أخبار البلد - مصطفى صوالحه
زيارات جلالة الملك إلى المحافظات كافة أمرٌ
متعارفٌ عليه، وليس بالجديد في مسيرة جلالته، فزياراته المختلفة للمحافظات القريبة جغرافيًا منه والبعيدة نالت
من الزيارات القدر ذاته، فجلالته لم يُفرق بين مدينةٍ وقرية، بين مدن وسط ومدن
الجنوب والشمال والأطراف، إنه ببساطة يُتابع الشأن المحلي وكما يعتريه الفخر في
كثيرٍ من الأوقات، فبالتأكيد يعتريه الحزن لِما يَسمعه من المواطنين الذين يُلقون
على مسامعه ما تُمارسه الحكومة من تقصير بحقهم، وأن كل ما تحدثت به من على المنابر
في أنها تعمل عل حزمة مشاريعٍ اقتصادية واجتماعيةٍ وسياسيةٍ وتنمويةٍ مجرد هراء.
الملك
يعي تمامًا أن الزيارات التفقدية لأبناء المحافظات سيكون أثرها أكبر من زيارات
الوفد الحكومي لها، إذ إنه الأخيرة ليست
قريبة من الموطان كما هو الملك، وليس فيها من الإنسجام ما في الملك من البساطة
والتواضع.
وفي حوارٍ عائلي بين الملك وأبناءه، نجد أن
جلالته مُهتمٌ بسماع قضايا المواطنين كافة
دون تفريق، ويُمكن ملاحظة التوجيهات
الملكية لتنفيذ مشاريع هامة في المحافظات كافة، كل ذلك يأتي في ظرفٍ زماني صعب،
فصفقة القرن إلى جانب العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية التي يعمل جلالته
على حلها بطريقةٍ يصعب على أي رجلٍ آخر أن يتولى أمرها.
وإذا كانت هناك مشاريع يتم الايعاز لتنفيذها فهناك
أخرى يتم دراستها فورًا، إذ إننا لم نسمع يومًا أن جلالته رفض أي اقتراحٍ أو
مطالبةٍ أو حاجة، فهو يُلبي النداء، يُلبيه كما لو أننا جزءٌ منه.
عائلات فقيرة، مدارسٌ مُهمشة، مناطق نائية، قُرى بعيدة، مُستشفى
بحاجة لتوسعة، إعفاءٌ طبي، كلها أمور يعمل الملك على إيجاد حلٍ متوازنٍ لها ودون تأخير.
زيارة الملك لمدينة الكرك، هذه المدينة التي بدأت تضيق على أهلها، وأصبح
لزامًا البوح بما في الصدور إلى جلالة الملك دون قراءة ذلك عن الورق وبمنتهى
الشفافية، ذلك ما أشهر به الصحافي محمد الكفاوين، إذ إنه بدأ حديثه بالحديث عن
فساد الحكومة الذي لم يشب، بينما –وفي الجهة المقابلة- الشباب شاب، بالإضافة إلى
عدم السماح له بالحديث مع جلالته من قبل
الكادر الحكومي إلا بعد موافقته فإنه أكد أن الكرك كحال إخوتها الإحدى عشر، بطالةٌ
وفقرٌ وفسادٌ وتردي للخدمات وتهميشٌ رسميٌ وحكوميٌ عابر للحكومات التي لجأت إلى
جيب المواطن من أجل الإصلاح الذي لم نشاهده حتى يومنا هذا.
وتابع أمام جلالته، أن المديونية والطبالة والفقر والمخدرات بإزدياد،
ورغم أن الحكومة تعهدت بمشروع نهضةٍ شامل إلا أن نهضتنا كالطريق الصحراوي متعرجة
ومتهلهلة، فهو الطريق الذي حصد من شبابنا أكثر مِمَّا حصد الإرهاب خلال السنوات
الأخيرة.
وتاليًا نص رسالته:
"يا جلالة الملك، شبابنا شابت و فساد حكوماتنا لم يشب، يا سيدي، ولأنه لم يسمح لي بالحديث منهم إلا بعد موافقتك سأتحدث بكلماتٍ مُختصرة..حال الكرك كما إخوتها الإحدى عشر، بطالةٌ وفقرٌ وفسادٌ وتردٍ في الخدمات وتهميشٌ رسمي وحكومي عابر للحكومات..حال أوصلتنا إليه حكومات لم تعرف للإصلاح طريقا إلا جيب المواطن وليتها أصلحت.
فالمديونية والبطالة والفقر والمخدرات
بإزدياد؛ كذلك فيما يتعلق بالحكومةٌ التي تعهدت بمشروع نهضةٍ شامل، لكن وعلى ما
يبدو أن نهضتنا كالطريق الصحراوي متعرجة و متهلهلة، هذا الطريق الذي حصد من شبابنا
أكثر مِمَّا حصد الإرهاب خلال السنوات الأخيرة، ألا يستحق هذا الطريقُ لفتة منك سيدي؟.
سيدي، و بلا إستثناء، جميع القطاعات في
الكرك في تهاوٍ وتراجعٍ وموتٍ بطيء، ولعل في مقدمتها القطاع التجاري فهناك أكثر من
٣٠٠ محل تجاري وسط مدينة الكرك أغلقت أبوابها بسبب الضرائب والقرارات الحكومية
الظالمة كما وصفها التجار، ألا يستحق هذا لفتة منك سيدي؟
سيدي، شبابنا مهمشون من الحكومة ومن الجميع وينتظرون
انصافك، فنسب البطالة متقعة وحملة شهادة الدكتوراة في الكرك يزيد عددهم عن 100
شخص، عاطلون عن العمل ويعتصمون الآن أمام بوابة الجامعة الجناح المدني.. أليس من
الظلم أن يُنهي هؤلاء دراستهم وبدرجات عليا ومن ثم يجلسون في انتظار بارقة أمل .. ألا
يستحقون منك لفتة سيدي؟
المشكلة يا سيدي أكبر من شارع أوإفتتاح مشفى أوغيره..نريد إصلاحًا شاملًا حقيقيًا فقط.
نحن يا سيدي نحتاج إلى تغيير النهج، فالحكومة
لم نرى منها سوى الوعود والدراسات والزيارات الميدانية التي لا تكاد تنتهي والمواطن
يمر بسنوات اقتصادية عجاف.
يا
سيدي من المعيب على حكومتنا أن يأتي عام ٢٠١٨ والمياه في الكرك لم تصل للخزانات منذ
أشهر وأن تكون أكبر مشاكلنا المياه.
ختامًا يا سيدي، الكركيون كما الأردنيون،
يقولون لك كما قالوا لأجدادك، نحن معك و بك ماضون، لكننا نريد إصلاحًا حقيقيًا يبدأ
من فوق، والسلام خير ختام.
أما المحامية الشابة هبة الشمالية، فقد لجأت هي الأخرى
إلى جلالته بكلماتٍ يتضح معها حجم تردي أوضاع مدينة الكرك، وتلاعب المسؤولين فيها
بما يتعلق بأحوال المدينة وأن كل شيئٍ على ما يُرام.
وفي حديثها لجلالته، قالت له، إنه وبالصيغة الملكية
فإنني إخاطبك بسيدي، مولاي، صاحب الجلالة، أما في صيغة الواقع فإنني أريد مخاطبتك
بوالدي، فأنا اليوم هنا حتى أنقل لك الواقع.
لتكمل بعدها، يا والدي، الكرك ليست بخير، فالشباب في
الحضيض، عاطلٌ عن العمل، وفي نظر المجتمع هو عالة عليهم، إنهم فقد يحلمون بالزواج،
لكن كل الظروف ضدهم يا سيدي.
وتاليًا نص رسالتها:
"في الصيغة الملكية أخاطبك بسيدي،
مولاي، حضرة صاحب الجلالة، أما في الصيغة الواقعية فإنني أريد مخاطبتك بوالدي، إنني اليوم هنا حتى
أنقل لك الواقع، وأنه من الشرف لقائك، لكن يا والدي، الكرك
ليست بخير، والأحوال لا تُطمئن، والشباب هنا عاطلٌ عن العمل، كل ما يحلم به هو
الزواج وتكوين أسرةٍ له، لكن الرظوف تقف أمامهم.
ما أريد أيصاله لك يا سيدي هو أن الرسالة
التي وصلتك غير صحيحةٍ، تمامًا كما هو الطريق الذي سلكه موكبك، فهم يعملون على
تحسينه وتجميله منذ أسبوعان، لكنه لم يكن يومًا بهذا المنظر.
سيدي، قمت بإيعازٍ فيما سبق عن لإشراك
الشباب بالحياة السياسية، لكنه لم يحصل شيء، واستمر تجاهلنا، فالمسؤولين يستغلون اسم فئة
الشباب حتى "يطلعوا على ظهرنا، ولا احنا بالحقيقة مش مستفيدين"
سيدي، والدي، أنا أطلب من جلالتك أن يكون
التواصل بيننا وبينك مباشرٌ يخلو من الحمام الزاجل وأقصد بالحمام الزاجل مسؤولينا الذين
لم نستفد منهم يومًا.