يقول منذر خاموس نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري المعارض " إنه لا يرى أي حل للأزمة السورية ، غير التدخل الخارجي " وأضاف من بروكسل " سنكون ساذجين إذا فكرنا أنه يمكننا كسب المعركة ، لأن ميزان القوة مختل لصالح النظام " ( 8/12/2011 ) .
وإتصل معي مسؤول فلسطيني رفيع المستوى ، تعليقاً على مقالتي المعنونة " أوراق اللعبة السورية " التي إعتبرها هامة وموضوعية ، وأنني من خلالها أجدت قراءة المشهد السوري ، ولكنني أغفلت من وجهة نظره لورقة سادسة ، إضافة إلى الأوراق الخمسة التي ذكرتها بحوزة النظام السوري ، وهي ورقة الأنقسام الدولي حول الوضع من سوريا ، فالخمسة الكبار منقسمون حول الموقف نحو سوريا ، وأن روسيا والصين لديهما موقفاً حازماً أخر يختلف عن الموقفين الأميركي الأوروبي المشترك ، وبالتالي يتعذر صدور قرار عن مجلس الأمن ، يمكن أن يشكل غطاء لأي تدخل أميركي أوروبي في سوريا ، كما حصل في ليبيا ، وكما سبق وأن حصل في العراق قبل سنوات .
ولذلك ، وبناء على الرؤية الروسية ، ستفتقد واشنطن إمكانية تحصيل موقف من مجلس الأمن يجيز التدخل الأميركي الأوروبي تحت غطاء الشرعية الدولية لتقويض النظام السوري أو العمل على إضعافه لأن الفيتو الروسي المتفاهم مع الصين ، سيكون بالمرصاد لقطع الطريق على أية محاولة أميركية تستهدف سوريا في مجلس الأمن .
كما تفتقر واشنطن ، ولا تتوفر لها إمكانية حث الجيش السوري كي يتخذ قراراً لتلبية المعارضة وإحتجاجات الشارع السوري في أن يقول قادة الجيش لرئيسهم إرحل فيرحل ، كما فعل رشيد عمار مع رئيسه التونسي زين العابدين بن علي ، وكما فعل حسين الطنطاوي مع رئيسه المصري حسني مبارك ، فالجيش السوري لا يتلقى المساعدات المالية ، الأميركية الأوروبية ، ولا يتلقى التدريبات على أيدي الخبراء الأميركيين والأوروبيين ، ولذلك لا فضل أميركي أوروبي ، على سوريا ، ولا يملكون نفوذاً على جيشها ، وهو بذلك محصن من التدخلات الأجنبية كي يكون لهذه التدخلات التأثير على قراره كما هو واقع لدى مجموعتين من البلدان العربية : المجموعة الأولى التي تتلقى المساعدات المالية مثل المغرب وموريتانيا وتونس ومصر وجيبوتي والأردن وفلسطين ولبنان ، والمجموعة الثانية التي تتلقى الأمن والحماية لأنظمتها من الولايات المتحدة وأوروبا وهي مجموعة البلدان الخليجية الستة ، ولذلك تصدع هاتين المجموعتين ، للأرادة الأميركية وتستمع لنصائحها ، وإن لم نقل أنها تنفذ التعليمات والأشارات الواردة لها من الغرب الأميركي الأوروبي ، لأن الغرب يمدها بالقوة ويحميها ويحافظ على بقاء أنظمتها .
المسؤول الفلسطيني رفيع المستوى ، كان في موسكو ، وإلتقى مسؤولين روس من الخارجية وأجهزة الأمن ، ونقل لي قولهم له :
" الموقف الروسي لم يعد خجولاً ، في الدفاع عن مصالحه ، والتحدث بقوة عن رفض التدخلات الأميريكة الأوروبية ضد النظام في دمشق ، فقد إستطاعت واشنطن وحلفائها ترتيب أوراقها وحماية مصالحها في تونس ومصر وليبيا ، في غفلة من الموقف الروسي ، ولذلك لن تسمح موسكو بتدمير مصالحها في المنطقة العربية ، وفي سوريا بالتحديد ، وهي لن تبقى مكتوفة الأيدي والأفعال والمواقف نحو سياسة الهيمنة والأستئثار الأميركية في العالم ، خاصة وأن القوى الأصولية التي أعادت تحالفها مع واشنطن هي التي تقود لعبة المعارضة ضد الأنظمة العربية ، وهي التي تستفيد من نتائج صناديق الأقتراع عبر التفاهم مع الأميركيين ، وهذه القوى الأصولية بالذات هي التي لعبت دوراً أساسياً أبان الحرب الباردة ضد المصالح السوفيتية وهي التي تدعم تمرد الشيشان ضد المعارضة الروسية " .
" ونقل المسؤول الفلسطيني رفيع المستوى عن الروس وصفهم لما يجري من أحداث في سوريا سواء حول إنقسامات الجيش أو مظاهر المحتجين على أنها ظواهر صبيانية غير مؤثرة على صُلب وتماسك الجبهة الداخلية السورية ، وإن كان المسؤولون الروس ، لم يخفوا قلقهم من تدهور الأوضاع في سوريا ، إذا لم يلتقط النظام زمام المبادرة ، وأن لا تقتصر على الجانب العسكري الأمني ، بل يُقدم مبادرات تستجيب لمصلحة توسيع قاعدة المشاركة في مؤسسات صنع القرار في الدولة السورية كي تجعل المعارضة الخارجية معزولة ، بلا تأثير ولا قيمة لها ، والبدء بسلسلة من الأصلاحات الجدية التي توفر الأمكانية لأنهاء حكم الفرد والعائلة والطائفة والحزب الواحد " .
سواء ما قاله منذر ماخوس ، أو ما نقله المسؤول الفلسطيني عن أصحاب القرار الروسي يُدلل ، على أهمية القرار الدولي وتأثيره على صنع وسير ونتائج أحداث ثورة الربيع العربي ، ولذلك إضافة إلى ما يملكه النظام من عوامل محلية وإقليمية خمسة محيطة به وهي 1- تماسك المؤسسة العكسرية ، 2- مساندة إيران وحزب الله ،3- وجود جيران غير أعداء العراق ولبنان والأردن ، 4 – عدم وحدة المعارضة ، 5- تردد أهالي دمشق وحلب في المشاركة بالأحتجاجات ضد النظام ، ويكون الأنقسام الدولي هو العامل السادس المكرس لمصلحة النظام في دمشق وحمايته .
h.faraneh@yahoo.com
الأحد 11/12/2011