أخبار البلد - يعتقد على نحو واسع أن انضمام تحالف "الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير إلى الحكومة المرتقبة التي سوف يشكلها بينامين نتنياهو سيدفعها باتجاه تبني سياسات متشددة ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والمواطنين العرب في إسرائيل.
وتنتظر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من دول المنطقة، الإعلان عن تشكيلة الحكومة المقبلة كي تتمكن من تحديد توجهاتها إزاء قضايا مختلفة، في مقدمتها الاتفاق النووي مع إيران، والحرب الروسية ضد أوكرانيا وكذلك الاتفاق الذي تم الإعلان عنه لترسيم الحدود البحرية مع لبنان.
غياب الوسط
الحكومة المرتقبة سوف تتشكّل مبدئيا من أحزاب "الليكود” و”شاس” و”الصهيونية الدينية” و”يهودوت هتوراه” وجميعها أحزاب يمينية. فيما يتسبب الغياب المحتمل لأحزاب الوسط في التشكيلة الحكومية المرتقبة بقلق دولي من التشكيلة السياسية الجديدة. حيق يقول باروخ ياديد المحلل في القناة 14 العبرية للأناضول "أعتقد أن المتأثر الأكبر بالتشكيلة القادمة للحكومة هم الفلسطينيون”.
ويضيف ياديد "وجود سموتريتش وبن غفير في الحكومة واعتمادها على أصواتهما يعني المزيد من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية”. بينما لا يتوقع تغييرا في سياسة الحكومة تجاه مواضيع تسهيلات الحياة اليومية، وستستمر الاتصالات بين مسؤولين من الطرفين للتعامل مع القضايا الاقتصادية والأمنية لكن لن تكون هناك أي آمال بإعادة إحياء عملية السلام.
الاستيطان لم يتوقف في عهد الحكومة الحالية، غير أن نتنياهو يميل لضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، فضلا عن أن سموتريتش وبن غفير قد يمارسان الضغط عليه للقيام بذلك فعلا. وإذا قام بمثل هذه الخطوة فقد يفجر أزمة غير مسبوقة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى.
وقد كان المجتمع الدولي في الغالب أكثر تشددا مع الحكومات التي شكلها نتنياهو بشأن الاستيطان أكثر من الحكومة الحالية، إلا أن الفلسطينين يشتكون من كون الانتقادات الدولية للنشاط الاستيطاني كانت خجولة.
سموتريتش وبن غفير انتقدا مرارا ما أسمياه "تساهل” الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين ودعيا إلى سياسة إطلاق نار جديدة قد تسهّل قتل فلسطينيين. بينما دعت الولايات المتحدة إسرائيل إلى مراجعة لسياسة إطلاق النار المتبعة في الضفة الغربية.
وليس من الواضح إذا ما كان تزايد الاهتمام الدولي بالأراضي الفلسطينية سيقيّد يد الحكومة الإسرائيلية الجديدة بشأن الاستيطان والانتهاكات اليومية، إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا طالبا خلال اليومين الماضيين كافة الأحزاب الإسرائيلية باحترام حقوق الأقليات.
الثنائي المتشدد القريب من نتنياهو ضغط كثيرا نحو تبني سياسة إسرائيلية متشددة ضد عرب إسرائيل، وفي الوقت الذي تجمع فيه الأحزاب في معسكر نتنياهو على أن إسرائيل دولة يهودية، تقول أحزاب الوسط إنها "يهودية ديمقراطية”، وتوقعت حركة "السلام الآن" الخميس في تغريدة أن الحكومة الجديدة "ستضم الأحزاب والقادة الذين يتوقع حصولهم على حقائب وزارية رئيسية، والذين هم عنصريون بلا خجل»
التطبيع مع الدول العربية
توماس نايدز: واشنطن ستواصل العمل مع حكومة إسرائيل بشأن المصالح المشتركة
توماس نايدز: واشنطن ستواصل العمل مع حكومة إسرائيل بشأن المصالح المشتركة
نجح نتنياهو قبل عامين في إبرام اتفاقيات تطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، لكن هذه العملية توقفت منذ ذلك الحين. غير أنه وعد خلال حملته الانتخابية بمواصلة التطبيع مع الدول العربية والإسلامية.
لكن مراقبين يخشون من أن حكومة يمينية إسرائيلية تضم سموتريتش وبن غفير، ستجد صعوبة في إقناع دول عربية أو إسلامية بتطبيع علاقاتها، في ظل غياب برامج السلام عن سياسات الحكومة.
من جهة أخرى، وقبل تنظيم الانتخابات الأخيرة، أعلن نتنياهو معارضته للاتفاق الذي أبرمته حكومة يائير لابيد مع لبنان لترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وقال إنه سيتعامل مع الاتفاق كما تعامل مع اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين.
صحيح أن نتنياهو عارض اتفاق أوسلو، لكن لم يلغه رسميا، وإن كان أوقف تطبيقه وانتهكه بصورة متكررة. وفي هذا السياق، يعلق ياديد بالقول "أنا على ثقة بأن نتنياهو لن يلغي الاتفاق مع لبنان لاسيما أنه مدعوم من الولايات المتحدة وفرنسا. فهو يدرك أنه إذا فعل ذلك فسيكون في مواجهة مع الولايات المتحدة وفرنسا وقد يتسبب بمواجهة مع لبنان».
إيران أوكرانيا
نتنياهو الذي يتمتع بعلاقات طيبة للغاية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يتوقّع أن يسعى لترميم علاقاته المتوترة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وبعد أن عارض تزويد أوكرانيا بالسلاح، أعلن في أكتوبر الماضي أنه "سيسعى في مهمة وساطة بين روسيا وأوكرانيا”.
وفي مقابلة مع صحيفة "يو.إس غيه توداي" قال نتنياهو "إذا أصبحت رئيسا للوزراء فمن المفترض أن تثار مسألة الوساطة مرة أخرى”، وأضاف "أريد أن أكون في موقع رئيس الوزراء وأحصل على جميع المعلومات ثم أتخذ قرارات بناء عليها”، معربا عن استعداده للنظر في تزويد كييف بأسلحة دفاعية.
نتنياهو يميل لضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، وسموتريتش وبن غفير قد يمارسان الضغط عليه للقيام بذلك فعلا
الخلافات بين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن لم تعد خافية، لكن من غير الواضح كيف ستؤثر على العلاقات المستقبلية بين البلدين. وسبق لنتنياهو أن وجه انتقادات إلى الحكومة الحالية بسبب ما أسماه تقاعسها عن رفع الصوت ضد عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي مع إيران.
وانتقد بشدة إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما لتوصلها للاتفاق العام 2015 ثم تفاخر بدوره في إقناع الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب منه عام 2018.
ولم يتردد نتنياهو برفض عودة إدارة بايدن للاتفاق، دون توضيح نيته في المواصلة على السياسة الإسرائيلية الحالية بإبقاء الخلافات بهذا الشأن في غرف النقاش وعدم نقلها إلى العلن.
وقال السفير الأميركي في إسرائيل توماس نايدز في تغريدة الأربعاء إنه "من السابق لأوانه التنبؤ بالتركيب الدقيق للائتلاف الحكومي حتى يتم فرز جميع الأصوات”. وأضاف أن الإدارة الأميركية "تعتزم مواصلة العمل مع حكومة إسرائيل بشأن المصالح والقيم المشتركة بين البلدين”.
ووما لا شكّ فيه أن سنوات نتنياهو خلال رئاسته للحكومة اتسمت بالتوتر مع الاتحاد الأوروبي، فيما سعى لابيد لإعادة تصحيح تلك العلاقة بعقد مجلس الشراكة الإسرائيلي – الأوروبي لأول مرة بعد 10 سنوات من الانقطاع، لكن نتنياهو عاد الآن، ولعل هذا ما يفسّر أن الاتحاد الأوروبي لم يعلق على نتائج الانتخابات الإسرائيلية بعد.