أخبار البلد - أربعة تقارير دولية وحقوقية على التوالي وصفت إسرائيل أنها "دولة فصل عنصري"، غير أن تقرير منظمة العفو الدولية (أمنيستي) عندما صدر أحيا الآمال بأن يحدث تأثير يفضي إلى صدور قرار أممي يحاسب الإسرائيليين على العنصرية الممارسة ضد الشعب الفلسطيني
وتحت عنوان "نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظام قاس يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية"، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا الثلاثاء الماضي، واتهمت فيه إسرائيل، بارتكاب جريمة "الفصل العنصري" ضد الفلسطينيين ومعاملتهم على أنهم "مجموعة عرقية أدنى"
وبين المحامي والخبير في القانون الدولي الدكتور أنيس قاسم أن تقرير منظمة العفو الدولية هو التقرير الرابع، لكنه التقرير الأكثر أهمية لأنه الأشمل والأكثر وتوثيقا
ولفت في حديثه إلى (الرأي) أن اول تقرير صدر بهذا الخصوص كان من قبل منظمة الأسكوا، والثاني من منظمة هيومن رايتس وتش، فيما الثالث أصدرته منظمة "بتسيلم"، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية
وأوضح الدكتور قاسم أهمية هذه التقارير بأنها تسجل على المستوى الدولي الوضع الصحيح والسليم لتوصيف إسرائيل "دولة فصل عنصري"، وأعدت من قبل مختصين ومثقفين، ومن الصعب تحدي ما ورد بهذه التقارير، وبالتالي نحن نقترب من مرحلة مشابه لمرحلة جنوب إفريقيا التي أعلنت الجمعية العامة أنها دولة فصل عنصري
ودعا قاسم المسؤولين الفلسطينين لاستغلال ما جاء بالتقرير، لاتخاذ خطوات فورية، لطرح التقرير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان إسرائيل "دولة فصل عنصري"، متوقعا أن ينجح القرار بالتصويت وقال "لا أعتقد أنه يوجد صعوبة للحصول على التصويت، لأن أغلبية الجمعية العامة تؤيد هذا الوصف لإسرائيل، ذلك لأن التقارير استندت على تشريعات إسرائيلية ومنها قانون القومية الذي ينص على حق تقرير المصير للشعب اليهودي بفلسطين التاريخية، وهو ما يعني نفي للشعب الفلسطيني"، لافتا إلى وجود قرارات متواترة للجمعية العامة حول حق تقرير المصير
وبين أنه حين توصف إسرائيل بهذا الوصف، أي إعطائها الوصف الذي كان لجنوب إفريقيا، فهو بالواقع أقل من واقع التمييز العنصري داخل إسرائيل، ففي جنوب إفريقيا كان السلطة التي يتحكم بها الإنسان الأبيض تحشر المواطنين (السود) في معازل تسمى (بانتوستونات) ويمنحون كل (بانتوستون) حكماً ذاتياً
فيما بإسرائيل، وفق ما قال قاسم، "لا تعزل الفلسطينيين بمعازل داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وإنما تقوم باقتلاعهم والقذف بهم خارج الحدود، فخلقت مشكلة اللاجئين، ورفضت عودة اللاجين وسنت قوانين تعتبر أن من يعودون إلى أملاكهم متسللين، وسمي القانون بـ"قانون المتسلل"
وشدد قاسم على ضرورة العمل على استصدار قرار أممي بأن إسرائيل دول فصل عنصري، ليتم محاكمة إسرائيل، لأن القانون الدولي يصنف الفصل العنصري جريمة يعاقب عليها، وبالتالي يحرم على الدول التعامل مع إسرائيل، ويجب أن تتم ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين المدنيين والعسكريين بتهم إقامة نظام فصل عنصري، وهو ما يوجب على إسرئيل القيام بتفكيك النظام العنصري والسماح للاجئين بالعودة
وفي السياق يرى الكاتب السياسي والمختص بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي حمادة فراعنة أن قيمة التقرير تبرز كونه صادر عن جهة دولية معتبرة لها مكانتها ومصداقيتها، وليست قراءة صحفية، أو صادر عن جهة حكومية أو حزبية، لها موقف مسبق ضد المستعمرة، بل سلوك وإجراءات وسياسات المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني هي سبب التقرير ودوافعه
وبين أن التقرير يشمل لأول مرة في اهتماماته مكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة: أبناء مناطق 48، وأبناء مناطق 67، في الضفة والقدس والقطاع، وأبناء اللاجئين في مخيمات اللجوء والعودة، حيث يشير التقرير أنه يشمل: "جميع الإدارات المدنية والسلطات العسكرية الإسرائيلية متورطة بجميع أنحاء فلسطين، وكذلك ضد اللاجئين الفلسطينيين"
وقال فراعنه إن أهمية تقرير منظمة العفو الدولية تبرز في تعرية سلوك وجرائم المستعمرة الإسرائيلية وتوثيقها حول عناوين: "مصادرة الأراضي والممتلكات الفلسطينية على نطاق واسع، عمليات القتل غير المشروع، التهجير القسري، القيود الصارمة على الحركة، حرمان الفلسطينيين من حقوق الجنسية والمواطنة"
ورغم أن أستاذ القانون الدولي العام وحقوق الإنسان المحامي أيمن هلسة يرى أن التقرير مهم، لكنه وفق هلسة هو " في النهاية صادر عن منظمة دولية غير حكومية"، مشددا على أنه لا بد من تعزيزه بجهود دولية على صعيد الجمعية العامة ومجلس الأمن التابعتان لهيئة الأمم المتحدة
واستبعد المحامي هلسة أن يتم اتخاذ قرار من خلال مجلس الأمن بسبب الفيتو الذي ستستخدمه الولايات المتحدة الأمريكية، موضحا أن الفصل العنصري جريمة دولية ويمكن أن تتم المسألة أمام المحكمة الجنائية الدولية، خصوصا أن السلطة الوطنية طرف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية، مشيرا إلى أن هناك جهود حالية بهذا الخصوص
ورغم أن إسرائيل ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية بعد سحب توقيعها عن قانون المحكمةعام 2002، إلا أن رفع السلطة الفلسطينية دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية سيهدد المسؤولين الإسرائيليين في تحركاتهم الدولية، خصوصاً إذا ما صدرت مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية تطالب بتسليمهم للمحكمة
من جانبه يرى الخبير في مجال حقوق الإنسان أحمد عوض أن هنالك فرصاً استناداً الى هذا التقرير وتقارير هيومن رايتس ووتش وغيرها من منظمات الدفاع عن حقوق الانسان وخاصة التي صدرت مؤخرا أن يتم إدانية إسرائيل بوصفها نظام فصل عنصري، مبينا أنه يمكن التأسيس لحراك عالمي بهذا الاتجاه
إسرائيل (دولة فصل عنصري)..تقرير منظمة العفو الدولية يحي الآمال لمحاسبة إسرائيل دوليًا
أخبار البلد -