اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن وثائق سرية نشرها مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) أفادت بمراقبة كارتر بيدج، المستشار السابق في حملته الانتخابية، في إطار شكوك بتآمره مع موسكو لتقويض انتخابات الرئاسة عام 2016، «تؤكد» تجسساً على حملته، وأن وزارة العدل و»أف بي آي» ضلّلا المحاكم التي أتاحت تلك المراقبة. لكن مشرّعين من الحزبين، الجمهوري والديموقراطي، رأوا أن الوثائق لا تعكس مخالفات.
وانتقد ترامب منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، مرجّحاً التجسس على حملته في طريقة «مخالفة للقانون، من أجل مصلحة سياسية لكلينتون صاحبة الأساليب الملتوية، ومصلحة اللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي». وكتب على «تويتر»: «على الجمهوريين أن يكونوا حازمين. احتيال غير مشروع!».
وتطرّق إلى الوثائق المتعلّقة بكارتر بيدج، متحدثاً عن «حجب مثير للسخرية لمعلومات كثيرة، تؤكد بقليل من الشك أن وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيديرالي ضلّلا المحاكم. احتيال!».
وتضمّنت الوثائق التي تقع في 412 صفحة وخضعت لتنقيح شديد، طلبات مراقبة قُدِمت لمحكمة مراقبة أجهزة الاستخبارات الأجنبية ومذكرات متصلة بالتحقيق مع بيدج.
ويأتي كشف هذه الوثائق بعد نحو اسبوع على اتهام روبرت مولر، المحقق الخاص في ملف «تدخل» موسكو في الانتخابات الأميركية واحتمال تواطئها مع حملة ترامب، 12 عميل استخبارات روسياً بقرصنة حملة كلينتون، لسرقة معلومات نُشِرت لاحقاً.
وكانت صحيفتا «نيويورك تايمز» و»يو أس إي توداي» ووسائل إعلام أخرى قدّمت شكاوى بموجب قانون حرية المعلومات، لنيل الوثائق التي أفرجت عنها وزارة العدل، ولكن بعد حجب تفاصيل.
ووَرَدَ في طلب أولي قدّمه «أف بي آي» لمراقبة بيدج أن «المكتب يعتقد بأنه كان هدفاً للتجنيد من الحكومة الروسية» من أجل «تقويض نتائج انتخابات الرئاسة 2016 والتأثير فيها، في انتهاك للقانون الجنائي الأميركي».
لكن اسم ترامب لا يرِد في الوثائق، بل يُشار إليه بأنه «المرشح الرقم 1». وأضاف «أف بي آي» في طلبه، قبل شهر من فوز ترامب في الانتخابات: «يُعتقد بأن جهود الحكومة الروسية تُنسَّق مع بيدج وربما أفراد آخرين يرتبطون بالمرشح الرقم 1. أقام بيدج علاقات مع مسؤولين من الحكومة الروسية، بينهم مسؤولو استخبارات».
ولم تُوجّه اتهامات الى بيدج الذي كتب على «تويتر» أن الوثائق تعكس انتهاكات «صادمة» للحقوق المدنية، «وجهلاً تاماً» في شأن روسيا.
في المقابل، اعتبر النائب الديموقراطي آدم شيف، وهو عضو بارز في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، أن الوثائق توضح بالتفصيل «لماذا كان أف بي آي قلقاً جداً لأن بيدج قد يعمل وكيلاً لقوة أجنبية»، فيما أقرّ السيناتور الجمهوري ماركو روبيو بأن لديه «وجهة نظر مختلفة عن الرئيس والبيت الأبيض حول هذا الملف»، مشدداً على أن «أف بي آي» لم يتجسّس على حملة ترامب، ومذكراً بأن بيدج «تباهى علناً بعلاقاته مع روسيا والروس».
الى ذلك، أفادت معلومات جديدة في ملف الروسية ماريا بوتينا، المُتهمة بالتجسّس، عن صلات رفيعة المستوى نسجتها في واشنطن على نحو أكبر مما هو معروف، إذ حضرت عام 2015 اجتماعين بين ألكسندر تورشين الذي كان آنذاك نائب محافظ المصرف المركزي الروسي، وستانلي فيشر نائب رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي آنذاك، وناثان شيتس وكيل وزارة الخزانة للشؤون الدولية آنذاك، لمناقشة العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وموسكو خلال عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
والاجتماعان موثقان في تقرير أعدّه «مركز المصلحة الوطنية»، ويورد نشاطات متعلّقة بروسيا بين عامَي 2013 و2015. ويعتبر التقرير أن الاجتماعين ساهما في عقد لقاء بين «شخصيات بارزة في المؤسسات المالية للولايات المتحدة وروسيا». وأكد فيشر أنه التقى تورشين ومترجمته، لافتاً الى أن الحديث تطرّق الى «وضع الاقتصاد الروسي».