أخبار البلد - تركز وسائل الدعاية الروسية على بث حالة من الذعر في سياق حرب نفسية موازية للمعارك العسكرية في أوكرانيا. وينظر مراقبون إلى طريقة الترويج لانضمام المقاتلين الشيشان المعروفين بشراستهم إلى المعركة على أنه أحد الأسلحة المهمة في الحرب النفسية.
ونشرت القنوات الدعائية الروسية مقطع فيديو يرصد تجمعا للآلاف من الشيشان في جنوب أوكرانيا بينما يصلي المئات من المقاتلين منهم في الغابة قبل المعركة.
وكان الزعيم الشيشاني رمضان قديروف قد تعهد بالاستيلاء على كييف.
وزعمت دعاية الدولة الروسية وشبكة قنوات تيليغرام الموالية للكرملين والتي تم استخدامها لضخ حرب المعلومات أن ما بين 10 آلاف و70 ألف مقاتل شيشاني الذين وصفهم قديروف بـ”المتطوعين” يتوجهون إلى أوكرانيا لدعم قوات موسكو الرئيسية.
وانتشر مقطع فيديو على نطاق واسع يظهر فيه مقاتلون شيشان يطّلعون على أسلحة وسيارات في مستودع إمداد أوكراني تم الاستيلاء عليه، لكن عدد أولئك المقاتلين لا يعكس بالضبط ما تروّج له آلة الدعاية الروسية.
وسلّط تقرير لمجلة فورين بوليسي الضوء على استخدام روسيا للمقاتلين الشيشان في الحرب النفسية.
ويقول الصحافي في المجلة جاستن لينغ إن "التصور الروسي للشيشان مبنيّ على الحرب الوحشية بين القوات الموالية لموسكو والانفصاليين الشيشان، والتي امتدت من منتصف تسعينات القرن العشرين إلى 2009”.
ويرى لينغ أنه "على الرغم من إخلاص قديروف لبوتين، لا تزال المشاعر المعادية للشيشان منتشرة في المنطقة: فقد تم الإبلاغ عن اشتباكات عنيفة بين الشيشان والروس على مدى العقدين الماضيين. لكن استخدام بوتين المتكرر للقوات الخاصة الشيشانية لخوض حروبه عزز صورتهم المخيفة”.
وقال جان فرانسوا راتل الذي يدرس في جامعة أوتاوا وهو خبير في روسيا والقوقاز إن ذلك مقصود.
وحدد أن "العملية النفسية تتعلق بجعل الناس يعتقدون أن ما حدث في الشيشان سيحدث في أوكرانيا… وأنهم سيسيطرون على المدينة وينهبون ويغتصبون ويقتلون”. لكنه يؤكد أنه "من الواضح أن ذلك لن يحدث”.
وانتشرت صور فرق القتل المفترضة وقال راتل "لا أرى أي دليل على أنهم مستعدون لاقتحام كييف”. وأضاف أن فكرة أن الشيشان شرسون ولا يرحمون مصممة بعناية. وقال إن "قديروف يجعل الأمر سهلا” لأنه سيقول أيّ شيء على القنوات التلفزية.
وخلال الأسابيع التي سبقت إعلان بوتين الحرب، كان قديروف، وهو من أمراء حرب الشيشان وحليف وثيق للزعيم الروسي، من أشد المدافعين عن شن عملية عسكرية ضد كييف وضم البلاد بأكملها.
وقال راتل إنه رغم هذا العرض فإن ورقة المقاتلين الشيشان قد تكون أقل أهمية بكثير مما يعتقد الكرملين. وإلى جانب المقاتلين الذين وصلوا إلى شمال كييف، من المعروف أن هناك كتيبتين من الشيشان متمركزتان في شبه جزيرة القرم.
Thumbnail
ولا تزال الانقسامات عميقة في الشيشان حول الحكم الروسي. وقال راتل، الذي أمضى بعض الوقت في القوقاز مع المتمردين الاسلاميين الذين يقاتلون نظام بوتين، إن الشيشان ليسوا جميعا وراء الخطوط الروسية.
وأضاف "شهدنا قتالا بين الشيشان أنفسهم في شرق أوكرانيا خلال اليومين الماضيين”.
وانتهز الشيشان المنفيون المعارضون لقديروف وبوتين الفرصة في السنوات الأخيرة لنقل المعركة إلى الكرملين: في روسيا، ودونيتسك، والآن في بقية أوكرانيا.
وألقى أحمد زكاييف، الذي يقود الحكومة الشيشانية الانفصالية في المنفى، مساء السبت بيانا أعلن فيه عزمه تشكيل مفارز تطوعية من الشيشان الذين يعيشون في الخارج للقتال إلى جانب الحكومة الأوكرانية، بحسب مقطع فيديو نشره موقع إغازيت الإخباري.
ويقدر أن هناك حوالي 150 ألف شيشاني يعيشون في أوروبا. ولكن راتل قال إن تأييد زكاييف المعلن لكييف قد لا يعنى الكثير بسبب نفوذه المحدود.
وحتى في المناطق التي حقق فيها المقاتلون الشيشان مكاسب، أوقفت قوات الأمن الأوكرانية هجماتها. وقد أظهرت الصور المنشورة على القنوات الموالية لأوكرانيا دبابات شيشانية، تحمل الحرف "في”، وهي تحترق على جانب الطريق. وأظهرت مقاطع فيديو التقطت في أماكن أخرى من البلاد (من الشمال الشرقي على الأرجح، حيث لا تزال الثلوج على الأرض) جثث مقاتلين يزعم أنهم من القوقاز.
وبعد ظهر السبت، ذكرت الصحافية المستقلة في كييف إيليا بونومارينكو ووكالة أنباء يونيان أن ماغوميد توشاييف، وهو زعيم عسكري شيشانى بارز، لقي مصرعه في معركة في هوستوميل. لكن قديروف نفى الأمر على قناته على تيليغرام. وحمّل شريط فيديو يزعم أنه يظهر توشاييف مع أنزور بيساييف، وهو قائد شيشاني آخر كان في أوكرانيا. وكتب "إنهم أحياء أكثر من الأحياء”، مؤكدا أن لا أحد من قواته أصيب في القتال.