أخبار البلد - أعاد قادة ورموز في التيار السلفي بمصر القفز على مشهد التقارب السياسي بين مصر وقطر من بوابة كرة القدم بعد أن أصدروا فتوى غريبة ومثيرة للسخرية بتحريم مشاهدة كأس العالم في قطر بذريعة أن ذلك مضيعة للوقت.
استثمر سلفيون تهافت الجماهير في دول عديدة على متابعة مباريات المونديال المقامة حاليا في قطر للعودة إلى الساحة بعد فترة من التراجع، على أمل أن يوقظوا قواعدهم.
وبدا شيوخ محسوبون على التيار السلفي كأنهم ينافسون قطر في استثمار كأس العالم للإيحاء بأنهم أكثر تدينا منها، بالتزامن مع وقائع أظهرت سعي الدوحة لتقديم نفسها كراعية للإسلام عندما تسربت تقارير حول محاولة بعض الجهات التابعة لها إضفاء صبغة دينية على فعاليات كأس العالم للتغطية على قضيتي المثلية وتعاطي الخمور.
وقررت قطر منع تناول الكحوليات في أثناء المباريات ونشر لافتات في عموم الشوارع والميادين تتضمن عبارات وأحاديث وآيات قرآنية بلغات مختلفة، والاستعانة برجال دين مثل الداعية الهندي المثير للجدل ذاكر نايك لخدمة أغراضها، والتمسك بموقف متشدد بالنسبة إلى شعارات المثلية الجنسية داخل الملاعب.
وعبّر القيادي البارز في الدعوة السلفية بمصر ياسر برهامي عن سخريته من الحديث حول دعوة قطر للإسلام في كأس العالم، قائلا "واسعة شوية”، وهو توصيف مصري يطلق على من يتعمد استعراض قدراته لفعل شيء لا يستطيع القيام به.
وذكر عبر فيديو نشرته الدعوة السلفية بعنوان "تعليقا على المظاهر الدينية في كأس العالم” أن مونديال قطر توجد فيها منكرات أخطرها إلهاء العالم، معلقا "الانشغال بالمونديال انحراف بالغ وهناك أخوة وأخوات يشجعون فرقا ويحزنون عند خسارتها، ومنكرات أخرى مثل التعصب، كذلك إحياء محبة الكفار لأنهم يلعبون لعبة حلوة”.
ولفت برهامي، المعروف بفتاواه المتطرفة، إلى أن "منع قطر للخمر ليس حدثا غير مسبوق، وقطر بها أماكن تقدم الخمر والرقص والموسيقى”، معقبا "أي مظهر إسلامي نفرح به، ولكن لن أقول كأس العالم نصر عظيم، وفتح كبير للعالم للإسلامي”.
ويرتبط الهجوم السلفي على قطر بمحاولة النأي بأنفسهم عن كل ما له علاقة بالإخوان كتنظيم داعم لقطر، بحكم الخسائر السياسية والمجتمعية التي تعرض لها التيار خلال السنوات الماضية، من وضعه مع الإخوان في قالب واحد، على وقع التقارب الفكري والسياسي السابق بينهما.
ويحوي الهجوم رسالة ضمنية لقطر، بأن مصر لم تحصل على المساعدات الاقتصادية التي تنتظرها، لأن عددا كبيرا من السلفيين، بينهم برهامي، على علاقة بأجهزة أمنية في مصر وتحركاتهم تنتابها برغماتية مفرطة، وقد يكون الرجل تصرف من منطلق قناعته أنه يقدم خدمة سياسية للدولة.
وقال سامح عيد الباحث المتخصص في شؤون الإسلام السياسي إن السلفيين وجدوا في جماهيرية المونديال فرصة ثمينة لجذب الانتباه إليهم من خلال توظيف الفتوى في تحقيق أهداف شعبوية واستقطاب شريحة لديها جمود فكري وشغف لسماع رأيها في حدث كروي دولي يقام بدولة عربية ومدى استغلاله لتحقيق إنجاز ديني.
وأوضح رئيس حزب النور السابق يونس مخيون، الذراع السياسية للسلفيين، من خلال مقطع فيديو على فيسبوك، أن الحكم على كرة القدم من منظور الشرع يقود إلى أنها "إهدار للوقت والعمر والسنين، وفيها قلب للموازين، والمسلم سيُحاسب على ذلك”.
فيما أكد عيد أن فتاوى برهامي أو مخيون تعكس لأي درجة وصل السلفيون في الرجعية، وفرض الأسلمة على كل مناحي الحياة، عبر سلاح الفتاوى، وثمة شواهد سابقة تبرهن على الازدواجية التي يعيشونها وإصرارهم على تبرير مواقفهم لتبييض صورتهم التي اهتزت جراء مواقف مخزية لأنصارهم.
وأعاد الكثير من رافضي فتوى تحريم متابعة المونديال تذكير السلفيين بمواقف حرموا فيها الانتخابات البرلمانية لأنها علمانية ثم شاركوا بها وأصبح لهم أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ في مصر.
واليوم يحرمون تشجيع لاعب المنتخب الأرجنتيني ليو ميسي لأنه زار إسرائيل، رغم أن نادر بكار الناطق الرسمي باسم حزب النور سابقا التقى من قبل تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيلية سابقا في الولايات المتحدة التي يواصل فيها دراساته العليا.
ودخلت دار الإفتاء على خط الجدل المرتبط بتحريم مشاهدة كأس العالم في قطر، ونفت علاقة الدين بما سوّق له شيوخ السلفية، وقال خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إن مشاهدة مباريات كرة القدم شيء معتبر في الإسلام، والنبي محمد (ص) مارس الرياضة مع أصحابه، والكرة شأن رياضي يقوي الجسد والعقل، وليست حراما، وهي لعبة مفيدة وتسهم في التعرف على الثقافات الأخرى، ولا يملك أحد الحكم على أحد من خلق الله بأنهم أسفل السافلين كما وصف مخيون اللاعبين من قبل.