أخبار البلد – مصطفى صوالحه
إيمان، فتاةٌ أردنية تبلغ من العمر (26) عامًا، لجأت إلى
بيع الفوانيس حتى تستطيع إجراء عمليةٍ جراحيةٍ تتجاوز قيمتها (100) ألف دينار، هذه
الفتاة التي اتخذت من سريرها في مستشفى الجامعة الأردنية مكانًا للعيش فيه وتحمل
آخر صيحات الألم الذي كان بالنسبة لها كالقضبان التي تمنع السجين من الحرية وعيش
ما يفترض أن يكون اعتياديًا.
إيمان وبعد نشر قصتها على منصات التواصل الاجتماعي أطلقلت
مبادرة ذاتية اسمها "ادعموني لأتنفس"، والتي من خلالها استطاعت بيع عددٍ
من الفوانيس سعيًا في جمع تكاليف عمليتها الباهضة، وكأي إنسانٍ يعاني من المرض،
باتت إيمان اليوم عاجزة عن أداء مهامها بشكلٍ اعتيادي، فهي تعاني من نزيفٍ متكرر،
كما أن حالتها الصحية تتدهور بمرور الأيام.
إنها ببساطة تبحث عن أملٍ ما، هذا الأمل الذي سَيُسعفها
في إنقاذ ما تبقى من روحها الهشة وجسدها الهزيل، ويبدو أنها لجأت إلى مباردتها بعد
إحساسها بأن قصتها بدأت تندثر رغم حرصها المُستمر على نشرها وإيصالها إلى المعنيين والمسؤوليين،
وما تتمناه هذه الشابة التي باتت جزءًا من غرفةٍ اسمنتية تقبض على روحها لمدة تزيد
عن عامين في المستشفى هو أن تخضع لهذه العملية الجراحية قبل فوات الأوان.
وصرّحت إيمان لأخبار البلد في أنها لا تستطيع التحرك
والتنفس دون جهازٍ طبي، بالإضافة إلى عدم مقدرتها على النوم، كما أن كفاءة رئتها
تعادل (20%) فقط من العمل الصحيح لرئة الإنسان الطبيعي، الأمر الذي يعني حاجتها
المُلحة لزراعة رئةٍ تؤهلها لعيش حياةٍ طبيعية دون ضنك المرض وشدته.
إن الألم الذي بدأ يؤثر على مقدرتها في المشي جعلها تعيش
في حالةٍ من القلق والاضطراب، إنها وببساطة تعيش الآن على المُسكنات والحقن
الوريدية وجهاز الأكسجين.
قصة إيمان بدأت من صغرها، عندما تم تشخيصها بمتلازمة كارتجنر،
والتي تسببت بتلف الرئتين جرّاء نقص الأكسجين، إذ إن الأطباء أخبروا عائلتها آنذاك
بأنها لن تعيش لأكثر من تسع سنوات، إلا أن القدر كان له رأيٌ آخر يختلف عن
الأطباء، فإيمان اليوم على قيد حياة بعد (22)عامًا من إصابتها به.
وكما قالت لنا فإن عملية زراعة الرئة يجب أن تتم خارج الأردن، إلا أن
التكلفة المادية الباهضة لها كانت عائقًا أمام سفرها، فتكلفتها تصل إلى (500) ألف
دولار في أمريكا، وحوالي (100) ألف دولار في الهند.
ويبدو أن الطرق التي تحاول من خلالها إيمان الوصول إلى نتيجةٍ ما أقل
مأساويةً من حالتها الصحية التي تعيشها في هذه اللحظات قد أصبحت كالممرات المغلقة
نهاياتها، فعند ذهابها إلى مستشفى "هداسا" في القدس المحتلة، تم تشخيص حالتها
على أنها تحتاج إلى زراعة قلب بالإضافة إلى عملية زراعة رئة، نظرًا إلى أن قلبها
في الجهة اليُمنى لا اليُسرى، إلا أن المستشفى ووفقًا لقائمة الإنتظار التي اعتمد
عليها في تحديد موعد العملية، قال لها إنها يجب أن تنتظر قرابة الثلاث سنوات،
بالإضافة إلى كلفة العملية التي تصل إلى (200) ألف دولار، إن العوائق الآن تتمثل
بموعدٍ بعيد المدى بالإضافة إلى تكلفةٍ ماليةٍ باهضة وأملٍ قد يكون باهتًا بعض
الشيّئ.
التقرير الطبي الصادر عن مدينة الحسين الطبية بيّن أن إيمان تعاني من فشلٍ في الجهاز التنفسي
الناتج عن إصابتها بمتلازمة كارتيفنر وتوسع القصبات الهوائية، وقد نصحوها بإجراء
عملية زراعة الرئة خارج الأردن نظرًا إلى أن هذا النوع من العمليات لا يُمكن
إجراءه في الأردن.
ورغم الألم الذي تعايشت معه إيمان طيلة السنوات السابقة، وتحديدًا في
مستشفى الجامعة الأردنية، إلا أنها استطاعت إكمال تعليمها والحصول على شهادة التوجيهي
في التمريض، كما أن مبادرتها كانت جدارًا استناديًا لها في البقاء على قيد الأمل،
فهي قد جمعت عن طريقها ما يقارب ال (15) ألف دينار، إلا أن ذلك ليس كافيًا.
وكما اعتدنا في قصصٍ إنسانيةٍ كهذه، لم يتوانى الأردنيون عن
مساعدتها، فالطبيب والمُدرس والطالب ومختلف الفئات والطبقات قاموا بالشراء منها،
المستشفيات والمدارس أيضًا، إلا أنها لا تزال تطلب من المعنيين أن يقوموا
بمساعدتها فحالتها الصحية متدهورة وتعجز بسببها أن تعيش حياةً مسالمة كأي شابةً
أخرى.
إيمان تطلب من الأردنيين وعبر صفحتها على الفيسبوك نشر قصتها على
نطاقٍ واسع بالإضافة إلى مساندة وسائل الإعلام لها في إيصال قصتها إلى جلالة
الملك.
وكانت إيمان قد نشرت على صفحتها منشورًا قالت فيه: سأنتظر في غرفة المستشفى
متأملةً بأن يطرق بابها جلالة الملك أو جلالة الملكة أو سمو ولي العهد أو أحد أفراد
العائلة الهاشمية أو حتى أحد المسؤولين أو أي شخصٍ يستطيع أن يُخبرني بأن قصة ألمي
لن تستمر طويلًا.