اخبار البلد - رصد - نشر موقع "عربي21" تقريرا قال فيه إن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى عمّان الأسبوع الماضي، كشفت عن حجم التنسيق والتعاون بين الأردن الحليف القوي للولايات المتحدة الأمريكية، وبين غريمة الأخيرة روسيا الاتحادية، في ملفات محلية وإقليمية.
ووفق التقرير، تحاول عمّان وموسكو البحث عن مصالح مشتركة في العلاقة، إذ ترى المملكة أن الوجود الروسي في الجنوب السوري يحفظ الاستقرار في تلك المنطقة التي طالما سببت مصدر إزعاج كبير للأردن بسبب تدفق اللاجئين ومن ثم تهريب المخدرات والسلاح.
"مصلحة أردنية"
عضو مجلس الأعيان ووزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق محمد المومني، يرى أن "الموقف الرسمي الأردني واضح ضد احتلال أراضي الدول الأخرى بالقوة ومع الحفاظ على سلامة ووحدة الأراضي الأوكرانية والالتزام بميثاق الأمم المتحدة".
من جانب آخر يقول: "نرى الموقف الروسي في سوريا وكيف أنه يجلب الأمن والاستقرار للجنوب السوري، وهذه مصلحة أردنية هامة وأمنية، وبالتالي فإن لدينا مصلحة لإدامة خطوط الاتصال والتفاهم مع الروس خصوصا في دورهم المتعلق في سوريا، وهذا مفهوم على المستوى الدولي".
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي فرد مساحة للحديث حول الملف السوري خلال مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف، وقال إن "تركيزنا كان على الأزمة السورية، خصوصا الوضع في الجنوب السوري والأخطار الكامنة في حالة اللااستقرار التي تعمق معاناة أشقائنا وتهدد أمننا الوطني". وقال: "بحثنا الخطوات المطلوبة لتحييد هذا التهديد وتوفير الحد اللازم من الاستقرار في الجنوب السوري".
"الأمن الغذائي"
وتحاول عمّان تدارك أي أزمة جراء ارتفاع أسعار الحبوب وخصوصا القمح عالميا، حيث أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أمام نظيره الروسي على "أهمية تجديد اتفاقية تصدير الحبوب" عبر البحر الأسود.
وتسعى المملكة التي تعاني من أوضاع اقتصادية سيئة لتجنب رفع أسعار الخبز مجددا بعد أن قررت تثبيت السعر الحالي حتى نهاية 2023، وسط امتلاك المملكة لمخزون قمح يكفي لمدة 15 شهرا بحسب موقع وزارة الصناعة والتجارة.
"مصالح تتلاقى"
يفسر رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات، علاقة الأردن بروسيا كونها "لديها اليد الطولى في سوريا".
لكن كيف يوازن الأردن بين علاقاته بين موسكو وواشنطن؟ يجيب الشنيكات: "هذا يتشابه مع العلاقة بين روسيا وأمريكا، هما في حالة مواجهة في أوكرانيا، لكن هناك تعاون في ما يتعلق بالأسلحة النووية ومكافحة الإرهاب في سوريا، ويتشابه ذلك أيضا مع علاقة إسرائيل وروسيا، إذ تتعاون أيضا مع موسكو في ما يتعلق بالمليشيات المسلحة في الجنوب السوري ونقل الأسلحة".
ويتابع بأن "التعاون بين الأردن وروسيا في الملف السوري من النوع المحسوب؛ بمعنى أنه لا يتعدى مجالات أخرى، وليس على حساب الولايات المتحدة الأمريكية، الأردن يريد أن يحفظ أمن حدوده ووقف تهريب المخدرات، لكن ليس بما يتعارض مع السياسة الأمريكية في أوكرانيا".
وأكد الأردن أمام وزير الخارجية الروسي على ضرورة موقف الأردن الداعي لوقف النار فوراً، والتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة وتبعاتها الصعبة، التي طالت العالم كله، ويضمن احترام القانون الدولي، والشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار.
"مبادرة حل الأزمة السورية"
في المقابل تطمح روسيا بدور أردني في إعادة إنتاج النظام السوري من خلال مبادرة أعلنتها عمّان بالتعاون مع دول عربية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بمجملها وفق قرار مجلس الأمن 2245.
وتحاول روسيا أيضا قيادة حملة علاقات عامة دولية تشرح وجهة نظرها في المنطقة حول أسباب الحرب على أوكرانيا، وستشمل هذه الحملة الروسية زيارة لافروف دولا مثل الإمارات.
"لا تجاوز الأسس المعادلة بين روسيا وأمريكا"
بدوره يرى الدبلوماسي الأمريكي السابق مفيد الديك، أن "الحرب الروسية على أوكرانيا وضعت دولا عديدة في مواقع بغاية الإحراج لأن عليها الاختيار بين هذا وذاك، بالنسبة للأردن وبعض الدول مثل تركيا وإسرائيل، وتدرك الولايات المتحدة أن لها مصالح معينة، وبالتالي فهي مستعدة لتفهم ذلك".
ويقول الديك: "تركيا عضو في الناتو ولها علاقات تاريخية وتعاون عسكري مع روسيا، كما أن إسرائيل أقرب حليف لأمريكا تمسك العصا من المنتصف بالعلاقة مع روسيا، الأردن أيضا لديه مصالح مع روسيا في ملف الجنوب السوري، الأردن لم يتجاوز أيا من الأساسيات في المعادلة بين الولايات المتحدة وروسيا".
ويضيف أن "الأردن لم يخترق أيا من العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على روسيا ولم يساعدها عسكريا، كما أن علاقة المملكة مع الولايات المتحدة تاريخية ولا يمكن لأي دولة أن تحل محلها أو تساويها معها كونها علاقات متشعبة، والأردن كحليف لأمريكا ربما أشعر الولايات المتحدة بأنه يريد إجراء هذه المحادثات ويتخذ هذا الوضع بين المعسكر الغربي وروسيا.. والولايات المتحدة متفهمة لذلك شريطة أن لا يقدم الأردن على أي انتهاك لقرارات الأمم المتحدة التي تدين غزو أوكرانيا.. وهذا لا يزعج الولايات المتحدة كونها على علم بما يجري وتدرك المقاصد الأردنية من هذه العلاقة التي يضطر لها الأردن بسبب مصالحه في سوريا وبسبب ما خلفته الحرب من مليون لاجئ إلى جانب عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود".
ولا ترتبط عمان بمصالح اقتصادية كبيرة مع روسيا، وبحسب موقع وزارة الصناعة والتجارة الأردنية فإنها لم تتجاوز الصادرات الأردنية إلى روسيا الـ2.8 مليون دولار في أحسن حالاتها، وانخفضت في العام 2020 بنسبة 10% واستمرت بالانخفاض.. مثلما انخفضت صادرات روسيا إلى الأردن بنسبة 11% في العام 2020.
ورغم سياسة الأبواب المفتوحة مع روسيا تبقى الولايات المتحدة الحليف الأقوى للمملكة والمانح الأكبر بحزمة مساعدات بقيمة 1.45 مليار دولار سنويا للفترة بين عامي 2023 و2029، إلى جانب ارتباطهما بمذكرة دفاع تسمح بتواجد جنود أمريكيين على الأرض الأردنية.