اخبار البلد - دخلت احتجاجات إيران، والتي تُشكِّل النساء والطلاب عصبها الفعلي، أسبوعها السادس على خلفية مقتل الشابة مهسا أميني (22 عاماً) عقب احتجازها من قبل «شرطة الأخلاق» بحجة ارتدائها «الحجاب المسيء».
ففي مقاطع الفيديو القليلة المسرَّبة من بعض المدن، نظراً لانقطاع الإنترنت، تبرزُ تحرّكات ليلية بنماذج مختلفة. ففي مدينة أصفهان، رافقت آلة البوق عزفاً هتافات «الموت للديكتاتور… الموت للخامنئي». وفي طهران، كان الشعار نفسه تردده حناجر الشابات وسط الظلام، وكان محتجون في أمير أباد يرددون «خامنئي قاتل وحكمه باطل».
وتحدثت وسائل الإعلام الرسمية عن تجدّد التظاهرات في مدينة زاهدان عاصمة محافظة سيستان، وبلوشستان الواقعة في جنوب شرق البلاد على الحدود مع باكستان وأفغانستان، والتي تُشكِّل معقل أقلية البلوش في إيران. وكانت المعلومات المتداولة قالت إن السلطات الأمنية استطاعت احتواء احتجاجات زاهدان بعد قمعها في جمعة 30 أيلول/سبتمبر تظاهرة خرجت بعد الصلاة احتجاجاً على اعتداء قائد شرطة تشابهار على فتاة من البلوش، واستخدامها- أي الشرطة – العنف بحق المحتجين مُوقعة في آخر إحصاء 93 قتيلاً. لكن التظاهرات عادت في جمعة 21 تشرين الأول/أكتوبر، وخرج المحتجون بعد أداء الصلاة، مرددين هتافات «الموت لخامنئي، والموت للباسيج، ومن زاهدان إلى طهران روحي فداء إيران» حسب مقاطع فيديو مسرَّبة.
وحمّل رجل الدين السُّني البارز في زاهدان مولوي عبد الحميد في خطبة الجمعة التي نشرها على موقعه على الإنترنت كبار المسؤولين الإيرانيين المسؤولية عن الضحايا الذين سقطوا يوم 30 أيلول/سبتمبر، وسأل: «بأي جريمة قتلوا؟ المسؤولون، والزعيم الأعلى للجمهورية الإسلامية الذي يقود جميع القوات المسلحة، جميعهم مسؤولون أمام الله».
التلفزيون الرسمي قال إن ما يصل إلى 300 محتج شاركوا في مسيرة في مدينة زاهدان بعد صلاة الجمعة. وأظهرت لقطات لبنوك ومتاجر مُحطمة النوافذ، فيما أعلنت الشرطة عن اعتقال 57 شخصاً سمَّتهم «مثيري الشغب». وغالباً ما تستعين السلطة بتهمة «النزاعات الانفصالية» للمناطق الحدودية في قمعها التحرّكات الاحتجاجية. ويسهل على النظام توجيه أصابع الاتهام إلى الخارج بتحريك أبناء تلك المناطق.
وأظهرت مقاطع فيديو بُثت السبت إقفالاً تاماً للمتاجر في مدينة سنندج في محافظة كردستان الغربية حيث مسقط رأس أميني.
وفي مقاطع مصوَّرة نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي، يُعتقد أنها التقطت في مدينة تبريز الواقعة في شمال غرب البلاد، ظهر محتجون يهتفون مرددين كلمة «العار» في وجه شرطة مكافحة الشغب التي أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وتُعتبر تبريز سادس أكبر مدن إيران من حيث عدد السكان وهي موطن كثيرين من الأقلية العرقية الأذرية.
ودخل المرشد الإيراني علي خامنئي على خط احتجاجات الجامعات، معتبراً أن «الأعداء يحاولون أن يشلّوا ويُغلقوا ويُخرّبوا الجامعات، هذه فرصة يستغلها أعداء الجمهورية الإسلامية وأعداء تقدُّم إيران» في وقت ظهر رؤساء بعض الجامعات في طهران للحديث عن محدودية الاحتجاجات والإضرابات في جامعاتهم. غير أن مجموعة من طلاب جامعة «سورة» ردَّت في بيان على وصف رئيس الجامعة محمد حسين ساعي الأمور بـ»الطبيعية» قائلة: «لا شيء طبيعيا ولن يصبح طبيعياً، ونحن مجموعة من طلاب سورة نعلن أنه رغم تهديدات الجامعة بطرد الطلاب وعزل الأساتذة وخسارة المصروفات الدراسية، فإننا نواصل الإضراب في الأسبوع السادس ولن نحضر أي فصل دراسي». وأكد رئيس جامعة بهشتي في طهران سعد الله نصيري قيداري استمرار وجود طلاب معتقلين، مكرراً الكلام عن إمكان إحالة «الطلاب المخطئين إلى المستشارين أو الأطباء النفسيين» وهو الأمر الذي كان وزير التعليم الإيراني قد كشف عنه بأنه سيتم إرسال الطلاب المحتجين إلى مراكز نفسية بسبب ما سماه «الإصلاح».
وفي خطبة الجمعة في طهران، دعا رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي القضاء للتصدي لمثيري الشغب، الذين «خانوا الأمة وصبَّت أفعالهم في مصلحة العدو، بأسلوب يردع الآخرين حتى عن الرغبة في إثارة الشغب مجدداً» مضيفاً: «قالوا للفتية المخدوعين إنهم إن بقوا في الشوارع لأسبوع، فسيسقط النظام الحاكم. واصلوا أحلامكم!».
ووفق إحصاء نشرته وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان «هرانا» فإن 244 محتجاً لاقوا حتفهم في الاضطرابات من بينهم 32 قاصراً، وأن 28 من أفراد قوات الأمن قُتلوا، فيما بلغ عدد المعتقلين على يد السلطات 12500 شخص حتى 20 تشرين الأول/أكتوبر في الاحتجاجات التي اندلعت في 114 مدينة وبلدة ونحو 81 جامعة.
و»العالم يُراقبكم» هي العبارة التي خاطبت بها وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ، خلال اجتماع افتراضي لـ15 وزيرة من وزيرات العالم استضافته كندا حول الانتفاضة الشعبية في إيران، حيث يحجب النظام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بغية إطفائها ومنع تمددها من جهة، وبغية التعتيم على وقوع حدوث أعمال عنف دموية من قبل الشرطة وأدوات النظام الأمنية ضد حركة الاحتجاج الشبابية التي تخوض عبرها الحركة النسوية معركتها نحو الحرية من بوابة «الزي» الذي يفرضه نظام الجمهورية الإسلامية، حيث تحوَّل «نزع الحجاب» إلى تحدٍ عقائدي للنظام.
الحدث الذي قد يُربك المشهد في إيران على ضفة النظام ويُشكِّل محفزاً للمحتجين هو «ستارلينك». فبعدما زوَّد المليادير إيلون ماسك أوكرانيا بخدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التي تقدمها شركة «سبيس إكس» أعلن أنه سيُنشِّط «ستارلينك» في ردٍ على قول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على تويتر إن الولايات المتحدة اتخذت إجراء «لتعزيز حرية الإنترنت والتدفّق الحر للمعلومات» للإيرانيين. وذكرت شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية نقلاً عن مسؤولين مطلعين، أن البيت الأبيض يُجري محادثات مع ماسك حول إقامة خدمة للإنترنت في إيران عبر الأقمار الصناعية من «ستارلينك».