p>
وعند وصول المعتقلين الخليجيين من سجن غوانتنامو إلى بلادهم، تعمل حكومات الدول الخليجية على تحويلهم إلى المستشفيات للاطمئنان على صحتهم، ثم إجراء بعض التحقيقات معهم، وإطلاق سراح بعضهم، وإبقاء آخرين لإكمال مدة حكمهم، بحسب الخليج أونلاين.
ودشنت الولايات المتحدة سجن غوانتنامو في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عام 2002، في سياق الحرب على "الإرهاب" بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
وبعد افتتاح السجن الأمريكي تحول المكان من قاعدة عسكرية إلى معتقل وميدان للمحاكم العسكرية الاستثنائية، ومسرح لألوان التعذيب وفنون الرعب، وواكبت ذلك حملات ودعوات للمطالبة بإغلاقه.
وعملت إدارة الرئيس الأمريكي بوش على التحايل على القانون الأمريكي لتعذيب المعتقلين وانتهاك حقوقهم، من خلال القول إن "معتقل غوانتنامو خارج الأراضي الأمريكية، ولهذا فهو غير خاضع لدستور البلاد".
وفي الـ11 من يناير 2002، وصل أول المعتقلين من باكستان وأفغانستان لغوانتنامو، حيث ضم ما مجموعه 780 معتقلاً منذ افتتاحه، ولاحقاً ومع تصاعد موجة الانتقاد قامت وزارة الدفاع الأمريكية بعمليات ترحيل متفرقة للمعتقلين حول العالم.
وشهد السجن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث تسبب بوفاة بعض السجناء، ولكن لا إحصائيات رسمية لأولئك الذين قضوا في معسكر غوانتنامو.
ومن الأسماء التي أعلن عن وفاتها في المعتقل مانع بن شامان العتيبي وياسر طلال الزهراني من السعودية، وأحمد عبد الله من اليمن.
وفي 8 سبتمبر 2012 أعلن عن وفاة المعتقل اليمني عدنان فرحان عبد اللطيف في ظروف غامضة، وعلقت السلطات الأمريكية على الحادث في حينها بالقول إن المعتقل انتحر بتناول كميات كبيرة من دواء للعلاج النفسي وصف له.
كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، عام 2003، وقوع 23 محاولة انتحار، وكشف مسؤولون داخل غوانتنامو أن 25 معتقلاً حاولوا الانتحار 41 مرة منذ 2002.
وفي العاشر من يونيو 2006 تم العثور على ثلاثة معتقلين قتلى، قال البنتاغون إنهم انتحروا، لكن منظمات حقوقية شككت في أسباب وفاتهم.
المعتقلون السعوديون
ضم السجن عدداً من السجناء الخليجيين، أبرزهم من السعودية والكويت، رحلت الولايات المتحدة عدداً منهم إلى بلادهم في سنوات متفرقة.
وكان من السعودية 133 معتقلاً، من بين 779 اعتقلوا إدارياً خارج نطاق القضاء منذ افتتاح المعتقل عام 2002، وقد تراجع العدد إلى 160 عام 2013.
وتسلمت السعودية العديد من مواطنيها الذين كانوا في غوانتنامو على مدار السنوات الماضية، حيث كانت الدفعة الأولى في مايو 2003، حين استلمت خمسة سعوديين، ثم في يوليو 2005، استلمت ثلاثة آخرين.
وفي ديسمبر 2017، أعلنت السلطات السعودية وصول 10 معتقلين آخرين، وفي مايو 2018، في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أطلقت الولايات المتحدة سراح المعتقل السعودي أحمد محمد أحمد هزاع الدربي، الموجود في السجن منذ أغسطس عام 2002، بتهمة التورط في استهداف ناقلة نفط في خليج عدن قبالة السواحل اليمنية.
وفي حينها قالت "البنتاغون" في البيان: "بعد إتمام الإجراءات المنصوص عليها في الصفقة التي عقدت معه في فبراير 2014، واعترافه بالتخطيط للهجوم وإدانته بقضايا إرهاب سيقضي الدربي الفترة المتبقية من حكمه بالسجن 13 عاماً في السعودية".
وفي عهد الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، تعتزم الحكومة الأمريكية نقل المواطن السعودي محمد القحطاني، المعتقل في غوانتنامو، إلى أحد المصحات النفسية في المملكة بناء على توصية من مجلس المراجعة الدورية المختص بمراجعة الموجودين بالمعتقل الكوبي سيئ السمعة.
وسبق أن اعترف القحطاني بأنه كان أحد عناصر تنظيم "القاعدة"، وأنه كان سيكون الخاطف رقم 20 في عملية الـ11 من سبتمبر 2001، إلا أنه فشل في الصعود على متن الرحلة رقم 93 التابعة لشركة "يونايتيد إيرلاينز"، التي تحطّمت في ولاية بنسلفانيا.
وقال مجلس المراجعة الدورية الذي تأسس في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، إن القحطاني تعرض للتعذيب على يد الحكومة الأمريكية بعد إلقاء القبض عليه قبل نحو عقدين.
وأضافت توصية المجلس أن القحطاني ظل سجيناً بالمعتقل حتى بعد إسقاط التهم الموجهة إليه عام 2008.
معتقلون لدول خليجية أخرى
وإلى جانب المعتقلين السعوديين في غوانتنامو اعتقل عدد من الكويتيين في السجن سيئ السمعة، لكن في (يناير 2016) أكدت سفارة دولة الكويت في الولايات المتحدة استلام الفريق الأمني الكويتي آخر محتجز كويتي في معتقل غوانتنامو وهو فايز الكندري.
وبعد خروج الكندري نقل إلى المستشفى العسكري، وخضع لعلاج نفسي ستة أشهر، ثم خضع لتحقيقات من النيابة العامة.
وتم اعتقال 12 شخصاً كويتياً في غوانتنامو، حيث وجهت إليهم اتهامات تدعي ارتباطهم بتنظيم القاعدة أو حركة طالبان، ونفوا جميعاً التهم الموجهة إليهم، وأفرج عنهم جميعاً في أزمانٍ متفاوتة، كان آخرهم الكندري.
قطر أيضاً كان لها معتقلون في سجن غوانتنامو، وهم علي صالح المرّي الذي قضى 13 عاماً، وشقيقه جار الله صالح المري، واعتقل سبعة أعوام.
وأطلقت الولايات المتحدة سراح علي، في يناير 2015، حيث لم توجه إليه أي تهمة، وذلك لعجز الحكومة الأمريكية عن تقديم دليل على ضلوعه فيما يسمى الإرهاب، فيما أطلقت سراح شقيقه مسبقاً في يوليو 2008.
وفي يناير 2015، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية نقل أربعة سجناء من معتقل غوانتنامو، وهم (دون تحديد جنسياتهم) الخضر عبد الله محمد اليافي، وفاضل حسين صالح هنتيف، وعبد الرحمن عبد الله أبو الشبتي، ومحمد أحمد سالم.
وفي يناير 2017، أعلنت سلطنة عُمان وصول 10 سجناء أفرجت عنهم الولايات المتحدة من معتقل غوانتنامو العسكري إلى أراضيها، دون تحديد جنسية هؤلاء المعتقلين أيضاً.
من جهتها، شهدت البحرين عودة عدد من مواطنيها كانوا معتقلين في سجن غوانتنامو، حيث أعلنت السلطات البحرينية، في يناير 2005، إطلاق الولايات المتحدة لثلاثة مواطنين بحرينيين من أصل ستة، وهم عادل كامل حاجي وعبد الله ماجد النعيمي وسلمان إبراهيم آل خليفة.
وفي حينها أكدت الحكومة البحرينية أنها أعدت برنامجاً لإعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع.
وبعد إطلاق سراح الثلاثة أطلقت السلطات الأمريكية الثلاثة المتبقين، وكان آخرهم، وفق ما أعلنت الخارجية البحرينية، في أغسطس 2007.
الإمارات أيضاً شهدت استقبال بعض المعتقلين في سجن غوانتنامو وهم غير مواطنين، كان آخرهم، رافيل مينغازوف، وهو مسلم من التتار.
وفي أكتوبر الماضي، أكدت مصادر يمنية محلية أن الإمارات أرسلت 12 يمنياً، كانوا قيد الحجز لديها، من معتقلي "غوانتنامو" سابقاً، إلى اليمن.
ونقلت وكالة "رويترز"، عن مسؤول حكومي يمني قوله إن طائرة عسكرية إماراتية تقلُّ المعتقلين، هبطت في المكلا بمحافظة حضرموت جنوبي اليمن.
وهؤلاء من ضمن مجموعة نُقلوا من خليج غوانتنامو بين عامي 2015 و2017 إلى الإمارات، حيث ظلوا رهن الاحتجاز.
وأبرمت الإمارات اتفاقية مع الولايات المتحدة تم بموجبها إعادة توطين 23 معتقلاً في غوانتنامو في الإمارات، وقد أعيد ثلاثة منهم قسراً منذ ذلك الحين إلى بلدانهم الأصلية.
4 سعوديين ينتظرون
الخبير في التنظيمات الجهادية، حسن أبو هنية، يؤكد أن سجن غوانتنامو، عند افتتاحه عام 2002، كان به 800 معتقل من جنسيات مختلفة، ومنهم مواطنون خليجيون، اعتقلوا بتهم الانتماء لتنظيم القاعدة.
وفي حديثه يوضح أبو هنية أن السلطات الأمريكية على مدار السنوات الماضية أطلقت غالبية المعتقلين بعد عدم إثبات التهم الموجهة إليهم، ومنهم خليجيون، ولكن بقي هناك 4 سعوديين من أصل 39 معتقلاً من جنسيات مختلفة.
وعند ترحيل المعتقلين الخليجيين إلى بلادهم فإن حكومات بلادهم، كما يوضح أبو هنية، أدخلت بعضهم إلى برنامج المناصحة، وآخرون يتم التحقيق معهم، وبعدها يطلق سراحهم، بعد إثبات عدم تورطهم في أي قضايا أو تهم.
وخلال السنوات الماضية- يبين أبو هنية- أطلقت الولايات المتحدة وعوداً بإغلاق سجن غوانتنامو، ولكن لم يتم ذلك، رغم أن عدد المعتقلين فيه انخفض.