدعي العام بكر شاهين أن "الصلات العضوية لحزب الشعوب الديمقراطي مع منظمة إرهابية مستمرة، وأن حسابات الحزب يجب تجميدها”. ومن شأن الخطوة أن تؤثر سلبا على الحملة الانتخابية لحزب الشعوب الديمقراطي وتراجع نتائجه الانتخابية.
ويتعرض حزب الشعوب الديمقراطي لحملة منذ عام 2016 عندما أوقف زعيمه صلاح الدين دميرتاش وحُكم عليه بعد ذلك بعامين بالسجن لأربع سنوات ونصف سنة، كما أوقف العشرات من مسؤولي الحزب وأنصاره.
وفي لائحة الاتهام، يكرر المدعي العام حجج الرئيس أردوغان، قائلا إن الحزب مرتبط "عضويا” بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة "إرهابية”.
ومنذ تسعينات القرن الماضي تم حظر نحو عشرة أحزاب داعمة لقضايا الأكراد أو اضطرّت إلى حلّ نفسها قبل حظرها. وأعلن أردوغان الذي يتولى الرئاسة منذ عام 2014، أنه سيكون مرشحا لولاية جديدة.
لكن يتعين على الرئيس التركي أن يواجه العديد من التحديات، بما في ذلك التضخم الذي وصلت نسبته إلى 84.4 في المئة، إضافة إلى تراجع اقتصادي وتهديدات داخلية وخارجية.
كما شهدت فترة حكم أردوغان انتقادات غربية وعربية بسبب التورط في عدد من الساحات وإرسال المرتزقة خاصة إلى ليبيا وسوريا، إضافة الى دعم الجماعات الإسلامية المسلحة وإثارة التوتر مع اليونان في شرق المتوسط عبر القيام بعمليات تنقيب غير مشروعة.
ورغم جهود أردوغان لإنهاء المشاكل وتخفيف التوتر مع عدد من دول المنطقة مثل مصر والإمارات والسعودية وإسرائيل وكذلك فرنسا ولعب دور الوسيط في الحرب الروسية على أوكرانيا، إلا أن الغرب لا يزال ينظر بكثير من القلق تجاه حكم الرئيس التركي.
وتعرض أردوغان لانتقادات كبيرة في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان والديمقراطية وكذلك استهداف المؤسسة العسكرية عبر تطهيرها بذريعة الانقلاب الفاشل في 2016، كما تراجع سجل البلاد في ملف حرية التعبير والصحافة، لكن الرئيس التركي يشدد على أن بلاده تتعرض لضغوط لأسباب غير موضوعية.
وكان أردوغان قد جدد في أكتوبر رغبته الطويلة الأمد في وضع دستور تركي جديد يكون "ديمقراطيا وبسيطا وذا رؤية”. وقد اعتبر بعض المراقبين هذا المشروع رغبة في تعديل الحد الأقصى لولايتين رئاسيتين، المنصوص عليه في الدستور الحالي.
وتتصاعد التكهنات بشأن تسليم أردوغان للسلطة في حال فشل في الانتخابات الرئاسية حيث أثار الكاتب التركي مصطفى بالباي في مقال له في صحيفة جمهورييت المعارضة أسئلة عن ردود فعل الرئيس التركي في حال خسارته الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال إن تقاسم السلطة ونقلها هو أخطر مشكلة للديمقراطية اليوم في تركيا مع غياب الثقة بين جميع الأطراف.
واحتشد قادة المعارضة التركية المختلفون سويا، لأول مرة، الخميس، بسبب حالة من الغضب بعد الحكم بسجن المنافس السياسي الأكثر شراسة للرئيس التركي، في خطوة وصفها محللون بالفرصة لتوحيد المعارضة التركية المنقسمة على نفسها.
واجتمعت هذه الأحزاب لمعارضة أردوغان، ولكنها واجهت رد فعل عنيفا من جانب المؤيدين بسبب فشلها في تقديم موقف موحد، أو حتى طرح مرشح واحد لمواجهة أردوغان، الزعيم صاحب أطول فترة حكم في تركيا.
واحتج الآلاف من الأتراك الخميس على حكم بسجن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وفرض حظر سياسي عليه، ووجهوا انتقادات للحكومة قبل الانتخابات المقررة في العام المقبل، والتي ستكون أحد أكبر التحديات السياسية أمام أردوغان.
وقضت محكمة تركية الأربعاء على إمام أوغلو، المنافس القوي المحتمل لأردوغان، بالسجن عامين وسبعة أشهر، وهو حكم يجب أن تؤيده محكمة استئناف. وأثار الحكم انتقادات واسعة في الداخل والخارج بوصفه انتهاكا للديمقراطية.
وأدين إمام أوغلو بتهمة إهانة مسؤولين عموميين في خطاب ألقاه بعد فوزه في انتخابات إسطنبول عام 2019. ويقول معارضون إن المحاكم التركية تنصاع لإرادة أردوغان، بينما تقول الحكومة إن القضاء مستقل.
وقال إمام أوغلو إن الحكم بالسجن عقاب له على نجاحه. وأضاف "في بعض الأحيان في بلادنا، لا يمر نجاح دون عقاب. أرى أن هذه العقوبة التي لا معنى لها وغير القانونية مكافأة على نجاحي”. ويدور الحديث حول إمام أوغلو بكونه منافسا محتملا، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه قد يفوز على أردوغان.
وحوكم إمام أوغلو بسبب خطاب ألقاه عام 2019 بعد انتخابات إسطنبول، قال فيه إن من ألغوا التصويت الأولي، الذي هزم فيه بفارق طفيف مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، "حمقى”. وقال إمام أوغلو إن التعليق جاء ردا على وزير الداخلية سليمان صويلو لاستخدامه اللغة نفسها ضده.
وبعد إلغاء النتائج الأولية، فاز في انتخابات الإعادة بفارق مريح، منهيا حكم حزب العدالة والتنمية وأسلافه الإسلاميين الذي استمر 25 عاما لأكبر مدينة تركية. وقال المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا إن منافس أردوغان قد لا يستطيع حكم البلاد حتى إذا فاز بالانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويشير مراقبون إلى أن التصريحات التي جاءت على لسان رئيس المجلس الأعلى للانتخابات يمكن أن تعرض للخطر فرصة عمدة إسطنبول إمام أوغلو لترشيح قادة المعارضة له لخوض انتخابات يونيو، بعد إدانته بإهانة مسؤولين.