أخبار البلد - تبدو الشعوب العربية متحمسة بالفعل لحدوث حرب أوكرانيا وروسيا وربما اندلاع حرب عالمية جديدة، لكن لا يعرف المتحمسون أن ثمن الفوضى ستأتي من جيوبهم.
لا تزال الشعوب العربية مصدومة من وباء كورونا الذي دمر الاستقرار المالي لدى الكثير من العائلات وزاد الفقراء فقرا ووضع الدول العربية مجددا على شفا وضع ما قبل "الربيع العربي”، ويعد التضخم والغلاء محركين أساسيين لأحداث تونس ومصر وسوريا واليمن والعراق ولبنان وليبيا والسودان، بعديا عن محاولة استغلال ذلك من قوى إقليمية وعالمية لتحقيق مصالحها، فإن السبب الأساسي اقتصادي صرف.
في حرب أوكرانيا وروسيا تشير معظم التوقعات إلى أنها ستكون نزهة لموسكو، لكن الخبراء والتاريخ يذكراننا بأنها قد تكون أفغانستان، وفي أفضل الأحوال الكويت بالنسبة لعراق صدام، الذي وجد نفسه محاصرا اقتصاديا وبلدا ضعيفا بعد غزو الكويت.
أهمية أوكرانيا بالنسبة للدول العربية
كما نعرف جميعا، لا توجد دولة عربية تحقق الإكتفاء الذاتي من انتاج القمح والحبوب، وفيما تتصدر مصر الإنتاج ويأتي المغرب بعدها، نجدهما لا يكتفيان بالمنتج المحلي ويستوردان القمح من الدول المنتجة.
وتعد مصر والجزائر ضمن أكبر المتوردين للقمح في العالم، ونتحدث عن أكبر 10 دول تعتمد في القمح على الخارج رغم أن كلا البلدين ينتجان القمح.
بقية الدول العربية وضعها أسوأ، حيث تعتمد على واردات القمح لتغطية احتياجاتها، وهنا تتضح مكانة أوكرانيا التي تلبي 40% من شحنات الذرة والقمح السنوية إلى الشرق الأوسط وأفريقيا.
تعتمد الدول الإسلامية عموما على القمح الأوكراني وتأتي في المقدمة اندونيسيا ثم مصر ثم باكستان ثم بنغلاديش ثم المغرب ثم تركيا ثم اليمن ثم تونس ثم ليبيا ثم لبنان.
وتعد أوكرانيا الأولى في صادرات الحبوب عالميا حيث تمثل أوكرانيا 12% من صادرات القمح العالمية، و16% للذرة، و18% للشعير، و19% لبذور اللفت.
في موسم 2019-2020 استوردت مصر 12.5 مليون طن ثم جاءت الجزائر في المرتبة الثانية حيث استوردت 7.0 مليون طن، ثم المغرب الذي استورد 4.8 مليون طن من القمح، فيما استورد العراق واليمن لكل منهما 3.3 مليون طن، واستوردت السعودية 3.3 مليون طن واستورد السودان 2.7 مليون طن ثم الإمارات 1.8 مليون طن ثم تونس 1.6 مليون طن.
لا ننسى أن هناك جالية عربية كبيرة في أوكرانيا، وكل هؤلاء مهددون حاليا بفقدان وظائفهم إضافة إلى توقف تعليمهم ومصالحهم وسيكون عليهم العودة إلى بلدانهم.
أهمية روسيا بالنسبة للدول العربية
بينما تشتري مصر 30% من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا تحصل على 50% الأخرى من روسيا، ونتحدث عن 80% من احتياجات مصر قادمة من الدولتين.
وهذا الوضع أيضا للجزائر التي تعتمد بشكل كبير على القمح الروسي وتشتري القمح من أسواق عديدة ومنها أوكرانيا.
وبينما لن يتضرر الإنتاج الزراعي في روسيا بسبب الحرب لأن أوكرانيا ستكون ساحة الأعمال العدوانية فعلا، إلا أن العقوبات الأمريكية والغربية ستجعل استيراد القمح الروسي صعبا للغاية.
وصلت التهديدات الأمريكية إلى حد التلميح بإمكانية فصل روسيا من النظام البنكي العالمي، وستكون العقوبات مماثلة لما تتعرض له ايران، حيث تجد أي شركة أو طرف يتعامل معها تجاريا نفسه معاقب دوليا أيضا، وهذا يعني أن امدادات القمح الروسي سيكون من الصعوبة لأول مرة الحصول عليها.
ونتيجة لكل ما سبق من المنتظر أن تقفز أسعار القمح إلى مستويات جديدة وغير مسبوقة، ما يهدد الأمن الغذائي لمختلف العربية التي شهدت الأسعار فيها الإرتفاع بسبب أزمة التضخم العالمية.
حرب أوكرانيا وروسيا ليست في صالح العرب
أكبر الدول المستوردة للقمح
بينما يردد بعض العرب دعاء "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرنا واخرجنا من بين أيديهم سالمين”، من الأكيد أن الضرب المرتقب بين هؤلاء سيكون له تداعيات سلبية على منطقتنا.
من شأن ارتفاع أسعار القمح أن يضغط على السلطات والمخابز لرفع أسعار الخبز، ويعد هذا الموضوع حساس للغاية، ما قد يهدد باضطرابات واسعة النطاق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكان ارتفاع أسعار الغذاء في عام 2011 كنتيجة لأزمة 2008 وأزمة الديون الأوروبية 2010، سببا أساسيا في ما يسمى بالربيع العربي والذي تحول إلى خراب وحروب أهلية.