عفوا فيروز ومعذرة, وعفوا نادين لبَكي لاستعارة اسم فيلمك الرائع لوصف ما يحدث في فيلم السوق المالي المروّع في بلدي منذ سنين, والان وقد تسارعت سلسلة التدهور وتفاقمت الامور, لا بد لأي حريص على هذا البلد وخيراته أن يجوح وينوح, وبكل ما في التعبير من ألم وتشاؤم وإحساس بالغبن, على مدخرات واستثمارات مواطنيه.
لا أريد أن أُصدّع رأس أحد بالارقام لكنها مهمة (وهي ليست صمّاء); دعونا بداية نستعرض التاريخ ومن موقع بورصة عمان: منذ نهاية العام الماضي والسوق المالي في تراجع مستمر, حيث هبطت قيمة الاسهم المتداولة من ما يزيد على 33 مليون دينار في اليوم الى أقل من 21 مليون دينار (33%), ومن 27.6 مليون سهم الى 16.1 مليون سهم يوميا (42%), وعدد التعاملات من 7102 معاملة بيع يوميا الى 3120 معاملة (56%), وهبطت قيمة الاسهم (رؤوس أموال الشركات المدرجة وهي ما يزيد على 270 شركة) بما يزيد على مليار دينار أردني, وهو ما يقارب عجز موازنة الحكومة, ويساوي 167 دينارا خسارة من مدخرات كل أردني.
ولام القائمون على السوق في حينه, كما يفعلون كلما "دق الكوز بالجرّة", التغيرات وعدم الاستقرار في المنطقة من حولنا وطلبوا من الشارع أن يهدأ, فهدأنا نحن وناموا هم; واستمر ردّهم الضعيف المستهلك. فكما تعلمنا منذ عهود أن عدم الاستقرار النسبي من حولنا يفيد الاقتصاد الاردني; وكان من الممكن لنا أن نكون قلب استثمار كل العرب, لكن قراراتهم المتسرّعة أثرت سلبا على الشارع والاستثمار في الاردن, وأدت الى الخوف من المسؤول, والرهبة من البيئة التنظيمية, والتشاؤم لدى البائع والمشتري, فهبط العرض والطلب وسقط السوق وعم الكساد.
وكأن القائمون على الاقتصاد الاردني لم يحسوا بالالم الاقتصادي والصالح العام (الاقتصاد الكلي), فقاموا بما قاموا به في الاسبوع الماضي من إجراءات "مهمة" و"إضطرارية" و"تحفيزية" للسوق (برأيهم) وتغنوا بها, وبالنتيجة, هبط متوسط سعر السهم (المرجح بقيمة رأس المال) في الايام الثلاثة الماضية (حسب قراءتي لموقع بورصة عمان) بـ 17.74%, وهبطت قمية السوق الكلية بقيمة 156 مليون دينار.
بالله عليكم, يا من تتسرعون في الحكم في قضايا القطاع الخاص وتتباطأون وتتذمرون من عدم قدرتكم على محاسبة القطاع العام بسبب قوانينكم أو كثرة ما تحتاجون أن تقرأوا من أوراق وشح مواردكم (وهو لسان حالكم قبل شهور), هل أنتهيتم من محاسبة الفساد في القطاع العام لتبدأوا بالقطاع الخاص? هل تنبهتم لأثر قراراتكم على السوق? وماذا فعلت الاجهزة التنظيمية لرد الروح والتفاؤل الى السوق, أليس هذا أحد واجباتها (عودوا لقوانينكم)? وأين كانت مؤسسات الجهاز التنظيمي من شركات القطاع الخاص قبل سنين? وكيف سمحت للشركات المدرجة (إن كانت فعلا مخطئة) أن تستمر في أعمالها? هل استيقظ الجميع فجأة فهبوا للإصلاح وتنشيط السوق? أليس من الاحرى أن تحاسب المؤسسات التنظيمية وكل من وافق على قرارات الشركات "الخطأ"?
بطريقة أخرى وربما أكثر دبلوماسية (رغم أني وكما هو معروف لا أحترف السياسة), "لوين رايحين"?.
د. يوسف منصور يكتب : السوق المالي... لوين رايحين?
أخبار البلد -